الأسباب التي ذكرها د. اشتية لاستقالة حكومته تثير التساؤل المشوب بالقلق، بقلم : المحامي زياد أبو زياد
استمعت عدة مرات الى البيان الذي القاه دولة رئيس الوزراء الأخ د. محمد اشتية معلناً أنه قدم استقالة حكومته الخطية الى سيادة الرئيس محمود عباس، وأوضح أسباب استقالة حكومته قائلاً، وأنقل قوله حرفياً:
“يأتي هذا القرار على ضوء المستجدات السياسية والأمنية والاقتصادية المتعلقة بالعدوان على أهلنا في غزة، والتصعيد غير المسبوق في الضفة الغربية ومدينة القدس، وما يواجهه شعبنا وقضيتنا الفلسطينية ونظامنا السياسي من هجمة شرسة وغير مسبوقة، ومن إبادة جماعية ومحاولات التهجير القسري والتجويع في غزة، وتكثيف الاستيطان وإرهاب المستعمرين، واجتياحات متكررة في القدس والضفة للمخيمات والقرى والمدن وإعادة احتلالها، والخنق المالي غير المسبوق أيضا، ومحاولات تصفية وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين، والتنصل من كل الاتفاقات الموقعة، والضم المتدرج للأراضي الفلسطينية، والسعي لجعل السلطة الوطنية الفلسطينية سلطة إدارية أمنية وبلا محتوى سياسي.”
ولا شك بأن التمعن بأسباب الاستقالة يعطي الانطباع بأننا مقبلون على زلزال سيقوم بتفجيره الأخ الرئيس أبو مازن في القريب العاجل وأن استقالة الحكومة ليست سوى إشارة الإنذار الأخير الذي تضعه القيادة الفلسطينية أمام العالم، بأنه وعلى ضوء الأسباب التي بينها الأخ رئيس الوزراء في بيانه أعلاه ، وجميعها أسباب محقة وحقيقية، لم يعد هناك مبرراً لاستمرار وجود السلطة الفلسطينية وأنه اذا لم يبادر العالم وخاصة الإدارة الأمريكية الى معالجة الأسباب التي وردت أعلاه فلا مبرر ولا داعي لاستمرار وجود السلطة كسلطة إدارية أمنية بدون محتوى سياسي.
فأسباب استقالة حكومة الدكتور اشتية تتنافى مع الاشاعات التي انتشرت في الأسابيع الأخيرة بأن هناك أبوابا يتم فتحها نحو أفق مستقبلي، وأن الخطوة الأولى نحو ذلك الأفق تتمثل في استقالة الحكومة الحالية المحسوبة على حركة فتح والتي رئيسها د. اشتية هو عضو في اللجنة المركزية لحركة فتح رأس الهرم القيادي لهذه الحركة، وتشكيل حكومة تكنوقراط تتولى المسؤولية في المرحلة الانتقالية بما في ذلك ترتيب البيت الداخلي والاعداد لإجراء انتخابات وإعادة الشرعية الانتخابية لمؤسسات السلطة الوطنية خلال عامين، وبنفس الوقت الاشراف على إعادة اعمار قطاع غزة، وإعادة تأهيل مليوني مواطن هناك تم تدمير بيوتهم وحياتهم واقتصادهم وما لهم من بنية تحتية اجتماعية وصحية وتعليمية واقتصادية، والتي تتطلب مليارات من الدولارات وسنوات طويلة من العمل الدؤوب الجاد، والذي أعتقد شخصياً بأن أية حكومة مهما كانت كفاءة أعضائها ومواردها لا تستطيع القيام بتلك المهمة التي تتطلب أن تتفرغ لها هيئة مهنية متخصصة مستقلة غير خاضعة لإشراف الحكومة ولإجراءاتها البيروقراطية، ولها ذمة مالية مستقلة ولكنها تخضع لألية رقابة ومساءلة إما برلمانية أو مجلس أمناء أو ما يشبه ذلك.
الأسباب التي أوردها الأخ الدكتور اشتية لا تمت للمستقبل بصلة، وأقصد الاعداد لاستقبال حكومة تكنوقراط، وتتضمن إيحاء بأنه اذا لم تتوقف وتنتهي كل الممارسات الإسرائيلية التي أوردها في أسباب استقالته فإنه لا مبرر لاستمرار وجود السلطة.
ويبقى السؤال الحائر: هل نحن على أعتاب قرارات رئاسية مصيرية تقلب الطاولة، أم أن الأخ اشتية “فش غله” قبل أن يحزم حقائبه ويرحل من مبنى رئاسة الوزراء مع أنني أستطيع المقامرة بالقول بأن بقاءه في مبنى رئاسة الوزراء رئيسا لحكومة “تسيير أعمال” قد يستمر لعدة شهور قادمة إن لم يكن أكثر.