أطفال غزة .. يرحلون مبكرا، بقلم : صبحة بغورة
انحنى طفل في سن الرابعة بكل حنو على أخيه الأصغر في الثانية من عمره الراقد على أرض المستشفى يلقنه في هدوء شديد شهادة أن لا إله إلا الله ، محمد رسول الله، كان الصغير يحتضر وهو غارقا في دماء تسيل من كل عضو فيه ويكاد لا يرى أحدا ، عيناه زائغتان لأعلى ولا يكاد يسمع من صوت أخيه الذي ما زال يواصل بصبر جميل تكرار تلقينه الشهادة ، طغى صراخ الوجع وتعالى بكاء الألم في كل أرجاء قاعات العلاج مع وصول أطفال أبرياء آخرون غيره ، ضحايا ومصابون يتوافدون وآخرون ممزقين وأشباه جثث محمولين على أكتاف آبائهم ، دماؤهم تقطر على الأرض وهم لا يدرون بأي ذنب يقتلون.
توثق دماء الرضع والأطفال ضحايا الإجرام الصهيوني رسالة للعالم أن قضية غزة صارت مسألة عزة،وستكون دماؤهم مدادا لآبائهم لمواصلة كتابة شهادات تاريخية جديدة على قتل أبنائهم صغاراوهم لا يدرون لمقتلهم سببا. سيبقى طيف أرواحهم يمثل أمام أعين المجرمين يعذبهم في الحياة ويؤرقهم في الممات ويتبعهم في الموقف العظيم بأي ذنب قتلوا .
لم يعد أمام أطفال فلسطين أفاقا ليحلموا لأنهم لا يتوقعون أن يعيشوا طويلا ، بل لم يعد لهم رجاء لغدهم لأن يشعرون بالموت يترصدهم في كل وقت وفي كل حين ، وأن رحيلهم القريب عن الدنيا وأصبح مسألة وقت فقط يحسب بالساعة ليس أكثر وما يزيد عن ذلك فهو فضل ونعمة من الله له الحمد وله الشكر ، سقف آمالهم في الحياة أصبح منخفضا جدا، وأنه لم يعد لصغارهم في الدنيا ما يبكون عليه ، لم تمنحهم الأيام الفرصة للتعبير عن وطنيتهم ، ولكن قضت إرادة الله أن يكونون سعداء وقد اختارهم مبكرا إلى جواره وسيكونون فرحين بما آتاهم من فضله الواسع .
” .. وبشّر الصابرين..” كلمات طيبة لآية كريمة من لدن العزيز الحكيم لعباده المؤمنين، عمق معناها ترياقا للنفوس المفجوعة في رحيل أبنائها الصغار الذين لن يدخلوا الجنة إلا مع والديهم مهما كانوا .. هذا جزاء عظيم لمن صبروا على قضاء الله تعالى وقدره وصابروا إلى حين يأتي اليوم الذي يشفي فيه المولى عز وجل صدور قوم مؤمنين ، وحسبنا الله ونعم الوكيل