كيف يمكن لكيان إرهابي سن قوانين حول مكافحة إرهاب!!!! بقلم : هبة بيضون
إنّ مصادقة الهيئة العامة للكنيست بالقراءة التمهيدية على اقتراح قانون مكافحة الإرهاب (تعديل – التحريض على الإرهاب عبر وسائل التواصل الاجتماعي) لعام 2024، يفرض تساؤلاً مفاده كيف يمكن لكيان إرهابي أن يسن قوانين لمكافحة الإرهاب. ففي وقت عرفت إسرائيل فيه بالدولة الإرهابية إلى جانب أنها دولة عنصرية، إلا أنها وبوقاحة شديدة تتحدث عن تصويت على قانون لمكافحة الإرهاب أو تعديل عليه، والأنكى من ذلك أنها تعتبر بأنّ وضع إشارة على منشور تحريضي ضدها على وسائل التواصل الاجتماعي، وهي الكيان الغاصب المحتل، يعتبر إرهاباً، في الوقت الذي يصدر فيه قادتها وأعضاء حكومتها اليمينية المتطرفة تصريحات تحريضية بلا هوادة، وتدعو إلى ممارسة الإرهاب بحق الفلسطينيين بصورة مستمرة، ناهيك عن ممارستها لهذا الإرهاب يومياً في مدن الضفة الغربية والقدس وغزة، وذلك أمام مرأى العالم أجمع.
إنّ سنّ قوانين ضدّ الإرهاب من قبل دولة إرهابية يُعدّ تناقضاً صارخاً، فكيف يمكن “لدولة” تمارس العنف والإرهاب بأبشع وأقسى صوره، أن تُشرّع قوانين تُجرّم الأفعال ذاتها، لا أعتقد أصلاً أنه يمكنها ذلك، فهي أولاً، تفتقر إلى الشرعية الدولية والقانونية، ما يُضعف أيّ قوانين تُسنّها، ويُفقدها المصداقية والفعّالية، وذلك استناداً إلى أنّ شرعية انضمامها إلى الأمم المتحدة موضع شك وتساؤل، بالإضافة إلى أنها دولة محتلة وفق القانون الدولي، وهذا يصب أيضاً في مدى شرعيتها وما يصدر عنها من قوانين، خاصة المتعلقة بمكافحة الإرهاب.
كما أنها كدولة إرهابية تمارس الإرهاب بشكلٍ مُمنهج، وتُحاول تبرير أفعالها تحت مسميات وذرائع مختلفة، الأمر الذي يخلق ازدواجية معايير تُعيق أيّ جهودٍ حقيقية لمكافحة الإرهاب. هذا بالإضافة إلى أنّ إسرائيل لا تُخضع ذاتها، كدولة إرهابية” لأيّ نوع من المساءلة، سواء دولية أو قانونية، ما يُتيح لها الاستمرار في ممارسة الإرهاب ضد الفلسطينيين دون خوفٍ من العواقب والعقاب.
وإذا تحدثنا عن الإرادة السياسية، فلا أعتقد أنها تمتلك أيّ إرادة حقيقية لمكافحة الإرهاب، حيث لا يمكن أن تقوم بمكافحة ما يقوم به المستوطنون المسلحون ضد الفلسطينيين بحماية من النظام ذاته، وبالتالي نجد أنها تريد مكافحته وتطبيق قانون مكافحة الإرهاب فقط على الفلسطينيين، والتغاضي عمّا يقوم به الإسرائيليون من مستوطنين وأجهزة بحق الفلسطينيين، بل أنها تستخدم قوانين مكافحة الإرهاب كأداة لقمع الفلسطينيين الذي يرفضون سياساتها العنصرية الممنهجة بحقهم.
وعوضاً عن سنّ قوانين ضدّ الإرهاب أو تعديلها، على إسرائيل وقف ممارساتها الإرهابية أولاً والتوقف عن جميع أشكال العنف ضد المدنيين، واحترام القانون الدولي وحقوق الإنسان. كما عليها الإلتزام بالمعايير الدولية لمكافحة الإرهاب، بما في ذلك اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، والتعاون مع المجتمع الدولي في جهود مكافحة الإرهاب الذي تمارسه، وأن تتعاون بالتحقيقات معها أمام المحاكم الدولية المختصة، وأن تتطبق جميع قرارات مجلس الأمن الصادرة بحقها، والتي تصب جميعها في خانة وقف الإرهاب الذي امتهنته ضد الفلسطينيين، والأهم هو معالجة الأسباب الجذرية التي تؤدي إلى ما تسميه “إرهاب” من قبل الفلسطينيين، وهو التوقف من ممارسة إرهابها عليهم، وإنهاء الاحتلال الذي يعطيها، وفق معاييرها، الحق بممارسة الإرهاب ضد الفلسطينيين، وممارسة الظلم عليهم وقهرهم.
باختصار، لا يمكن لإسرائيل وفق جميع المعايير أن تقوم بسنّ قوانين فعّالة ضدّ الإرهاب، دون تغيير سلوكها ونهجها بشكلٍ جذري لتصبح جزءاً من الحلّ بدلاً من أن تكون هي المشكلة ذاتها.