جراحة بلا أقنعة ( 6 ) بقلم : توفيق أبو خوصة
تسونامي غزة الأصفر وزلزالها وما أخرجت من أثقالها …>> غزة هى هي لن تتغير .. كما عودتنا ورسخت فى ذاكرتنا ..تعرف و تختار اللحظة التاريخية لتقول كلمتها، ، ، لديها قدرة اسطورية على احتمال الالم والقهر مهما كان مصدره، وهذا مرده ومنبعه ثقتها المطلقة بنفسها، فهي التى تملك كلمة السر والرد الحاسم في المكان و الزمان والاسلوب الذي يناسبها .. وبالأمس قالت مايجب أن يقال للإحتلال و الإنقلاب و الإنقسام و الإهمال، ، ، ، وجهت رسالتها الصارمة للمرتجفين تحت ضربات الاسلاموية السياسية في الإقليم، وكما كانت أولى تجارب السلطة والحكم للاسلامويين في المنطقة، فهي نقطة البداية لرفض هذه التجربة وكشف عوراتها وعوارها، ليس هذا فحسب بل وضعت غزة محددات جديدة للمعادلة الاقليمية بأسرها، وما حصل في ميدان وساحة الشهيد ياسر عرفات بالقطع أشعل الأضواء الحمراء فى كل مواقع صنع القرار في العالم ..وأقله ماعبرت عنه دوائر سلطة الإحتلال الإسرائيلي بشقيها الأمنى و السياسي من شعور صادم فرض نفسه على مسرح الأحداث، لقد صدق وزير الخارجية الأمريكي الأسبق كولن باول عندما قال ‘ إن غزة مفتاح العالم ‘ نعم لم يقل فلسطين بل غزة بكل ما لذلك دلالات إستراتيجية .
غزة التى كانت منطلق أول حكومة فلسطينية بعد النكبة 1948التى شكلها أحمد حلمى عبد الباقي، ، وجاءها المفتي الأعظم الحاج أمين الحسيني، ، وفيها أنتخب أول مجلس تشريعي فلسطيني في طل الإدارة المصرية للقطاع، ، وشد الرحال إليها أحمد الشقيري بإعتبارها الجزء المتبقي من فلسطين ولازال يحتفظ هويته الوطنية الخالصة، ، غزة التى أسقطت مشروع التوطين في سيناء عام 1955، ومنها إنطلقت إرهاصات و بدايات حركة فتح في منتصف الخمسينات على يد الشهيد الأعز ابو جهاد
وهي حاضنة جيش التحرير الفلسطيني الذي شكلته م.ت.ف قبل عام 1967 وفيها ومنها إنطلقت رصاصات المقاومة الاولى لقوات التحرير الشعبية بقيادة الشهداء عبد القادر أبو الفحم وزياد الحسيني فى مواجهة الاحتلال الإسرائيلي بعد حرب حزيران 1967، ، كما كانت غزة بوابة الانتفاضة الأولى، ، عندما سدت كل الأبواب فى وجه الشعب الفلسطيني وقيادته التاريخية وتراجعت أهمية قضيته الوطنية على الأجندة الدولية ، ، وكانت قبل ذلك صاحبة السبق فى تقديم الشهداء والانتصار للقرار الوطني المستقل عام 1984 مثل شرف الطيبي وموسى مخيمر الذين سقطا فى جامعة بيرزيت عند عقد المجلس الوطنى الفلسطينى في عمان، ، وهكذا ستظل غزة دوما الاقدر على قلب المعادلات على الساحة الوطنية و الاقليمية، وليس عبثا أن هذا القطاع الصغير بحجمه فى الجغرافيا الفلسطينية ومخزونه العظيم من الارادة الشعبية والنضالية هو نقطة الانطلاق لأول سلطة وطنية على أرض فلسطينية منذ فجر التاريخ على يد الرمز الخالد والشهيد القائد أبو عمار، ، ، وأيضا أول أرض فلسطينية يجلو عنها الاحتلال الاسرئيلي ويغادرها بجيشه ومستوطنيه هربا من استحقاقات المواجهة الميدانية المباشرة لارادة الشعب الفلسطيني عام 2005 ، ، ، وهى غزة ذاتها التى منحت حماس ثقة لاتستحقها في الانتخابات التشريعية عام 2006 لتعاقب حركة فتح بلاحساب العواقب الوخيمة، ، وهى نفسها التى عادت وإنتصرت لفتح الثورة وريادة العمل الوطنى على الساحة الفلسطينية بقوة فاجأت حتى أكثر المتفائلين في هذا المشهد العظيم الذي حدث في قطاع غزة بطوله وعرضه وكان مركزه ساحة الشهيد ياسر عرفات بالسرايا وكل الشوارع الرئيسية والأزقة المحيطة في دائرة نصف قطرها كيلو متر.
