تعطل عمل الأونروا….ماذا خلف الستار؟؟ بقلم : أماني الشريف
تأسست الأونروا بموجب القرار رقم (302) ، الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في 8 كانون الأول /1949، لتقديم المساعدة والحماية والتشغيل للاجئين الفلسطينيين، وباشرت عملها في شهرأيار عام 1950، ونظرا لعدم إيجاد الحلول لقضية اللاجئين ، جددت الجمعية العامة للأمم المتحدة ولاية الأونروا مرارا وتكرارا حتى 30 حزيران عام 2023.
عرفت الأونروا اللاجئين الفلسطينيين أنهم:” الأشخاص الذين كانت فلسطين مكان اقامتهم الطبيعية خلال الفترة بين تموز1946 وحتى آذار 1948، والذين فقدوا منازلهم ومورد رزقهم نتيجة حرب 1948، إضافة الى أبنائهم والمنحدرين من أصلابهم”.
بدأت الأونروا عملها في الاستجابة لاحتياجات نحو 750ألف لاجئ فلسطيني، أما اليوم فقد ارتفع العدد الى حوالي 6 ملايين لاجئ فلسطيني، وتتمحور أولويات الأونروا في عدة مجالات أهمها: التنمية البشرية والخدمات الإنسانية التي تشمل التعليم الابتدائي،المهني، الرعاية الصحية الأولية، شبكة الأمان الاجتماعي، الدعم والبنية التحتية، تحسين المخيمات ، الإقراض الصغير والاستجابة الطارئة، بما في ذلك في حالات النزاع المسلح.
وفي ظل الحرب دائرة الرحى على غزة، قامت الولايات المتحدة وما لا يقل عن 12 من حلفائها بسحب التمويل لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، في أعقاب مزاعم إسرائيل بأن بعض موظفيها متورطين في هجوم حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول، وعلى إثر ذلك قامت الاونروا بطرد عدد من موظفيها وفتحت تحقيقا بذلك، ووعدت بأن أي شخص ثبتت مسؤوليته وتبين تورطه في هجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول سيخضع للمسائلة “بما في ذلك من الملاحقة الجنائية” .
الأونروا بالنسبة للفلسطينيين هي الضامن لهم لحق العودة لأرضهم، وهي بالنسبة للفلسطينيين الموجودين على الأرض في غزة، قارب النجاة، وبدونها يفقدون الأمل في الحياة، وإيقاف عملها يعني مزيدا من الجوع والفقر والحرمان الذي سيؤدي في نهاية المطاف الى الموت بلا محالة.
أعرب سكان غزة خلال عدة لقاءات أجريت معهم من قبل القنوات المحلية الفلسطينية عن استياءهم من قرار تعليق الدعم للأونروا قائلين:” الأونروا هي شريان الحياة بالنسبة لنا ، وفي حال إيقاف عملها سنموت جوعا بمعنى الكلمة، نحن نعتمد عليها ليس فقط في المساعدات، وانما في الرعاية الصحية، فالعديد منا يعاني من أمراض مزمنة وبحاجة الى الدواء ، ناهيك عن الحرب المشتعلة في القطاع، وهي معاناة أخرى “.
إن عملية تعليق الدعم للأونروا ما هي الا قرارا ذا بعد سياسي يرمي في المحطة الأولى الى محو هذه المؤسسة لما لها من دور ورمز قانوني مرتبط بقضية اللاجئين وحقهم في العودة، فوجودها يعزز الارتباط بالوطن والأرض خاصة وأن ديباجة قرار انشاء الوكالة رقم 302 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، إضافة الى الفقرتين الخامسة والفقرة العشرين من القرار تؤكد على أن عمل الاونروا لا يجب أن يخل بتنفيذ الفقرة 11 من القرار 194 الصادر عن الجمعية العامة والذي ينص على حق العودة واستعادة الممتلكات كما يلي :
” تقرر وجوب السماح بالعودة، في أقرب وقت ممكن، للاجئين الراغبين في العودة الى ديارهم والعيش بسلام مع جيرانهم، ووجوب دفع تعويضات عن ممتلكات الذين يقررون عدم العودة الى ديارهم وعن كل مفقود أو مصاب بضرر، عندما يكون من الواجب، وفقاً لمبادئ القانون الدولي والإنصاف، أن يعوض عن ذلك الفقدان أو الضرر من قبل الحكومات أو السلطات المسؤولة”.
“وتصدر تعليماتها الى لجنة التوفيق بتسهيل عودة اللاجئين، وتوطينهم من جديد، وإعادة تأهيلهم الاقتصادي والاجتماعي، وكذلك دفع التعويضات، وبالمحافظة على الاتصال والوثيق بمدير إغاثة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين، ومن خلاله بالهيئات والوكالات المتخصصة المناسبة في منظمة الأمم المتحدة”، وهذه الفقرات تقودنا الى السؤال حول ماهية موقف الجمعية العامة من قرار تعليق التمويل؟
وردا على ذلك تجدر الإشارة والتنويه الى أن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش ناشد الدول التي علقت تمويلها للأونروا، وحثها على إعادة النظر في قراراتها قائلا : ” أناشد بشدة الحكومات التي علقت مساهماتها، أن تضمن على الأقل استمرارية عمليات الأونروا، يجب تلبية الاحتياجات الماسة للسكان اليائسين الذين يخدمهم موظفو الاونروا”.
إن هذا القرار والذي اتخذته 16 دولة حتى الآن إضافة الى الاتحاد الأوروبي بقطع التمويل ولحين انتهاء التحقيق ما هو إلا مخالفة صريحة لجميع القيم والمعايير الإنسانية، ويتنافى مع القرارات الأممية، ويعمل على تأجيج الوضع السياسي في المنطقة بأسرها بدلا من العمل على تحقيق الأمن والاستقرار وتخفيف المعاناة عن الشعب الفلسطيني الذي يتعرض لحرب مدمره طالت الأرض والبشر والحجر، وتنافت مع جميع الأعراف والمواثيق والقوانين الدولية، ويتحتم على المجتمع الدولي قاطبة كسر حاجز الصمت الذي يجللهم والوقوف الى جانب الفلسطينيين وتخفيف معاناتهم وتحقيق أدني متطلبات الحياة لهم بدلا من الوقوف بموقف معاد كمن يريد القضاء على الجنس البشري دون هوادة، وعلى شعوب العالم الأحرار الضغط على حكوماتهم لثنيها عن قراراتها وتكثيف مساعدتها للأونروا بدل من اتخاذ القرارات بتعليق دعمها.