“ابنة الشهيد وأنا” بقلم: د. تهاني بشارات
القصة تبدأ في يوم عادي في مدينة جنين في مركز تدريس خصوصي “مركز تاليا للتميز “، حيث كنت المسؤولة عن الادارة ومتابعة الطلاب باللغة الانجليزية فكان يحضر الطلاب للدراسة اليومية وتحضير الدروس رغم الأوضاع الصعبة التي يمر بها الفلسطينيون ،كانت الساعة الثالثة والنصف بعد الظهر فإذ بنا نسمع أصوات انفجارات و إطلاق نار عنيف ،اقتحم الجيش الاسرائيلي المدينه، سمعنا صوت صفارات الإنذار وأزيز الرصاص ،طبعا حاولت تهدئة الطلاب وهاتفي المحمول بيدي للرد على أهالي الطلاب ،طبعا حضر معظم الأهل لأخذ أولادهم ومرت بسلام وبقيت أنا والطالبة سما ابنة الشهيد،وسما طالبة بالصف الثالث وكانت ترتجف من الخوف،وتبكي
فقلت لها : لا تخافي أنا معك والله معنا
سما : لا أريد الموت ،أنا خائفة جدا ،أريد أمي
حاولت تهدئتها واتصلت بأمها، فقالت لي: لا أستطيع الوصول ،جيش الاحتلال بالمنطقة ولا يوجد أحد هنا،فأجبتها على الفور سأغلق المركز لأن أخي قادم لأخذي فالوضع خطير وسآخذ سما معي للبيت لا تقلقي نحن أخوات وهي أمانة عندي وبالفعل حضر أخي خليل لأخذي وخاطر بنفسه، فركبنا السيارة وكنا نسمع صوت الانفجارات وكانت سما خائفة تبكي وبكل صراحة أنا أيضا خائفة وكنت أتلو القرآن الكريم وأدعو من كل قلبي بالسلامة للجميع ولي ولأخي ولسما
أنا سألت سما : هل أنت بخير؟
أجابتني : لا أنا خائفة وقالت لي لو أن أبي موجود لأتى وأخدني إلى البيت لماذا أبي استشهد وتركني وحيدة؟ لماذا قتلوه ؟ وهنا صمت أخي قليلا وقال : لا حول ولاقوة إلا بالله العلي العظيم وأنا صعقت وقلت لها: رحمه الله يا صغيرتي ،يجب أن تكوني شجاعة يا سما فأنت مميزة وجميلة.
أجابت سما: أنا خائفة من الموت فنحن أطفال فلسطين لا نكبر كثيرا ونموت ونحن صغار بسبب الاحتلال فهم يقتلون الكبير والصغير.
أنا: لا تخافي إن الله معنا وسوف تكبرين وتصبحين ما تشائين غاليتي.
أجابت سما : أحب أن أصبح طبيبة لأعالج الناس في فلسطين وأنقذ حياتهم.
أجبتها: إن شاء الله سوف تصبحين أفضل طبيبة.
وبعد عناء طويل ومرورنا بطرق فرعية وصلنا البيت بسلامة والحمد لله ،ومر اليوم وانسحب الجيش من المدينة بعد التخريب والدمار وأوصلت سما لبيتها سالمة وقلت في نفسي ،ما أصعبك يا حياة وما أقساك ..هنا فلسطين
لقد مررنا بيوم صعب ومؤلم. نحن نعيش تحت الاحتلال والحصار والقصف. كل يوم نفقد أحبابنا وأصدقائنا وجيراننا.
كل يوم نشهد مشاهد الدمار والموت. لكننا لم نفقد الأمل والإيمان. سوف نضل نصلي وندعو ونناضل. سوف نضل نحلم بالحرية والعدالة والسلام.،، سوف نضل نحلم .