12:33 صباحًا / 23 نوفمبر، 2024
آخر الاخبار

ادعاء وحدة الأصل لليهود، بقلم : أسماء ناصر أبو عيّاش

ادعاء وحدة الأصل لليهود، بقلم : أسماء ناصر أبو عيّاش

ادعاء وحدة الأصل لليهود، بقلم : أسماء ناصر أبو عيّاش


ما أشبه اليوم بالبارحة، فقد استطاعت فلسطين بصمود شعبها ومقاومته باستعادة روح اليسارية والثورية العالمية، إذ كانت شوارع العالم في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي تعج بالأحرار وبالمنادين بحرية المضطهدين، وكانت أقلام المثقفين تكتب باتجاهٍ واحد مع اختلاف انتماءاتهم ولغاتهم وثقافاتهم، ألا وهو تحرير العقول من محتليها، وخلق فضاءات واختيارات متعددة غير تلك التي تفرضها الحركة الاستعمارية الكولونيالية الغربية بكل قوتها.

استطاعت فلسطين بشعبها وحقه بوطنه وبنضاله من أجل الحرية، كشف نفاق القوى الغربية وكذبهم على شعوبهم وإختبائهم خلف الحركة الصهيونية ومساعدتها في السيطرة على مناصبهم وحكوماتهم وإعلامهم وأسواقهم وشركاتهم حتى وصلت الأمور إلى تشكيك الشعوب الغربية بحقيقة الديمقراطية والحرية التي وِعِدوا بها، في مواجهة سياسة تكميم الأفواه والزج بالسجون والفصل من العمل والعقاب والتشهير السلبي عند انتقاد الكيان الصهيوني ودولته المحتلة، اسرائيل.


اليوم، تمتلئ شوارع العالم بالمتظاهرين المنادين بحرية فلسطين والفلسطينيين، وتعلو الهتافات التي تتحدى الاتهامات باللاسامية وما يليها من عقاب وغرامات وسجن. اليوم، لدينا فرصة كفلسطينيين بأن نوحد القوى الحرة مرة أخرى لنعمل مع مثقفي وكتاب العالم الحر لتوحيد البوصلة وتوجيهها نحو تحررنا وتحرر باقي الشعوب من سيطرة الحركة الصهيونية التي تحتل أرضنا وأنظمتهم. وعليه، فإنه من الواجب أن نفهم حقيقة الحركة الصهيونية وخلفياتها وأسس نشأتها وأن نبين زيف الكثير من ادعاءاتها تاريخياً مكاناً وزماناً.

  • كيف ابتدعت الحركة الصهيونية مبرر وجودها؟


هذا ليس رأياً وإنما محاولة لعرض أسس الفكر الصهيوني وتناقضه مع الواقع بما فيه من تزييف للتاريخ من خلال الخوض في نقاشات ودراسات عالمية موثقة في التاريخ وعلم الجينات تم تغييبها بقصد عن الإعلام والرأي العام العالمي لما فيه من تدمير تام للخرافات الصهيونية.


في بحثه المنشور في الخامس من ديسمبر 2012 وتحت عنوان “الحلقة المفقودة من النسب اليهودي الأوروبي” وصف الباحث اليهودي في معهد جون هوبكنر إرين هايك الأسطورة الصهيونية التي تزعم وحدة الأصل المشترك لليهود بالهراء. وخلص الباحث في دراسته إلى أن اليهود لا ينتمون إلى أصل واحد ولا ينحدرون من سلالة واحدة.

  • الاختبار الجيني:


بحسب تعريف ” المكتبة الافتراضية اليهودية” وتحت بند ” قانون المعلومات الوراثية” يُعَرّف الاختبار الجيني باختبار عينة الحمض النووي لإثبات الأبوة وتحديد العلاقات الأسرية للشخص، واستناذاً إلى هذا التعريف وما يترتب على نتائجه للعينة الخاضعة للفحص هو ما جعل دولة الاحتلال أن تفرض حظراً على تحليل الحمض النووي لمواطنيها. وفي مارس 2019 نشرت صحيفة جيروسالم بوست الإسرائيلية موضوعاً في هذا السياق ومما ورد فيه “أنه في الوقت الذي يعتبر من السهولة إمكانية إجراء الفحص النووي للمواطنين حول العالم فإن هذا الاجراء وفي إسرائيل يحتاج إذناً من المحكمة، موضحة في ذات المقال السبب من وراء هذا الحظر كون مثل هذه الاختبارات يمكن أن تحمل آثاراً وطنية وقد تؤدي نتائجها إلى نسف الرواية الصهيونية التي قامت عليها دولة الاحتلال بأن اليهود ينتمون إلى عرق واحد.


ولا يخفى على الباحث المعني في هذا الموضوع الاختلافات البيّنة للتركيبة الجينية لمستوطني دولة الكيان للوصول إلى حقيقة تعدد الأصول والجذور لديهم، فعلى سبيل المثال لا الحصر، في دراسة بحثية نشرتها جامعة إنديانا الأمريكية بعنوان الأصول اللاسامية لليهود المعاصرين، تبين دراسة أجرتها الجامعة العبرية بأن البيانات المتوفرة عن سكان المناطق المحيطة بأن للكثير من اليهود صلات أقرب في أصولهم الجينية لسكان مناطق مثلث الفرات من أكراد وترك وأرمن، بينما نشرت نيويورك تايمز أخرى دراسة في ذات الموضوع تبين ظهور بصمة جينية وسط آسيوية واضحة لأكثر من 50% من اليهود الأشكيناز.

