ونشرت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية لأول مرة خرائط تنفيذ العملية، التي لقبت فى حينها باسم “عملية السهم الأسود”، موضحة أن العملية تمت بواسطة نائب قائد “كتيبة الانتقام” آرئيل شارون يوم 17 كانون الثاني عام 1955 عندما فاجئوا القوات المصرية، التى كانت موجودة في القطاع.
وأعادت الصحيفة نشر مقتطفات من تقريرها، الذي كتبته عقب العملية يوم 25 كانون الثاني على صفحتها الأولى، والذي جاء فيه بأن إسرائيل ردت على سلسلة الهجمات من جانب الفدائيين المصريين على الإسرائيليين بعدد من المناطق الإسرائيلية بتوجيه ضربة موجعة لمصر، لتوصيل رسالة للقيادة المصرية برئاسة الزعيم جمال عبد الناصر مفادها أن أي عملية فدائية جديدة ستكون نتيجتها حصيلة دامية عليها.
وأوضحت الصحيفة أن الانتقام الإسرائيلي جاء بعد وقت قصير من العمليات المصرية داخل قطاع غزة ضد الإسرائيليين فى عملية سميت حينها بـ”السهم الأسود”، بعد أن قرر وزير الحرب الإسرائيلي فى ذلك الوقت دافيد بن غوريون وموشيه دايان، رئيس هيئة أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي القيام بالمهمة التي فرضت على قائد كتيبة المظليين الكولونيل آرئيل شارون ونائبه أهارون ديفيد.
وأوضحت أن الهدف من العملية كان الانتقام من مصر بعملية كبرى، مشيرة إلى أن رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلى فى حينها موشيه دايان أكد في مقال لاحق له نشر العام 1964 أن الهدف من عملية “السهم الأسود” لم يكن الانتقام أو العقاب، ولكن الهدف الرئيسي كان “الردع” لوحدات الفدائيين سواء من مصر التي كانت تعمل ضد إسرائيل أو أي وحدات من الدول العربية الأخرى.
وأضاف موشيه ديان خلال مقاله، الذي أعادت يديعوت نشر مقتطفات أيضا منه، أنه قد أعطى الأوامر لتنفيذ عمليات ضد مصر على أراضيها، مشيرا إلى قطاع غزة، الذي كان تحت السيادة المصرية، موضحا أن هذه العمليات تعد العقوبة المناسبة للمصريين ردا على استهداف القادة العسكريين الإسرائيليين ولتنبيههم بأن الدم اليهودي لن يذهب دون انتقام.
وأوضحت الصحيفة أنه منذ عام 1953 قامت الوحدة 101 تحت قيادة شارون بالاستعداد للانتقام من المصريين عبر الحدود المشتركة، مشيرة إلى أن كتيبة المظليين التي أجرت العملية تم تأسيسها في وقت لاحق من الوحدة 101، لافتة إلى العديد من الجنود والضباط كان لديهم طموح كبير للانضمام إليها.
وأشارت الصحيفة إلى أن تلك الكتيبة شاركت في منتصف شهر أكتوبر 1973 فى عبور قناة السويس وعمل الثغرة بقيادة الجنرال آرئيل شارون، زاعمة بأن تلك العملية واحدة من اللحظات الأكثر أهمية التي غيرت من مجرى الحرب.
وأوضحت يديعوت أن عملية “السهم الأسود” في أرشيف الجيش الإسرائيلي تعد من أهم العمليات وأنها فرضت من قبل شارون وديفيد للرد على أعمال القتل والمخابرات من جانب المصريين فى قطاع غزة، وقال شارون إن الهدف من هذه العملية هو الدخول معسكر للجيش المصري في قطاع غزة وقتل جميع الجنود وتفجير كل الأسلحة والقنابل الموجودة فيه، وتخريب منشآته بالكامل حتى تتم العملية بنجاح.
ونقلت “يديعوت” عن العميد المتقاعد بالجيش الإسرائيلي عوزى عيلام، نائب قائد العملية، والذي حصل على ميدالية شرف قوله: إن الهدف من العملية كان هو القتل والثأر من مصر وتفجير معسكر الجيش في غزة.
وحول الخسائر البشرية فى صفوف الجنود المصريين، قالت يديعوت إن الكتيبة الإسرائيلية قتلت الجميع حتى الجرحى منهم، ولم تترك أحدا على قيد الحياة، كما قامت بتفجير المعسكر بالكامل وأن قوات المظليين الإسرائيليين نجحوا في تفعيل عنصر المفاجأة في الدقائق القليلة الأولى.
وقالت إن العملية قام بها خمسة من قادة سلاح المظليين كان على رأسهم السفاح ديفيد، بالإضافة إلى قوة ثالثة بقيادة مات داني، بالإضافة لديفيد بن اليعازر، الذي شغل منصب رئيس هيئة الأركان بالجيش الإسرائيلي عام 1973، وانضم بعد ذلك لقيادة شارون من قسم التدريب فى هيئة الأركان العامة.
وكشف شارون أن جهاز الاستخبارات العسكرية وصلت له معلومات تفيد بأن القطاع به العديد من القوات المصرية، وأن معظم معرفته للمنطقة تعتمد على الصور الجوية التي أثبتت صحتها، فتم العمل من خلال الاستطلاع في الكتيبة على رصد كل المعلومات عن معسكر الجيش المصري، في الوقت الذى كانت تخشى فيه أن يعبر المصريون بها وبالتالي يقوموا بحالة التأهب.
وأضافت “يديعوت” أن ضابط المخابرات والاستطلاع قدم للعقيد شارون صور الخرائط الجوية لغزة وفك رموزها، حتى تبين من خلال الصور الجوية السياج حول المخيم، الذي خطط لاختراقه من الداخل عن طريق قوات المظلات للسماح لدخول القوات الإسرائيلية الأخرى من الخارج.
وأضافت الصحيفة: يوم 28 شباط 1955 وفي تمام الساعة الثانية ظهرا قامت قوات إسرائيلية بالتوجه نحو الجنوب لتعطيل أنشطة المخابرات المصرية والحفاظ على السرية المطلقة للعملية، وذلك فى خلال خمس عشرة دقيقة لجمع كل المعلومات عن المعسكر.
وعن تفاصيل المجزرة الإسرائيلية قالت الصحيفة خلال تقريرها المطول: عندما أعطيت الأوامر للخروج بدأت قوة للتحرك غربا وعبرت الحدود، وبعد توقف قصير هناك جاءت المكالمة من قيادة الجيش الإسرائيلي بالتنفيذ، وعلى الفور بعد إطلاق الرصاصة الأولى سرعان ما بدأت المعركة.
وأضافت الصحيفة أن انعدام التنسيق وعدم وجود وسائل الاتصال بعد هجوم الإسرائيليين أدى لزيادة سقوط المصريين، ثم تم استدعاء تعزيزات عسكرية مصرية بعد أن تم قتل 23 جنديا مصريا، ثم ارتفع العدد في نهاية العملية باستشهاد 36 جنديا مصريا وإصابة 28 آخرين، وفى اليوم التالى للعملية قالت الصحيفة: قتل العديد من الجنود المصريين فى المعارك لا توجد إصابات بين الإسرائيليين.