شفا – قال فهد سليمان، نائب الأمين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين: إننا نخوض حرباً ضارية ضد الاحتلال، وتنتظرنا جولات إضافية، ما زالت تداعياتها تتوالى فصولاً.
وأوضح فهد سليمان أننا في هذه المرحلة، ومع «طوفان الأقصى»، وحرب 7 أكتوبر 2023، لا نخوض مجرد معركة كباقي المعارك التي شهدها القطاع على مدى السنوات الماضية، بل نخوض حرباً ضروساً، باتت مفتوحة على خيار الحسم بيننا وبين عدونا، وهي لن ترسو إلا على قاعدة راسخة، إما نحن وإما هم.
وفي ندوة بحثية دعا لها مركز اللغات والترجمة في حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، انعقدت في قاعدة الاتحاد العام للكتاب العرب، في العاصمة السورية دمشق، تناول فهد سليمان حرب 7 أكتوبر، وتداعياتها الإقليمية والدولية، وانعكاس ذلك على الوضع الفلسطيني، ليخلص إلى طرح السؤال الاستراتيجي «فلسطين إلى أين؟! …».
حرب 7 أكتوبر والنظام العالمي
وصف فهد سليمان، النظام العالمي في وضعه الحالي، أنه في حالة من السيولة، ولا نستطيع أن نقدم له توصيفاً، فلا هو نظام القطبية الأحادية، ولا نظام تعدد الأقطاب، بل يمر بحالة من السيولة السياسية، التي سوف ترسم في وقت لاحق، صفة هذا النظام، وتوفر له تسميته.
وقال نائب الأمين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين: إن موقع الولايات المتحدة، على رأس النظام العالمي، ذي القطبية الواحدة، بدأ يتراجع ويضعف في محطتين لهما دلالاتهما، هما هزيمة الولايات المتحدة في أفغانستان، ونجاح روسيا الاتحادية في استرجاع شبه جزيرة القرم عام 2014، فضلاً عن تطورات أخرى كاجتياح الجيش الروسي لجورجيا، دون أن تتبدى الولايات المتحدة أو حلفها الأطلسي حراكاً.
وقال فهد سليمان: لا يمكن أن نتنبأ منذ الآن، بمن سوف يتربع على رأس النظام العالمي الجديد، وإن كنا ندرك أنه سيكون بالضرورة نظاماً متعدد الأقطاب، في ظل التطورات العالمية كما نتابعها، فهناك دول صاعدة، كالصين وروسيا، مؤهلة بالضرورة أن تكون من الأقطاب المهيمنة على النظام العالمي الجديد، لكننا بالمقابل نرى على الصعيد الإقليمي، أوضاعاً ناهضة لا تقل أهمية في دورها الإقليمي، وتأثيرها الدولي على الأوضاع في العالم، مثل إيران، وتركيا، وهما قطبان مؤثران في الأوضاع الإقليمية والدولية، بسبب تحالفات كل منهما، والبعد الجيواستراتيجي، والجيوسياسي في الوقت نفسه.
ودعا نائب الأمين العام للجبهة الديمقراطية، الحالة الفلسطينية إلى قراءة تطورات الوضع الدولي، وما سوف يؤول إليه النظام العالمي الجديد، والتموضع في المكان الذي يعود على القضية الفلسطينية بالقوة والنفع، ويوفر لها الإسناد والدعم، وقال: إن التموضع إلى جانب الولايات المتحدة ذات النفوذ العالمي الآخذ في التراجع، والرهان على وعودها، ومشاريعها للمنطقة، هو رهان وتموضع لن يعود على القضية الفلسطينية إلا بالخسارة الفادحة، مؤكداً أن إعادة النظر بالتموضع في ظل ما يشهده العالم، من تعقيد، يستدعي، بالضرورة، إعادة «ترتيب البيت الفلسطيني»، وفق برنامج توافقي كفاحي، دعت له معظم أطراف الحالة الوطنية الفلسطينية.
7 أكتوبر والحالة الإقليمية
شدد فهد سليمان على أن حرب 7 أكتوبر 2023، أحدثت في الحالة الإقليمية زلزالاً سياسياً، وفتحت الباب أمام سلسلة واسعة من الاحتمالات، لعل أهمها هو احتمال أن يشهد الإقليم حرباً شاملة.
وقال نائب الأمين العام للجبهة الديمقراطية: إنه إلى جانب مسارعة الولايات المتحدة وتحالفها الأطلسي، إلى توفير كل أشكال الدعم والإسناد للعدو الإسرائيلي، بما في ذلك حشد الأساطيل البحرية، فإن حرب أكتوبر 2023، فجرت على عدد من المحاور الإقليمية حروباً هي محلية ذات أفق إقليمي، كالوضع في جنوب لبنان الذي تحول الوضع فيه من اشتباكات مع العدو الإسرائيلي، يقوم بها حزب الله لإسناد شعبنا في القطاع، إلى مسألة لبنانية، أعادت إلى النقاش مصير وتطبيقات القرار 1701، والاحتلال الإسرائيلي لأراضي شبعا وتلال كفرشوبا، وحسم نقاط الخلاف حول 13 نقطة حدودية بين لبنان وشمال فلسطين.
