هل غيرت واشنطن سياستها اتجاه النزاع؟ بقلم : تمارا حداد
في الآونة الأخيرة ظهرت تصريحات خاطفة سريعة عن “الاعتراف بدولة فلسطين”والبدء في ترتيب أفق سياسي لتعزيز حالة الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط.
وجاءت هذه التصريحات بعد مرور الحرب على قطاع غزة أكثر من ربع عام حيث تعتبر هذه الحرب اطول الحروب التي مرت على قطاع غزة حيث حتى اللحظة لا مخرج ولا نزول عن الشجرة من قبل اسرائيل حتى تحقيق أهدافها المتمثلة بالقضاء على المقاومة الفلسطينية وازاحة حكم حركة حماس من القطاع وإزالة التهديد العسكري للأمن القومي الاسرائيلي من المنطقة الجنوبية إضافة إلى خططهم الاخرى في إزالة التهديد المتمثل بحزب الله في المنطقة الشمالية حيث حسمت المؤسسة العسكرية والسياسية الإسرائيلية أمر التهديدات الأمنية حولها من خلال معالجتها جذريا.
أما المقاومة الفلسطينية حتى اللحظة لم تستسلم على أرض الواقع رغم محاولات الاحتلال نحو حسم وجودها في القطاع، أمام هذه المعركة المفتوحة التي دخلت مرحلة الاستنزاف بات المجتمع الدولي ينظر إلى إيجاد حل ومخرج للمأزق الحالي الذي بات يرهق إدارة البيت الأبيض وايضا الدول الصديقة والحليفة لدولة إسرائيل، لذا باتوا يفكرون في مخرج لإنهاء الحرب حيث ان الهدنة والصفقات هي عبارة عن استراحة مؤقتة للمتحاربين وان تم تنفيذها رغم وجود الخلافات حول إقرارها إلا أن ما بعد الهدن أو الصفقات لابد من إنهاء الحرب لو طال أمدها وهذه النهاية لابد من رؤية سياسية مستقبلية لترتيب الوضع في الأراضي الفلسطينية لتكون الخطوة الأولى لترتيب الشرق الأوسط الجديد هذا من منظور امريكي احادي الجانب دون النظر للمفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
حيث ظهرت عدة مواقف حول البدء في تشكيل دولة فلسطينية من أكثر من دولة سواء من الولايات المتحدة الأمريكية حيث أشارت ادارة بايدن بأنها مع تعزيز رؤية سياسية مستقبلية لإيجاد حل للصراع الفلسطيني- الاسرائيلي والبدء في حيثيات ترسيخ قرارات الشرعية الدولية وظهرت أيضا مواقف ضمن الخطة البريطانية واحدى نقاطها ترسيخ دولة فلسطينية دون تحديد ماهية شكل هذه الدولة ووقف إطلاق النار إضافة إلى انسحاب جيش الاحتلال الإسرائيلي من قطاع غزة وخروج قيادة حماس من القطاع لكن هذه المواقف جاءت في وقت سواء للولايات المتحدة الأمريكية التي هي الآن منشغلة بالانتخابات الأمريكية حيث ان التجارب السابقة لمواقف الديمقراطيين أثناء انتهاء حكمهم يتم الحديث عن ترسيخ دولة فلسطينية كما حدث في فترة حكم أوباما الذي أشار إلى البدء في الاعتراف بدولة فلسطين من منظور احادي واليوم إدارة بايدن أعادت ذات الموقف والرؤى فيما يتعلق الاعتراف بدولة فلسطين بمنظور احادي دون شراكة الواقع الاسرائيلي والجلوس بشكل نهائي على طاولة المفاوضات والضغط على اسرائيل للاعتراف بدولة فلسطين ومعروف عند نهاية حكم الديمقراطيين يأتي حكم الجمهوريين الذين دوما لم يحققوا منظور لتشكيل دولة فلسطينية.
ما يحدث اليوم من تغير في البدء في الاعتراف بدولة فلسطين لأكثر من سبب الضغوطات من دول الإقليم من بينها مصر والأردن اللتين معنيتين نحو ترسيخ أفق سياسي للشعب الفلسطيني حتى إنهاء النزاع الفلسطيني الاسرائيلي في منطقة الشرق الأوسط ونزع فتيل تطور الحرب من قطاع غزة إلى تطورها لفتح اكثر من جبهة في منطقة الشرق الأوسط حيث ان الدولتين أكثرهما ضررا بسبب استمرار النزاع الفلسطيني الاسرائيلي.
فمصر المحاددة لقطاع غزة معنية تماما لإعادة النظر حول الاعتراف بدولة فلسطين لإنهاء الصراع الفلسطيني الاسرائيلي حتى لا يتم الاستمرارية في التهديد للأمن القومي لها والمنطقة برمتها وكذا الاردن المحادد للضفة الغربية.
أيضا السعودية لها دور ضاغط في الاعتراف بدولة فلسطين مقابل البدء في مسار التطبيع السعودي الاسرائيلي حيث اشترطت السعودية التطبيع مقابل دولة فلسطينية وانهاء الأزمة السياسية في المنطقة .
لذا الامور تتغير لصالح تشكيل دولة لكن المعضلة الصعبة هي في عدم وجود شريك اسرائيلي صادق وعدم قبول الحكومة اليمينية الائتلافية الحالية لقبول دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل من أجل الحفاظ على يهودية الدولة وأخد اراض فلسطينية وضمها لدولتهم التوراتية وتعزيز الاستيطان الدائم في الضفة الغربية وإعادة احتلال قطاع غزة بشكل مباشر واعادة الحكم العسكري والامني إلى القطاع دون النظر إلى من سيستلم الواقع المدني للمدنيين في قطاع غزة كون فكرة التهجير ما زالت قائمة وبطرق غير مباشرة لإنهاء القضية الفلسطينية ولاعادة ترتيب المنطقة في الشرق الأوسط من منظور اندماج اسرائيل على حساب حل سياسي شامل للقضية الفلسطينية.
لو كانت أميركا صادقة نحو ترسيخ دولة فلسطينية لكان باستطاعتها وضع مشروع قرار في مجلس الأمن الدولي لقيام دولة فلسطينية دون اعتراض احد على ذلك لإخراج قرار ملزم لاسرائيل لقبول دولة فلسطينية لكن الواقع يشير أن التصريحات عبارة عن مناورة سياسية لإنقاذ اسرائيل قبل إنقاذ البعد الفلسطيني.