تشظّي الخطاب الفلسطيني – رسميّا وشعبيّا ، بقلم : أسماء ناصر أبو عيّاش
لئن كان قدر الفلسطيني وجوده في أرض الرباط وأرض السلام التي لم تعرف يوماً سلاما، فحريّ بقادته أن يكونوا على قدر تضحيات هذا الشعب وعطائه.
في جولة سريعة على عديد الفضائيات والمحطات الإذاعيّة الفلسطينيّة وتنوّع توجّهاتها، نلحظ أن كلاً يغنّي على ليلاه، وكلّاً يستخدم اسم فلسطين لتسويق أجندته.
حينما قال الشهيد القائد أبو عمّار أننا نمارس ديمقراطيّة في غابة من البنادق، بدا جليّاً جدليّة القوّة وحرّية الفكر والرأي من خلال ديمقراطيّة لا تتعارض والصالح العام والمبدأ الأسمى وهو فلسطين. لكن أي فلسطين هذه التي نريد؟
في تتبّع بانوراما الخطاب الفلسطيني نجد أن لا خطاباً شاملاً موحّداً متوافقاً عليه… كيف ذلك؟ يتصدّر الخطاب الرسمي الفضاء والمدى ليدعو إلى حلّ شامل وإقامة دولة فلسطينيّة على حدود الرابع من حزيران وتكون القدس الشرقيّة عاصمتها، هنا ندخل في إشكاليّة أي شرق يعني هذا، فالقدس الشرقيّة تتراوح أبعادها من الحدود التي فُرضت في نكسة الرابع من حزيران وحتّى تصل إلى شرقها، ولا مجال هنا لذكر المواقع والبلدات. وهذا حلٌ لا يوافق أيضا إرادة الشعب؛ بل فرضه عوار الشرعيّة الدوليّة.
من يستمع للخطاب الرسميّ أثناء العدوان الإسرائيلي على غزة والضفّة، لا يلوي على شيء سوى الركون لإيمان العجائز والدعاء بالحوقلة والحسبنة، والتوكّل دونما فعل، أو لنقل التواكل.
ثم يطلع خطاب يدعو إلى إقامة دولة فلسطينيّة على كامل التراب الفلسطيني، من البحر إلى النهر، دولة لكل مواطنيها، وقد وجد هذا الخطاب قبولاً من جهات فلسطينيّة تؤمن بالتعايش مع محتل صراعنا معه صراع وجود من حيث المبدأ.
يتخبّط الانسان الفلسطيني ما بين الخطابين وشعاراتهما، ليطلع خطاب يدعو إلى القبول بالأمر الواقع وإنهاء القضيّة الفلسطينيّة بتجزئة الأرض وإلحاقها بدول الجوار.
هناك خطاب متساوق مع اتفاقيّة أوسلو، وخطاب رافض، كلّ له جماهيره ومساحاته.
لعلّ ما استجد من أحداث وتداعيات العدوان الإسرائيليّ على غزّة والضفة الفلسطينيّة وبطولة وصمود كلتيهما، يستدعي أن يتصدّر المشهد الفلسطينيّ خطاب ثوريّ موحد غير ذرائعيّ من قائد فذّ شعبيّ غير براغماتي، خطاب أكثر صدقيّة وأكثر وضوحاً.
قيل في موروثنا الشعبيّ: “اللي بجرّب المجرب عقله مخرّب”… وفلسطيننا تستحق قائداً فذاً يستثمر اللحظة الثورة مستعداً للتضحية ومؤمناً بحتمية النصر.