مخاطر الخروج عن السيطرة باقية ما بقيت الحرب، بقلم: راسم عبيدات
بعد مرور 107 أيام على الحرب العدوانية التي تشنها ” اسرائيل ” بكامل آلتها وقدراتها العسكرية التدميرية على قطاع غزة وبمشاركة امريكية مباشرة، يبدو بانها حرب باتت بدون آفاق واهداف واضحة ومحددة، حتى بتنا على قناعة بأن رفض نتنياهو لمنع نقاش اليوم التالي لتوقف الحرب على قطاع غزة، يأتي ليقول بأن الحرب بحد ذاتها باتت هي الهدف، فنتنياهو مصر على استمرارها لقناعته بان توقفها، ليس إرتباطاً بما يقوله بان توقفها دون تحقيقها لأهدافها بالقضاء على المقاومة الفلسطينية وفي القلب منها حركة “حماس”، وعدم استعادة الأسرى من شأن ذلك أن يشكل خطرا حقيقيا ووجوديا على ” اسرائيل”، ولكن هدف نتنياهو من استمرار هذه الحرب ،التي تسربت أنباء من ” الكابينت” الإسرائيلي تقول بأنه لا مستقبل لها ونتنياهو يريد كسب المزيد من الوقت لكي يهرب من الوصول الى ما بعدها من أسئلة.
المحلل العسكري الإسرائيلي،عاموس هرئيل يقول “نتنياهو يكرر اللازمة الجوفاء أنه سنحارب حتى الانتصار، لكن بالنسبة له ينبع ذلك بالأساس من اعتبارات بقائه السياسي???، فهو يعلم أنه بالرغم من التأييد المتزايد لدى الجمهور لصفقة تشمل تنازلات صعبة، فإن خطوة كهذه ستفكك حكومته من الداخل، لأن شركائه من اليمين المتطرف سينسحبون منها”.
الخبير الإسرائيلي في الشؤون الأمنية، رونين برغمان: “موضوع الأسرى لم يكن في البداية على رأس سلم أفضليات حكومة نتنياهو، وفقط في 16 أكتوبر بعد ضغط جماهيري شديد أضاف كابينيت الحرب سرا موضوعهم…?
هدفا الحرب لا يمكن تحقيقهما معا وهما يناقضان بعضهما، التوغل البري لم يحسن وضع الأسرى وإنما قتلهم” ??.
المنطقة باتت على شفير الانفجار الشامل ،وهي تبلغ مرحلة حرجة مع استمرار الحرب التدميرية على قطاع غزة، وتواصلها وتصاعدها ينذر بانزلاق اوسع نحو حرب إقليمية وخروج عن السيطرة، وبالمقابل توقف هذه الحرب ،يستدعي تحمل “اسرائيل” لأكلاف وأثمان هذا التوقف وهي غير قادرة على ذلك.
أمريكا شريك ل” اسرئيل” في حروبها المباشرة ،الحرب على قطاع غزة وحروبها الفرعية في اليمن والعراق ،وهي تخوضها تحت سقوف منخفضة، حتى لا تتدحرج تلك الحرب الى حرب شاملة ،والجبهة الشمالية الإسنادية لغزة، يبدو بان مخاطر إنزلاق الحرب نحوها الى حرب شاملة مرتفعة جداً، وزيارة المبعوث الأمريكي يهودي الأصل والإنتماء عاموس هوكشتاين لبيروت مرتين، فشلت ولم تثمر عن نتائج ايجابية، وقف حزب الله لإطلاق النار والسماح بعودة المستوطنين الى مستوطناتهم، وإعادة قوات “الرضوان” الى ما بعد نهر الليطاني، حزب الله ربط ذلك بوقف إطلاق النار على قطاع غزة أولاً، مع الإنفتاح على أي مبادرات ومقترحات سياسية ولكن بعد توقف الحرب، وحزب الله يقول بأنه غير معني بحرب شاملة،ولكن اذا ما فرضت عليه تلك الحرب فسيخوضها بكل قوته وبدون سقوف ولا ضوابط ولا حدود، وستكون الحرب الجارية في قطاع غزة، تبدو كلعب أطفال أمام ما هو متوقع نتيجة إندلاع الحرب على الجبهة الشمالية، رئيسة بلدية حيفا عينات كاليش روتيم أشارت إلى أنه في حال نشوب حرب واسعة مقابل حزب الله، “ستدفع حيفا ثمناً باهظاً. ونحن لا نتحدّث عن 1400 قتيل سقطوا في 7 تشرين الأول، وإنما عن آلاف كثيرة، وأضعاف الأضعاف” .
