السياسة مغناطيس الشعوب ، بقلم : د. سناء طوطح
” في عصرنا لا يوجد شيء اسمه بعيداً عن السياسة، كل القضايا هي قضايا سياسية”
جورج اورويل
السياسة عالم مليء بالمفاجاَت، السياسة ترسم كافة الافق في جميع الأوطان، السياسة هي النجاح وهي الفشل، السياسة هي الازدهار وهي الانهيار، السياسة هي الحرب وهي السلام، السياسة هي الحياة وهي الموت، فهي كما قال الواقعيون بأنها فن الممكن، فهي الخضوع للواقع السياسي وعدم تغييره بناء على المصلحة والقوة والتي تعبر عن عملية صنع قرارات ملزمة لكل المجتمع، تحتوي قيم مادية ومعنوية وتشير لمطالب وضغوط تتم عن طريق تحقيق أهداف ضمن خطط يضعها الأفراد والجماعات حسب ايدولوجيا معينة على مختلف المستويات.
أما هذه الجماعات وهؤلاء الأفراد هم ذاتهم من يضعون القوانين الدولية والمواثيق والاعلانات والعهود المتعلقة بالحقوق الإنسانية والتي ما دائما تروّسها كلمات تقر بكرامة الإنسان القائمة على اساس الحرية والعدل والسلام في العالم، وأصروا على حق الشعوب بتقرير مصيرها وحرية التصرف بثرواتها ومواردها الطبيعية، وحق التمتع بجميع الحقوق المدنية والسياسية وأشارت الى عدم إهدار أي من الحقوق أو الحريات المعترف بها في مختلف القوانين والعهود والمواثيق الدولية، ولم تخلو معظم الاتفاقيات الدولية من التشديد على احترام حقوق الانسان وعدم تجاوزها وجرّمت التعذيب ونبذت الابادات الجماعية، والنصوص والبنود تطول وتطول إذا ما جمعنا تلك الوثائق القانونية التي تجرّم أفعال العالم(نعم افعال العالم) والعالم هنا عبارة عن مجموعة من الأشخاص تلعب بالدول كما تشاء وفي ظل هذه المنظومة العالمية نراها بشكل مصغر داخل الدول ايضاً، ومن هنا نشاهد الازدهار والانهيار بذات الوقت.
ترسم السياسات و تظهر نتائجها لاحقاً، فهي فن الممكن يرسمها البعض لثقتهم باستراتيجياتهم-” هو لا يعرف شيئاً ويظن أنه يعرف الكثير إذاً فهو يمتهن السياسة”-، ولا شأن لهم بعدها بأي اثار سلبية كانت أو حتى كارثية، البنية التحتية للمجتمع تنهار، الحياة، الصحة، الاقتصاد، وحينما نتوجه للتنمية المستدامة ندرك تماماً ما قد يتحول له المجتمع من مجتمع جريمة، والعقاب للأفراد وفقاً لنصوص القانون الذي وضعه الأفراد، ولا عقاب لمن اطاح بالبنية التحتية ورسم الخريطة السياسية للمجتمع، فقد أنكر خطه لاحقاً أو اعترف دونما عقاب فهو المفكر ، والشعب هو المنفّذ، والمنفّذ هو الفاعل الأصلي ويقع العقاب عليه والمفكر في الأصل يعاقب معاقبة الفاعل الأصلي، لكن ولكن هو من رسم وكفى.
مهما شرّعنا وابتكرنا نصوصاً وقوانين محلية ودولية تحمي الأفراد والشعوب، مهما حاولنا وتقدمنا، ستبقى السياسة هي المغناطيس لنا سواء تجذبنا للهاوية أو حتى للقمة، سنبقى حجارة حديدية تلعب بنا هذه الكلمة ( فن الممكن).
“كل المحاولات لتجميل السياسة تنتهي بالحرب”والتر بنجامين.