إسرائيل والحزورة الإيرانية – رغبة الطفل العنيد باللعب، بقلم : سماح خليفة
متى، وكيف، وأين… ستردّ إيران على هجمات إسرائيل؟ حزورة إيرانية بعلامات استفهام إسرائيلية، بدأت الإجابة عليها مساء السبت 13/4/2024م، تلك الحزورة التي عصفت بذهن إسرائيل، وأرّقت غرور الطفل العنيد الذي يهيمن على الساحة، بتذمره وبكائه وعناده وفعله الموسوم بالتدمير والتخريب والجعجعة، إن لم يلبِّ أبواه مطالبه بحب التملك والسيطرة على ممتلكات الآخرين، وإلحاق الضرر بهم!
إن السلوك الاستهلاكي “الماديّة” الذي يدفع إسرائيل (الطفل) إلى توسيع وتكديس ممتلكاتها، يشعرها دائمًا بعدم الرضا عن مستوى إنجازاتها، سواء بحجم الجغرافيا التي تسيطر عليها، وحجم الممتلكات التي تنهبها، والمدخرات التي تكدّسها، والأضرار التي تلحقها بأقرانها.
إن سلوك إسرائيل، الذي تَعزز، خاصة، لدى نتنياهو (الطفل العنيد)، بفعل أبويه (الولايات المتحدة وبريطانيا)، الداعمان الأساسيان في العائلة الكبرى لإسرائيل، خلق لديها مرونة أقل في التعامل مع أفعالها والردود المتوقعة عليها، فضلًا عن المشاعر السلبية الموجهة نحو الذات، التي تفتقر للحب وتقبل الآخرين، حيث إن هذا السلوك ينشأ لدى الطفل الذي يشعر بالرفض، وعدم تقبل الآخرين له، مما يدخله في عقلية ضيقة مفككة غير قادرة على النقد وتخمين النتائج، وهذا بدوره يؤدّي إلى الاندفاع والسلبية والتفكير غير العقلاني والسلوكيات غير المحسوبة، إن لم يكف الأبوان عن أسلوبهما في التعامل، ولم يجدا وسيلة تأديبية رادعة.
هذه المشاعر السلبية تولّدت لدى كل شخص في إسرائيل منذ أمد بعيد بسبب سلوكها العدواني، وفسادها وعصيانها وتمردها، الذي استدعى الحاجة لكثير من الأطباء والمعالجين لتلك الأمراض البدنية والنفسية التي تفشت وانتشرت في أفراد المجتمع، وهذا يوضح الحكمة من بعثة معظم الأنبياء في بني إسرائيل، فهو دليل على انحرافهم عن جادّة الصواب، وكيف أن محاولة إعادتهم إلى رشدهم استلزمت إرسال أكثر من 60% من الأنبياء إلى بني إسرائيل، كما نقل عن عبدالله بن عباس رضي الله عنه، حيث قال: “إن جميع الانبياء من بني اسرائيل الا عشرة”، والعشرة منهم يعقوب الذي نسجوا على اثره الكثير من الأكاذيب التي قال فيها المؤرخ الفرنسي “غوستاف لوبون”: إنه لولا سذاجة الغربيين وقصر نظرهم لما استطاع كتبة التوراة تسويق تلك الأكاذيب على الناس، وترسيخ مصطلحات قديمة مثل: العبرانيون، اليهود ، الموسويون ، بنو اسرائيل ، آل ابراهيم ، آل يعقوب ، آل عمران… وصولًا إلى “الصهيونية” التي تعني أمرًا مختلفًا تمامًا عما سبق من المصطلحات.
إن العقاب الذي سلط على اليهود عبر التاريخ منذ الأسر البابلي لم يكن رادعًا كافيًا لسلوكها (اسرائيل) المنبوذ بين الشعوب، إنما معززًا له بردود فعل لا تتلاءم مع جوهر الفعل ذاته، وخاصة عندما وجدت راعيًا وداعمًا لسولكها السلبي (الولايات المتحدة وبريطانيا…).
بالعودة إلى اللحظة الراهنة، وفي خضم الحرب القائمة على غزة إثر أحداث 7 أكتوبر 2024م، والسؤال الذي عصف بذهن كل إسرائيلي: هل يستحق قتل قائد برتبة ضابط في الجيش الإيراني خلخلة دعائم الوضع الراهن؟ ما الفائدة الحقيقية لعمليات التصفية، فضلًا عن كونها حلًا عسكريًّا؟ سوى أنها حل معنوي يفتخر به نتنياهو عندما لا تتوفر حلول أفضل للافتخار بها أمام الشعب، وتوفير جواب معنوي للمجتمع الإسرائيلي من خلال هذه الاغتيالات.
هل التوقيت مناسب لمضاعفة استنزاف قدرات إسرائيل على صعيد (إيران)، إضافة إلى صعيد (حماس)؟ أم أنه توقيت مناسب جدًا لاستنزاف جهود الشعب وصرف تركيزه عن خطر عقلية نتنياهو إلى خطر عقلية إيران عليها؟ هل هناك مساعٍ لـ “دعشنة” إيران كما “دعشنة” حماس؟
ارتباك إسرائيلي في إحصاء وحصر الصواريخ والمسيرات الإسرائيلية، ومواجهة هذا الكم الكبير من الصواريخ من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب، من الجليل، حيفا، المثلث، القدس إلى النقب، ديمونا حيث المفاعل النووي… ما الذي أراده نتنياهو؟
أراد نتنياهو من هذه الضربة الإيرانية تشكيل طوق نجاة له وصرف الشارع الإسرائيلي عن المظاهرات التي تطالب بالإطاحة به، وتوجيهه إلى ضرورة التكاتف واللحمة والوحدة الوطنية لمواجهة الأعداء، وعدم إعطائهم فرصة لخرق الشارع الإسرائيلي، فتمكن من إبعاد تظاهرات حدثت في أكثر من ثلاثين موقعًا للإطاحة به، وخاصة بعد دعوة زعيم المعارضة الإسرائيلي يائير لابيد بأن يكون يوم السبت هو تكثيف للتظاهرات الأعظم والأكبر من حيث عدد المشاركين وعدد المناطق الجغرافية، إلا أن حالة الطوارئ التي أعلنها نتنياهو، وإشغاله الشارع الإسرائيلي بالخطر الإيراني ومواجهة الضربات الإيرانية نحو إسرائيل، جعل الشعب يلجأ إلى ملاجئ ونقاط أمان، والمعارضة وأعضاء ونواب الكنيست الذين يرفضون نهج نتنياهو يتوحدون ويستبدلون المطالبة بالوحدة بالمطالبة بالإطاحة، وانتهى اجتماع الكابينيت الإسرائيلي بتفويض بيني غانتس وآيزينكوت وغالانت ونتنياهو لدراسة كيفية الرد على إطلاق المسيرات والصواريخ تجاه إسرائيل.
نتنياهو الطفل المدلل (نموذج مصغر) في ظل مجتمع مدلل (النموذج الأكبر) وحاضنة أسرية داعمة (الولايات المتحدة وبريطانية…) ستقود هذه الطفل إلى حالة جنونية من حب السيطرة والتملك والخراب التي ستستشري في المنطقة بلا حدود إن لم يستفق المجتمع الدولي، أو المجتمع الشرق أوسطي على أقل تقدير، لإيقاف هذا المرض الخبيث.