
نهاية المشروع الصهيوني وتنامي المشروع الوطني الفلسطيني (الجزء السادس) بقلم : غسان ابو نجم
ان المشاريع السياسية والاقتصادية التي خطط لها الاحتلال الصهيوني والتي شملت الارض الفلسطينية والمنطقة العربية بالتعاون مع رأس الشر العالمي والتنسيق مع بعض الانظمة العربية الرسمية مشاريع في غاية الخطورة ليس فقط على القضية الفلسطينية وإنما تضع المنطقة العربية وربما الإقليم تحت قيادة الكيان الصهيوني منهية بذلك المشروع القومي النهضوي العربي لقد كان العامل الحاسم في افشال هذه المشاريع صمود ووعي شعبنا الفلسطيني ومقاومته وقواه الحية اولا وقوى وشرفاء هذه الأمة التي شكلت لاحقا محور المقاومة والتي شكلت المقاومة الوطنية الفلسطينية رأس حربتها وفوت فرصة تحقيقها نتيجة تمسكه بارضه ومقاومته وحقه في العودة وتقرير المصير ورغم المرونة التي اظهرها هذا الشعب في التعامل مع بعض مخططات التسوية كاتفاق اوسلو الا انه ظل متمسكا بحقه التاريخي بارضه ووطنه ومدافعا عنيدا عن شرعية وجوده ونضاله التي لم يذخر الاحتلال جهدا في اجتثاثهما عبر الوسائل العسكرية او الصفقات السياسية واسقط هذه الاتفاقات بعد مرور العديد من السنين والتف حول مقاومته وأصبح الحديث عن اوسلو واتفاقاتها مجرد هرطقة سياسية.
.ان اتفاقات اوسلو لا تقل خطورة عن هزيمة حزيران ٦٧ حين اجتاحت قوات الاحتلال الصهيوني مدن وقرى الضفة الغربية والقدس ووصلت الى الحدود الاردنية مسقطة بذلك برامج الانظمة العربية التي استندت الى خطابات نوري السعيد واغاني النصر والتحرير في اذاعة صوت العرب
ما لم يتم التركيز عليه في مجريات هذه الحرب أمران هامان
الاول: حجم التضليل الاعلامي الرسمي وغياب الاعلام المقاوم في مواجهة هذه الحرب وحتى وقت حدوثها إلى حد اعتقاد الجماهير الفلسطينية ان من دخل الضفة الغربية من دبابات ليست دبابات صهيونية بل عربية عراقية ومصرية وقوبلت بالتصفيق والأهازيج قبل ان تكتشف جموع الجماهير المضللة انها صفقت وهتفت لاحتلال وطنها
الثاني: سرعة وكاريكاتورية انسحاب الجيوش النظامية العربية من ساحة المعركة وكأن البحر ابتلعها فلم تشهد الأرض الفلسطينية واقعة حرب حقيقية في أي جبهة من الجبهات وهذا يدلل على عمق المؤامرة الرسمية العربية وليس قدرات وفعالية القوة العسكرية لجيش الاحتلال
ان هزيمة حزيران ٦٧بما حملته من آثار وابتلاع للارض الفلسطينية وتمدد الاحتلال الصهيوني فيها اتت نتيجة لحرب ومعركة وإن لم تكن متكافئة وتم احتلال الارض بالقوة وإحلال لمغتصبين بدل الشعب صاحب الأرض الذي قاوم بامكانياته المتواضعة هذا الاحتلال ورفض وجوده مؤكدًا عدم شرعية هذا الاحتلال من جهة وعدم اعترافه بأحقية الاستيلاء على وطنه من جهة اخرى وهنا تكمن خطورة اتفاقات أوسلو التي اقر بها النهج التفريطي المتنفذ في منظمة التحرير الفلسطينية والتي لم تكن الا نتاجا لسلسلة من التنازلات والتفريط بدأت باقتراح حل الدولتين وتعديل الميثاق الوطني الفلسطيني ومؤتمر مدريد ان ما يجعل اتفاقات اوسلو أشد خطورة من هزيمة حزيران ٦٧ انها تمت بإقرار واعتراف فلسطيني من قبل اليمين المتنفذ والمهيمن على القرار الفلسطيني بالاحتلال الصهيوني للأرض الفلسطينية وبشرعية احتلاله للأراضي الفلسطينية عام ٤٨ بما فيها الشطر الغربي من القدس وشرعية وجوده في مناطق من الضفة الغربية قسمت الف وباء وسي ليصبح الوجود الصهيوني في هذه الارض وجودًا شرعيا وقانونيا ويحظى باهتمام واعتراف فلسطيني وعربي ودولي واي مقاومة لهذا الوجود هو تعدي سافر على الشرعية التي اكتسبها باعتراف كامل من ممثلي هذا الشعب (السلطة الفلسطينية لاحقًا)وان المقاومة الفلسطينية المعارضة لهذا الوجود الشرعي تعتبر مناهضة للأعراف الدولية وارهابية ومن حق الكيان الصهيوني المكتسب للشرعية مناهضتها والدفاع عن وجوده الشرعي كذلك يعني التنازل الفعلي عن ٨٠٪من فلسطين التاريخية لصالح الاحتلال مقابل جزء بسيط من الأرض الفلسطينية يجثم فوق صدور ما تبقى من الشعب الفلسطيني سلطة ريعية عملت كوكيل أمني للاحتلال تحافظ على شرعية وجوده التي منحتها له وتقتل وتسحل وتعتقل كل من يقاومه
ولم تقف خطورة هذه الاتفاقات عند حدود الشعب الفلسطيني بل تعدته لتطال كل مقاوم عربي او عالمي ان كان على هيئة أفراد او احزاب أو دول تطالب أو تعمل على استعادة الحق الفلسطيني أو تدافع عنه بحجة ان ممثلي هذا الشعب هم من اعطوا الشرعية لهذا الوجود الصهيوني وانتم لستم أحرص من أصحاب القضية عليها وان الكيان الصهيوني كيان قائم وشرعي ومعترف به فلسطينيا وعربيا ودوليا ومن حقه الدفاع عن شرعية وجوده وبالتالي حكما سفط عنه صفة الاحتلال أو الاغتصاب بل كيان شرعي له حقوقه الكاملة في الأرض التي اقام كيانه عليها وهذا ما لم تستطع انجازه حرب حزيران عام ٦٧ التي رغم خطورتها لم تسقط عن الوجود الصهيوني صفة الاحتلال ولم تمنحه الشرعية إبدأ مما يؤكد على قدرة شعبنا وصموده وتمسكه بمقاومته التي بفضلها استطاع وبعد سنوات من المثابرة على النضال إلى تحويل هذه الاتفاقات إلى مجرد حبر على ورق رغم سنوات الالم التي عاشها ولا زال يعيش بعض آثارها في ظل سلطة دايتون.
ان هذه الاتفاقات مع الطرف المتنفذ في الحركة الوطنية الفلسطينية فتح الطريق امام مشاريع اخرى مع اطراف عربية كصفقة القرن التطبيع المجاني مع الاحتلال بموجب اتفاقات ابراهام وهذا ما سنعالجه في الجزء التالي… يتبع