حلال عليهم حرام على غيرهم، بقلم : ربحي دولة
منذ بدء الصراع العربي -الصهيوني ،وفور تأسيس التنظيمات الفلسطينيه وإنشاء منظمة التحرير الفلسطيني الإطار الجامع للكل الفلسطيني، وبالرغم من أن تأسيس حركة الاخوان المسلمين ما قبل الاحتلال إلا أن هذا الحزب لم يكن جزءً من النضال الوطني الفلسطيني بل على العكس بل كانت مهمته توجيه التهم للوطنيين وبأنهم خوارج وخارجين عن المله.
وإن أردنا الحديث عن حركة حماس الذراع الخاص بتنظيم الاخوان المسلمين في فلسطين ومنذ بداياته، لم تلتزم الحركة يوماً بالتوجه الوطني، ودائما ما كانت بحالة انفصال تام عن الحالة الوطنيه بشكل عام، ورفضت العمل ضمن القيادة الوطنيه الموحده للانتفاضه والتي كانت المحرك الرئيس لمجموعات العمل الوطني والجماهيري، بل ذهبت ببرنامج خاص بها وبقيت على هذا الحال حتى إنشاء السلطة الوطنية الفلسطينية، والتي كانت حماس تسعى لضربها متّخذةً الحجج الواهية كاعتبارها أن الاتفاق السياسي خياني وحرام شرعاً، وحرمت كل ما له علاقه بهذا الاتفاق سوى الاستفادة من منافعه، لكنها أفتت باستهداف كل ما يرتبط بالسلطة الوطنية من أفراد وخلافه،
إن المتابع لمسار القضية الفلسطينيه يدرك جيداً أن حماس بَنَتْ قوتها العسكريه في ظل وجود السلطه الوطنيه تحت شعار المقاومه بعدما حرّمته خلال السبعينات وبداية الثمانينات عندما كانت لا تزال ذراعاً لتنظيم الإخوان، وبعدما تمكنت من بناء نفسها كقوة موازية ومنافسة، حللت (بعد دعمٍ خفيّ من إدارة واشنطن) حينه المشاركة في الانتخابات التشريعيه بعدما كانت حرام شرعا وفق فتاوي قادتها، وبين ليلةٍ وضحاها أصبحت حلال! وكأنهم هم من يضعون القواعد الشرعيه ويجيروها لمصالح التنظيم متى شاؤوا.
فازت حماس بالانتخابات وشكلت بعد تكليفٍ من السيد الرئيس “محمود عباس” الحكومه التي ترأسها رئيس مكتبهم السياسي الحالي إسماعيل هنية، الذي قام بتشكيل ما يسمى بالقوة التنفيذية كأداة مستقلة عن الأجهزة الامنيه الفلسطينية القائمة، حيث كانت خطتهم في قيادة حماس تقتضي الانفصال عن الجسم الفلسطيني بما يحقق مصالح ومنهج حركتهم، كما عهدهم دائماً، وبدأ ذلك من أول لحظة لتشكيل حكومتهم، وسيطروا على غزة بقوة السلاح واستباحة النهش في جسد مَن هو خارج صفوفهم، حتى أصبحوا القوة الآمرة الناهية، مسيطرين بذلك على كل مقدرات البلد دون تحمل أي مسؤوليه اتجاه شعبنا في القطاع الذي أُخضِع بقوة السلاح والتهديد لحكم حماس، بالوقت الذي استمرت السلطه بتحمل مسؤولياتها وأداء واجبها تجاه قطاع غزه دون أي سيطره امنيه او اداريه، إذ كان نصيب قطاع غزه من الموازنه العامه اكثر من ٥١٪ ، وكان دور حماس يقتصر فقط على اختلاق كل أنواع الضرائب لجبايتها من المواطنين، التي كانت تُجمَع لصالح خزينة حماس بصفتها حكومة الامر الواقع.
كان موقف حماس العلني يرفض التفاوض مع الاحتلال واعتبار التفاوض معه خيانه، واعتبار كل الحلول المرحلية ايضا خيانه، على اعتبار ان فلسطين من النهر إلى البحر حق للفلسطينيين لا يملك أحد حق التفاوض على اقل من ذلك.
بعد أن دفعت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية الدم من أجل الحفاظ على استقلالية القرار الفلسطيني وتصدت لكل جهة حاولت السيطره عليه أو الاستئثار به لطرفٍ هنا أو هناك بعيداً عن فلسطين، تُكرّس حماس اليوم منهج تسليم القرار الفلسطيني لعدة جهات لِتفاوض وتقرر عن الشعب الفلسطيني، واصبح القرار الفلسطيني وفق ما تقوم به حماس مرهون بمواقف تلك الدول التي وكلتها حماس بالتحدث باسم الشعب الفلسطيني.
ان موقف حماس الاخير من تشكيل الحكومه الفلسطينيه يعتبر سقطة جديده من سقطات حماس المتتاليه وخاصة بعد العدوان الأخير على قطاع غزة حيث وافقت على الحلول المرحليه، وأشاحت النظر عن انشاء ميناء امريكي ظاهره لتقديم المساعدات وباطنه تهجير الشعب الفلسطيني، ووافقت ان تتحدث هذه الدوله وتلك باسم الشعب الفلسطيني لكنها ترفض أن تعترف بكون م.ت.ف هي الاطار الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وترفض أن تتحمل السلطه الوطنية الفلسطينية مسؤوليتها القانونية والوطنية تجاه احتياجات شعبنا في شقي الوطن، والذي تابع قرار تكليف الحكومه يدرك أنه جاء ضمن مهمة واضحة ومحدده هي
توحيد الشعب ومؤسسات الدولة وإغاثة أهلنا في قطاع غزة وإعادة إعماره، والقيام بإصلاحات في الأجهزة الاداريه والقضائية وصولا ًإلى استحقاق الانتخابات بثلاث مستويات.
وهنا نتساءل؛ هل والى هذه الدرجة تبدو المهمه مصدر تهديد لحماس! بحيث دفعتها الى ان تهاجمها على الرغم من ان الحكومه الجديده كانت ضمن التفاهمات المتفق عليها خلال لقاء موسكو قبل شهر بين كل الفصائل الفلسطينيه بما فيها حماس والجهاد الاسلامي!
كان الاولى بحركة حماس أن تتمسك وتصوت حرمة الدم الفلسطيني، وبكل موقف من شأنه خدمة القضيه الفلسطينيه وفق رؤيا وأجندات وإجماع فلسطيني، وان تبتعد في هذه المرحلة بالذات عن اي موقف يضعف الجبهة الداخليه في اصعب مرحلة مرت على القضية الفلسطينيه، فالحلال بيّن والحرام بيّن.