شفا -يضيق الخناق شيئاً فشيئاً على التجار والمقيمين الإيرانيين في الإمارات مع توقف جميع شركات الصرافة تقريباً عن التعامل مع الريال الإيراني، سواء أكان هذا التعامل بيعاً أم شراء أم تحويلاً.
وترفض كبرى شركات الصرافة مثل “الأنصاري” و”الإمارات للصرافة” وغيرهما من الشركات التعامل بالريال الإيراني إن لم يكن بسبب العقوبات المفروضة على إيران ومصرفها المركزي، فبسبب المخاطرة التي تكتنف التعامل بالريال الإيراني الذي يعاني من هبوط حاد بفعل العقوبات الغربية.
وذكر تقرير لصحيفة “الشرق الأوسط” أعدته من خلال زيارة ميدانية لفروع أربع شركات صرافة كبرى في دبي، بالإضافة إلى الاتصال بشركات صرافة أخرى للتأكد من إمكانية تحويل مبلغ بالريال الإيراني، فكان الرد: “لا تحويل.. لا بيع.. لا شراء”.
وقال مسؤولون تنفيذيون في شركات الصرافة الكبرى في دولة الإمارات العربية المتحدة إنهم أوقفوا التعامل مع ريال إيران على مدى الأسابيع القليلة الماضية، بحسب “رويترز”.
ومنذ أواخر العام الماضي تم إلى حد كبير دفع إيران للخروج من النظام المصرفي العالمي من قبل الولايات المتحدة من خلال جولة جديدة من العقوبات التي تستهدف برنامجها النووي المثير للجدل، الأمر الذي جعل أي عملية تجارية مع إيران بالنسبة للبنوك في جميع أنحاء العالم محفوفة بالمخاطر بما في ذلك تمويل التجارة.
وفي ديسمبر توقف بنك نور الإسلامي، ومقره دبي، عن توجيه المليارات من الدولارات من مبيعات النفط الإيراني من خلال حساباته إلى إيران.
وقال محمد الأنصاري، رئيس مجلس الإدارة العضو المنتدب لشركة الأنصاري للصرافة، وهي إحدى كبرى شركات الصرافة في الإمارات، إن ضعف الريال الذي شهد سعره في السوق السوداء انخفاضاً يزيد على النصف تقريباً في مقابل الدولار الأمريكي في عام جعل مسألة التعامل مع العملة الإيرانية مخاطرة كبيرة جداً.
ولفت إلى أن معظم الشركات قد توقفت عن صرف الريال الإيراني في التعامل وذلك بسبب انخفاض قيمته في الأشهر القليلة الماضية، فضلا عن اللوائح التي تفرضها السلطات التنظيمية بالولايات المتحدة في القطاع المالي.
وأضاف “على هذا الأساس، لا أحد يود أن يجازف بالتجارة في الريال الإيراني، لأن هذا من شأنه أن يؤثر على أعمالهم”.
وكانت الإمارات قد قطعت علاقاتها مع 17 بنكا إيرانيا تماشيا مع العقوبات الدولية، على اعتبار أن هذه البنوك تصنف على أنها ضمن القائمة السوداء في الولايات المتحدة الأمريكية، منها بنك صادرات إيران وبنك ملي إيران اللذان يملكان فروعا لهما في دولة الإمارات.
وعلى ذلك يبدو الوضع صعبا ومزعجا للغاية للتجار الإيرانيين العاملين في دبي، والذين شهدوا على فترة الذروة في العلاقات التجارية بين البلدين، أما الآن فيشتكي تاجر إيراني بالقول “أسير تجارتي من دبي منذ ثلاثين عاماً، لكنني اليوم أحتاج إلى أشهر لمجرد فتح حساب مصرفي في أحد البنوك الإماراتية”.
ليس هذا فحسب فالتأمين أيضا أصبح عقبة كبيرة، حيث إن الكثير من شركات التأمين تعزف عن توفير تغطية تأمينية للبضائع المتجهة من الإمارات إلى إيران، أو بشكل عام لا تغطي شركات التأمين حاليا أي عمليات شحن متجهة إلى الموانئ الإيرانية، بينما لا تقتصر المعاناة على التجار، فهي تمتد لتشمل الأفراد ممن يجدون صعوبة في تحويل الأموال إلى إيران.
وتعمل 8 آلاف شركة إيرانية في الإمارات بشكل رئيسي في قطاع المواد الغذائية والمواد الخام والحديد والفولاذ والإلكترونيات والإطارات والمعدات المنزلية، وغيرها من المواد.
ويرى مراقبون في دبي أن استمرار الأوضاع على ما هي عليه سيدفع شركات كثيرة للإقفال، كما أنه تسبب في إفلاس أكثر من 100 تاجر إيراني، وهو ما يتضح بشكل جلي من خلال استعراض الأرقام التي تشير إلى أن حجم التجارة بين الإمارات وإيران بلغ قبل ثلاث سنوات 12 مليار دولار، وخلال عام 2010 وصل إلى ما يقرب من 7 إلى 8 مليارات دولار، بانخفاض 40 في المائة، ولا يزال الانخفاض مستمرا مع غياب أفق التوقعات بشأن ما ستؤول إليه الأمور.
من جهته، قال أسامة رحمة، المدير العام لشركة الفردان للصرافة ثالث أكبر دار للصرافة، إن انخفاض قيمة الريال جعل التعامل بالريال الإيراني مخاطرة كبيرة جدا، مضيفاً “بالنسبة لنا وجه المخاطرة يكمن في ما يتعلق بالتقلبات التي تحدث، وانخفاض القيمة التي قد تتعرض لسقوط حر من دون سابق إنذار، فإذا اشترينا اليوم وتعرضت العملة لهذا السقوط الفجائي فسنتعرض للخسارة”.
ويعيش في الإمارات نحو 400 ألف إيراني بينهم نسبة كبيرة من التجار ورجال الأعمال الذين ينشطون في عدة مجالات، على رأسها التصدير والاستيراد.
ويقول مرتضى معصوم زادة، نائب رئيس مجلس الأعمال الإيراني في دبي، إن حجم التبادل التجاري بين البلدين ينخفض بشكل مطرد يوما بعد يوم، وإن الـ10 مليارات دولار التي كانت تمثل قيمة التبادل التجاري تقترب من أن تصبح 5 مليارات في ظل التضييق الذي تمارسه البنوك، معتبرا أن البنوك الإماراتية تضاعف من حجم الأزمة على التجار الإيرانيين.