الكساد شبح يلاحق تجار الضفة منذ السابع من اوكتوبر، بقلم : نادين روز علي
ما ان تسير في شوارع مدن رام الله او الخليل او نابلس او جنين او غيرها من مدن الضفة الغربية حتى تدرك حجم الكساد الذي أصاب هذه المدن منذ السابع من أكتوبر، والواقع ان هذه المدن أصابها الكساد لعدة عوامل كانت نتيجة لما حدث في السابع من أكتوبر، العامل الأول هو اغلاق أبواب (إسرائيل) امام العمال الفلسطينيين والذين يتجاوز عددهم الربع مليون عامل اصبحوا فجاة دون مصدر رزق وهؤلاء في الواقع هم من يشكل القوة الشرائية الأولى في السوق الفلسطيني وهؤلاء أيضا يتوزعون جغرافيا على كل الضفة الغربية وهؤلاء يقسمون الى قسمين الأول قسم استطاع ان يوفر مبلغا ماليا بات يشكل بالنسبة له صندوقا يستخدمه في انتظار انتهاء الازمة والعودة الى العمل في الداخل المحتل والقسم الثاني وهو الاغلب كان يعيش(يوما بيوم) ولم يستطع توفير مبلغ يستخدمه حتى مرور الازمة الحالية, اما العامل الثاني في هذه الكساد فهو الموظف الفلسطيني الذي لم يحصل على راتبه الكامل منذ اشهر طويلة ومع السابع من أكتوبر تعمقت ازمته مع الخصومات على راتبه والتي وصلت الى خمسين في المائة, الموظفون الفلسطينييون الحكومييون يشكلون القوة الشرائية الثانية في الضفة الغربية وهؤلاء غالبيتهم العظمى يحاولون عدم صرف ما يصلهم خلال الشهر الا بما هو ضروري واساسي ويبتعدون في حياتهم بشكل عام عن الكماليات، اما العامل الثالث في حالة الكساد فهي غياب الفلسطينيين من مناطق العام 1948 عن الأسواق الفلسطينية بسبب الإجراءات التي اتخذها الاحتلال الإسرائيلي بعد السابع من أكتوبر من اغلاق للمعابر والحواجز الواصلة بين المناطق المحتلة في العام 48 وبين الضفة الغربية، هؤلاء كانوا في بعض المدن الفلسطينية مثل جنين وقلقلية ونابلس يشكلون القوة الشرائية الثالثة لان كثير منهم كان يستفيد من إجازة يوم السبت للمجيء الى الضفة الغربية للتسوق وأيضا لقضاء إجازة تكلفتها اقل بكثير من تكلفتها في الداخل المحتل، كل هذه العوامل التي جاءت نتيجة للسابع من أكتوبر خلقت حالة الكساد في الضفة الغربية وجعلت الكثير من التجار الفلسطينيين اما يقلصون من أعمالهم او يقلصون من العمالة مما زاد من حجم الازمة الاقتصادية والتي يتحدث عنها بعض أساتذة الاقتصاد بانها الأكبر منذ العام 2000 أي منذ الانتفاضة الفلسطينية الثانية، اليوم يحتاج الفلسطينييون في الضفة معجزة كي يتجاوزون هذه الازمة، وعليه يحتاج الاقتصاد الفلسطيني في الضفة الغربية اليوم الى عمل دؤوب من قبل السلطة الفلسطينية بوصفها صاحبة الولاية من اجل ان لا تتحول الازمة الاقتصادية الى كارثة وهذا الامر يحتاج الى فرص عمل ومشاريع قادرة على استيعاب نسبة من العمالة الفلسطينية التي كانت في الداخل الفلسطيني المحتل ونحن بحاجة أيضا الى ان يتحول الاقتصاد الفلسطيني الى اقتصاد منتج وليس اقتصاد مستهلك كما هو الوضع الحالي، الاحتلال الإسرائيلي يضعنا اليوم في ازمة تضاف الى ازماتنا السياسية والاجتماعية وهي الازمة الاقتصادية، علينا ان نتغلب عليها بارادتنا في البقاء وارادتنا هي المؤشر في النجاح والتخلص من حالة الكساد الأصعب التي نعيشها منذ ربع قرن، مطلوب منا ان نعرف أسباب الازمة الحالية وان نجد حلولا لها دون المزاودة على واقعنا او جلد الذات لان ذلك لن يفيد على الاطلاق في انهاء ما نعيشه اليوم.