وتستكمل دراسة جامعة إنديانا دراستها بعدة عناوين نشرت في هذا الموضوع وفي العديد من الصحف أن العرب واليهود المنحدرون من أصول شرقية تجمعهم صفات جينية ويتشاركون في الجينات، بينما تم إخفاء ورقة بحثية واحدة تظهر بأن البصمة الجينية ليهود الشرق الأوسط الأصليين شبة متطابقة مع تلك التي تعود للفلسطينيين.

وتخلص الدراسة إلى أنه لا يمكن لأحد إثبات نسب يهود العالم المعاصر لبني إسرائيل لأنه ببساطة لا يمكن الوصول لأي عينات جينية لبني إسرائيل ـ قبيلة بائدة قبل ميلاد السيد المسيح ب ثلاثمائة وخمسين سنة ـ (فاضل الربيعي ـ القدس ليست أورشاليم) لإثبات المقارنات أو التشابهات.


من جانبه عبّر المؤرخ الإسرائيلي شلومو ساند مؤلف كتاب “اختراع الشعب اليهودي” عن عدم اقتناعه بوجود قومية يهودية، وأكد في حديث أجراه معه تلفزيون “مساواة” عام 2018 أن اليهود هم الجماعة الوحيدة في العالم الذين يبحثون في علم الجينات في محاولة منهم لإثبات أنهم شعب، وأكد أن اليهود جينياً ينتمون لشعوب متغايرة وما زالوا يبحثون _ والقول هنا لساند_ عن الجينات الوراثية والحمض النووي ولم يجدوه.


ولو علمنا أن الحركة الصهيونية تتدخل وبنسبة كبيرة في آليات عمل مراكز الأبحاث المختصة في علم الجينيات منذ سبعينيات القرن الماضي لأدركنا الغاية من وراء هذا التدخل والسيطرة على نتائج الفحوصات والبحث التاريخي للأصول الجينية للبشر، إذ لم يتم التوصل وحتى اللحظة إلى ما يثبت بأن اليهودية تشكل عرقاً، فبحسب الأمريكية الباحثة في علم الوراثة نانسي ويكسلر فإن يهود الخزر لا يربطهم رابط جيني بسلالة بني إسرائيل البائدة ولم تستطع الصهيونية إثبات الصلة بين يهود اليوم والعرق السامي، وهذا ما يؤكد زيف الرواية الصهيونية علمياً وتاريخياً ودينياً.


إن كل هذا التشتت إن دل على شيء فهو يخلص لنتيجة واحدة تنفي أصول قصة وحدانية وخصوصية يهود العالم المعاصر المستندة إليها الحركة الصهيونية في تزوير فاضح لتاريخ اليهود وأصولهم والتي تقوم من خلالها بطمس الهوية والتاريخ الفلسطيني، فإن كانت الأبحاث التي تقوم بها تاريخية أو لغوية أو جينية أو دينية، سينتهي بها المطاف للاضطرار للتزوير وطمس الحقيقة وإصدار القوانين والقرارات التي تدعم زيف ادعاءاتها وإبقاء السيطرة على فلسطين وشعبها.


لقد عمدت الحركة الصهيونية علمانية الفكر ومن أجل إنشاء كيان يجمع شتات اليهود بالتوافق مع رغبة الأوروبيين في التخلص من المسألة اليهودية وخاصة عشية انتهاء الحرب العالمية الثانية 1945 إلى توظيف نبوءة أرض الميعاد بل وعمدت أيضاً إلى سرقة اللغة العبرية والتي ترجع بجذورها اللغوية إلى أربع لهجات وتنتمي جذرياً للآرامية الشامية – السامية الأصلية والتي تختلف وجوباً عن العبرية الصهيونية ماحيةً بدهاء لغة وأصول أهل الأرض الأصلانيين، وتبنت وهي الحركة العلمانية كما ذُكر اليهودية كدين للدولة وأسقطت عليه القومية اصطلاحاً والتي تختلف وجوباً عن الإثنية الدينية.


ولأنهم متيقنون في قرارة أنفسهم بأن كيانهم قائم على فرضية مزيفة ولا يمكن إسقاط وصف ما تتميز به مجتمعات الشعوب ذات الأصل والعادات والتاريخ والمصير المشترك والمنحدرون من سلالة متجانسة، على التجمّع الإسرائيلي – وليس المجتمع – ولأن أصولهم العرقية غير متجانسة فما زال التخوف من اللجوء لإجراء فحص الحمض النووي والصبغة الوراثية هاجساُ يؤرق وجودهم. وقد أوردت صحيفة “ليبراسيون” الفرنسية ما مفاده أن رئيس حزب “إسرائيل بيتنا” اليميني أفيغادور ليبرمان حظر إجراء فحص الحمض النووي للسكان للتأكد من يهوديتهم، هذا إذا ما تم التسليم بأن اليهودية تشكل عرقاً.

علماً بأن قانون “يهودية الدولة” الذي اعتمدته دولة الاحتلال يجافي الحقائق الراسخة في تصنيف الشعوب وهويتهم القومية، فالقانون ينص على “أن حق تقرير المصير في دولة إسرائيل يقتصر على اليهود وأن إسرائيل هي الدولة القومية للشعب اليهودي وأن أرض إسرائيل هي الوطن التاريخي للشعب اليهودي”.

شاهد أيضاً

الصحفي حسن أبو قفة

استشهاد الصحفي حسن أبو قفة في قصف إسرائيلي على النصيرات وسط قطاع غزة

شفا – استشهد، مساء اليوم الجمعة، الصحفي الفلسطيني حسن أبو قفة ونجله عماد بعد غارة …