أما في العراق، فقد أثار قصف القوى العراقية للقواعد العسكرية الأميركية، إلى طرح مستقبل هذه القواعد في العراق وسوريا. أما في اليمن، فقد نجحت قوات الجيش اليمني في إثارة مصير البحر الأحمر، ولمن الأمن والسيادة فيه، حيث قررت منع مرور السفن الإسرائيلية أو الذاهبة إلى إسرائيل عبر باب المندب، ما يعني أن حرب أكتوبر – كما قال فهد سليمان – فتحت ملفات القضايا الإقليمية التي تنتمي إلى كونها قضايا حركة تحرر وليست مجرد قضايا محلية، في هذا المكان أو ذاك.
من هنا، اقترح فهد سليمان، أن نطور الاسم الذي حمله «محور المقاومة» – أي الأطراف التي تعمل الآن على إسناد شعبنا ومقاومته في القطاع – ليصبح تحالف حركات التحرر الوطني في الإقليم، باعتبار أن لكل طرف من هذه الأطراف قضية وطنية تنتمي إلى عالم قضايا التحرر ومفهومها.
ودعا نائب الأمين العام للجبهة الديمقراطية، إلى تعزيز العلاقة بين أطراف «محور المقاومة»، وتطويرها برنامجياً وجماهيرياً، كما دعا إلى تعزيز العلاقة بين حركة التحرر الفلسطينية والدول الإقليمية التي تنتمي قضاياها هي الأخرى إلى عالم التحرر الوطني، كإيران وغيرها.
فلسطين إلى أين ؟! …
من المنطقي والطبيعي أن تكون هذه الفقرة من القراءة كما قدمها فهد سليمان، هي الفقرة الرئيسية وفيها أكد على التالي:
- نحن لا نخوض ضد قوات الاحتلال معركة عادية كما في المعارك التي خضناها في الضفة الغربية (2002)، وفي قطاع غزة حتى 2022 (ثأر الأحرار)، بل نخوض حرباً بكل ما في كلمة «الحرب» من معنى، بتداعياتها الاستراتيجية على الأوضاع الفلسطينية والإسرائيلية والإقليمية والدولية، وما يدور الآن في القطاع، وفي الضفة، ما هو إلا جولة من الحرب، وإن توقفت ستتلوها جولات جديدة، لا يمكن التنبؤ منذ الآن، بسقفها الأمني والعسكري، لكن يمكن التأكيد بكل ثقة، أن المستوى الذي وصلت إليه حربنا في الحالة الراهنة، لم تعد تتحمل لا على الصعيد الدولي ولا على الصعيد الإقليمي، ولا حتى على الصعيد المحلي (الفلسطيني – الإسرائيلي) المراوحة في المكان، لقد وصلنا إلى نقطة الحسم، نحن أو هم، وبالتالي هذه الحرب الضروس، هي التي سوف تحسم مصير القضية الفلسطينية ومصير إسرائيل ما بعد حرب أكتوبر.
- طرحت الحرب، بحدة، ضرورة أن يتوفر للفلسطينيين الرؤية البرنامجية، والقيادة المرجعية الموحدة، فلم يعد الأمر يقتصر في الحديث عن فترة زمنية غير محددة، بل عن مرحلة راهنة على أن تتوفر بها الشروط الفلسطينية للدخول في معركة الحسم.
- من ضمن القضايا المهمة والراهنة بالضرورة، وهي وقف إطلاق النار، وكسر الحصار على القطاع، وإمداد السكان بالضرورات الحياتية، وتوفير أدوات ومستلزمات إيواء النازحين في أماكن سكناهم، وإعادة الإعمار، وإجلاء الاحتلال والغزو الإسرائيلي عن القطاع، وإبرام صفقة تبادل الأسرى وفق مبدأ «الكل مقابل الكل»، وتبييض السجون الإسرائيلية.
- مواجهة المشروع الأميركي في المنطقة، القائم على ركائزه الثلاث وفق الخطوات المتتالية وفق التالي:
1) تعميم التطبيع العربي – الإسرائيلي.
2) ضمان ما يسمى «الأمن» لإسرائيل بكل ما في هذه العبارة من متطلبات وألغام سياسية، ذات انعكاسات سياسية شديدة الخطورة على الحالتين العربية والإقليمية.
3) «حل الدولتين» وفقاً للتوافق الأميركي – الإسرائيلي، وعلى حساب الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني، كما تكفلها الشرعية الدولية.