ايران ردت بقصف صاروخي غير مسبوق على عمليات الإغتيال والتفجيرات التي قامت بها “اسرائيل” بحق القائد البارز في الحرس الثوري الإيراني الذي جرى اغتياله في ضاحية السيدة زينب في دمشق رضى الموسوي ،والتفجيرات الإنتحارية التي جرت في مدينة “كرمان” الإيرانية ،في مكان قريب من الإحتفال بالذكرى الرابعة لإغتيال قاسم سليماني، وأدت الى مقتل 84 شخصا واصابة المئات، كما قصفت مواقع لجماعة “جيش العمل” الإرهابية في باكستان ،وقالت بأن تلك الهجمات اتت في إطار الدفاع عن امنها القومي ،وكذلك قصفت ما تقول أنه مقر للموساد في اربيل ومواقع للجماعات الإرهابية والتكفيرية في إدلب في سوريا ،ومن المتوقع أن ترد على عمليات الإغتيال التي نفذتها ” اسرائيل” من خلال غارة جوية يوم السبت ٢٠-١-٢٠٢٤، استهدفت بناية في ضواحي دمشق أدت الى مقتل 5 من مستشاريها في الحرس الثوري .
لا شك بأن بايدن صهيوني ويتفاخر بصهيونيته، وهو دائم الترديد لنظرية لو لم يكن هناك “إسرائيل” لوجب علينا إيجادها ،وللتعبير عن صهيونيته هذه مباشرة بعد معركة 7/اكتوبر/2023،حيث تقاطر هو وأركان حكومته وجنرالاته وقادت الغرب الإستعماري التابعين الى تل ابيب ،معتبراً بان إنقاذ “اسرائيل” ومنع هزيمتها وإنهيارها يتقدم على أي هدف آخر له علاقة بسمعة أمريكا ومكانتها الدولية وحتى حملته الإنتخابية،لأن هزيمة “اسرائيل” سيكون له تداعيات كبرى، على مكانة أميركا في أهم بقعة من العالم تتجمّع فيها المصالح الاقتصادية والأمنية العليا لأميركا.
الحرب مضى عليها 107 أيام،ولم تحقق أي هدف عسكري أو إنجاز ميداني أو سياسي،ويجمع قادة امنيين وعسكريين وقادة أحزاب واعلاميين ومحلليين سياسيين وعسكريين اسرائيليين حاليين وسابقين،على أنه يجب وقف هذه الحرب،لأنه لا مستقبل لها،ونتنياهو فقط يريد كسب الوقت،فالهزيمة العسكرية حصلت،والجيش يتفكك وينهار ومعنوياته تتراجع،ويحجم عن المشاركة في الحرب في قطاع غزة ،وهذا الجيش تتأكل قوة ردعه،وتزداد اعداد المرضى النفسيين والمعوقين والجرحى والرافضين للخدمة،فإذا كان اعداد المرضى النفسيين يصل 12500 ومثلهم جرحى ورافضي خدمة ومعوقين،فهذا يعني بأن العدد سيزيد عن 50 الف جندي خارج إطار الخدمة وعدم العودة للحرب،ومرشح للإرتفاع اذا ما تواصلت الحرب،وبموازاة ذلك الإقتصاد في حالة إنهيار وهناك احباط اجتماعي وتفكك وتشرذم سياسي،والمقاومة الفلسطينية تصر على شروطها لتنفيذ صفقة تبادل الأسرى، وقف إطلاق النار أولاً.
الأفاق السياسية مغلقة ،والمقاومة الفلسطينية تصر على شروطها لعقد صفقة تبادل ، وقف شامل لإطلاق النار وإنسحاب إسرائيلي من كل القطاع ورفع الحصار ،أضافت المقاومة شروط أخرى منها، ضمانات دولية بعدم العودة للحرب مجدداً،وإطلاق سراح من جرى اعتقالهم من بعد معركة 7 أكتوبر، جبهات المساندة مستمرة في أداء دورها من اليمن وحتى سوريا مرورا بالعراق وانتهاءً ببيروت ،و”إسرائيل” أزماتها الاقتصادية تتعمق وتكبر وشركات كبرى تقفل وتفلس ورؤوس أموال تهرب للخارج واستثمار يتراجع ،وعملية إنتاجية معطلة في الشمال والجنوب، وجيش يتفكك وينهار وتتراجع معنوياته وإحباطات إجتماعية،وخلافات تستعر في المجلس الحربي والحكومة ومطالبات برحيل نتنياهو وتحميله ،مسؤولية الحرب وعدم عودة الأسرى.
الخلافات بين نتنياهو وبايدن هي الأخرى ربما تصل لحظة الإفتراق وانه لا بد ان يغادر أحدهم المسرح والمشهد السياسي، والوقائع تقول بأنه سيتم التضحية بنتنياهو، لكي تخرج أمريكا من المأزق وتنقذ إسرائيل من أزمتها الوجودية، وبالمقابل نتنياهو يربط وجوده بإستمرار الحرب والتي يدفع بها نحو التوسع الى حرب شاملة …ولذلك استمرار الحرب وعدم توقفها على قطاع غزة يعني بان هناك ممكنات عالية نحو إندلاع حرب إقليمية شاملة باتت بوادرها قريبة جداُ إنطلاقاُ من جبهة الشمال، وإحتماليات كبرى وعالية لخروجها عن السيطرة.