لاغرابة في ذلك، ، وإن كان أحد المعلقين المختصين وصف الحشد الجماهيرى في غزة بالأسطورى عندما قال إذا ما تمت المقارنة بين ماجري في غزة من حيث التعداد السكانى مع جمهورية مصر العربية فإن ذلك يعنى خروج 80 مليون مصري في تظاهرة واحدة !!! كم هي عظيمة هذه البقعة العزيزة من الوطن وأهلها بالرغم مما عانت من سفاح ذوى القربي وظلمهم وبطشهم وتهميشهم وإهمالهم، ، وظلت تعض على الجراح وتكتم غيظها، ، ولكنها من العافين عن الناس و على قدر أهل العزم تأتى العزائم، ، تمهل ولا تهمل، ، تحفظ المعروف لأهله وتأخذ حقها من غير أهله بطريقتها الخاصة، ، ، ، ومخطئ من ظن بأن غزة راحت وأراحت، ، ، أليس كذلك يا بعض فتح ؟؟ ومخطئ من إعتقد بأن غزة لقمة سائغة سهل إبتلاعها، ، أليس كذلك يا كل حماس ؟؟ إسألوا أنفسكم لماذا كانت معظم المساجد في كل أنحاء قطاع غزة تكاد تكون خالية من المصلين وبعضها لم تقم فيه صلاة الجمعة بإستثناء مساجد مدينة غزة حيث هاجرت الجماهير من الفتحاويين والوطنيين لتقول للجميع، ، نحن هنا، ، وتصلى على طريقتها صلاة خالصة فيها كل المعانى والعبر، ، ، نعم فتح هي التى تملأ المساجد والساحات وليس غيرها من تجار الإسلاموية السياسية !!! من جهة ثانية أليس من المعيب أن يتصدى بعض المتقولين من الأرزقية في فتح لتقزيم ما حدث في غزة وتكييفه وفق أهواء ومزاجات مريضة بهدف الاستثمار الرخيص وبناء أمجاد وهمية لاناقة لهم فيها ولا جمل، ، ، يكفيكم متاجرة بإرادة الناس فأنتم شخوص ومنهج لامكان لكم في حسابات الجماهير العظيمة لأنك أخرجتم أنفسكم بسوء أعمالكم من حساباتها، ، ، وهناك من تراهن عليهم وتحمل لهم كل التقدير، ، وشكرا للقائد الوطنى رباح مهنا عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية عندما قال لم أشاهد مثل هذا الحشد الجماهيرى منذ أذكر، ، ، كما أن شهدة عضو المكتب السياسي لحماس موسى أبو مرزوق إعتراف بالفضل لأهله عندما قال بأن الجماهير وفية لمن فجر ثورتها، ، نعم هي وفية وستبقى وفية لفتح الفكرة والدم والأهداف، ، ، وهنا حق القول للمعنى الأول وهو الرئيس أبو مازن صاحب شهادة ميلاد الدولة الفلسطينية هاهي غزة تمنح هذه الشهادة كل الصلاحية والشرعية والأهلية بالفعل التاريخى وبالوفاء لسيد الشهداء الذى إستودع سره في غزة قبل أن يدفن جسده الطاهر في قبره المؤقت برام الله، ، ، أعيدوا الحسابات، ، ليس كل من ركب الخيل فارس، ، والمرحلة تحتاج كل الفرسان الحقيقين، ، ، وليس من يريد أن يراه الناس يركب الخيل أو يبغى أن تلتقط له الصور التذكارية على ظهر الفرس !!! وانت القائل إن لم نغير نتغير، ، غزة رفعت راية التغيير وأطلقت صافرة بدء ماراثون التغيير، ، نتمنى أن تلتقط اللحظة التاريخية وتبدأ التغيير من جماعة الفتاوى الجاهزة ومثيلها في هيئة تشخيص مصلحة النظام، ، الذين قد وأقول قد لأن كل شئ جائز عندهم، ، من الممكن أن يقدموا قولي هذا بأعتباره يستحق رفع قضية ضدى لدى التائب العام كما فعل سابقا عضو اللجنة المركزية نبيل شعت، ، أو حتى يستحق الطرد من الحركة كما حصل سمير المشهراوي ودحلان، ، ، مع أن الزمن تغير بقوة الواقع، ، ، ، ، ، ، ، الكل ثقة بفتح حق على الجميع ألا نضيعها وجماهيرفتح بإنتظار الفعل الحاسم لا الشعارات وأنت عنوان الشرعية لا أحد ينازعك فيها أو عليها وستجد كل فتح على قلب رجل واحد .