شفا – قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إن استهداف جيش الاحتلال المنهجي وواسع النطاق للجامعات والأعيان الثقافية يقضي على آخر مظاهر الحياة في قطاع غزة، في جانب آخر من تكريس جريمة الإبادة الجماعية التي ينفذها منذ السابع من تشرين أول/أكتوبر الماضي.
وأبرز المرصد الأورومتوسطي أن هجمات الاحتلال العسكرية المتواصلة على قطاع غزة أدت إلى تعطيل كامل للعملية التعليمية في الجامعات والكليات الجامعية والمجتمعية كافة، إلا أن التداعيات الوخيمة لم تتوقف عند ذلك. إذ إن ثلاثة من رؤساء الجامعات قتلوا في غارات إسرائيلية إلى جانب أكثر من (95) من عمداء وأساتذة الجامعات، من بينهم (68) شخصية تحمل درجة البروفيسور، في وقت تم حرمان (88) ألف طالبة وطالب من مواصلة تلقي تعليمهم الجامعي، وتعذر على (555) طالب وطالبة الالتحاق بالمنح الدراسية في الخارج.
ونبه المرصد الأورومتوسطي إلى أن (5) من أصل (6) جامعات في قطاع غزة تم تدميرها بشكل كامل أو جزئي بفعل عمليات الاستهداف الإسرائيلي، منها (3) تم تدميرها بشكل كامل، حسب نتائج الإحصاء الأولى لحدة التدمير الإسرائيلي المستمر في القطاع.
وأفاد الأورومتوسطي بأنه في السادس من شباط/فبراير الجاري استهدف جيش الاحتلال جامعة “الأقصى” في مدينة غزة بغارات جوية، مما ألحق بها دمارًا بالغًا، تضمن تدمير مبنيين كليًّا وخسائر جزئية متفرقة بعد اقتحام مقر الجامعة بريًّا.
وقبل ذلك، تعرضت جامعة “الإسراء” إلى التدمير الكامل بعد تفجير مقرها ونسف مبانيها ومرافقها كافة من جيش في 17 كانون أول/يناير الماضي، بعد أن كان الاحتلال حولها إلى ثكنات عسكرية ومركز اعتقال لأكثر من شهرين. وشمل تدمير جامعة “الإسراء” جميع مبانيها والمكتبات والمختبرات التي استحدثت قبل العملية وسلب محتوياتها، فضلاً عن تدمير المسجد المقام داخل الحرم الجامعي. وامتد التدمير كذلك ليطال المتحف الوطني، وهو مرخَّص من وزارة الآثار الفلسطينية، وكان يضمّ أكثر من ثلاثة آلاف قطعة أثرية نادرة، ويشتبه قيام جيش الاحتلال بسلب هذه الآثار، وفقًا للبيان الرسمي الصادر عن إدارة الجامعة عقب التدمير.
أما جامعة “الأزهر”، فقد تم تدمير مقرها الرئيسي في مدينة غزة وفرعها في منطقة “المغراقة” بشكل كلي بفعل القصف الجوي الإسرائيلي المتكرر الذي استهدفها مباشرة في 11 تشرين أول/أكتوبر، و4 و21 تشرين ثانٍ/نوفمبر الماضيين.
وفي السياق ذاته، فإن جامعة “القدس المفتوحة” تعرضت إلى تدمير كبير في مقرها في مدينة غزة بعد اقتحام جيش الاحتلال لها في 15 تشرين ثانٍ/نوفمبر، فضلًا عن استهداف فرعها في شمال القطاع.
بموازاة ذلك، فإن الجامعة “الإسلامية” في مدينة غزة تعرضت للتدمير الكلي بسبب القصف الجوي الإسرائيلي المكثف في 11 تشرين أول/أكتوبر الماضي، حيث تعرض كل من مبنى كلية تكنولوجيا المعلومات ومبنى عمادة خدمة المجتمع والتعليم المستمر ومبنى كلية العلوم بالجامعة لأضرار كبيرة بكل ما فيها من التجهيزات، والمكتبات، والمختبرات، والأثاث. كما تم تدمير المسجد المقام بداخل الحرم الجامعي، على نحو يخالف قواعد القانون الدولي التي تحظر شن هجمات ضد أماكن العبادة، وإلا شكل ذلك الاستهداف انتهاكًا جسيمًا وجريمة حرب وفقًا لقواعد القانون الدولي الإنساني.
وقبل يومين من استهداف الجامعة “الإسلامية”، شن جيش الاحتلال عدة غارات على مقر كلية “الرباط” في مدينة غزة ما أدى إلى تدمير أجزاء كبيرة منها.
ووفقًا لصندوق النقد الدولي، فإن خسائر قطاع التعليم في قطاع غزة جراء الهدم والتدمير وتضرر 70% من المدارس والجامعات فيها تفوق 720 مليون دولار. في حين يقدر الأورومتوسطي أن الخسائر المادية التي لحقت بالجامعات جراء التدمير وحده تفوق حد 200 مليون دولار.
وشدد المرصد الأورومتوسطي على أن الجرائم التي تنتهجها “إسرائيل” من تدمير واسع النطاق والمتعمد ضد المباني المخصصة للأغراض التعليمية والفنية والعلمية والدينية والآثار التاريخية تشكل بحد ذاتها انتهاكات جسيمة وجرائم حرب وفقًا لاتفاقيات جنيف ونظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، وتأتي كذلك في إطار سياسات “إسرائيل” التي باتت علنية مؤخرًا والداعية إلى جعل قطاع غزة مكانًا غير قابل للحياة والسكن، وطرد سكانه من خلال خلق بيئة قسرية مفتقدة لأدنى مقومات الحياة والخدمات.