سر بقاء الشعوب وجوده واحد موحد على أرضه، بقلم: تمارا حداد
يُعد مؤتمر هرتسيليا الذي يقام في معهد الدراسات والمصالح الإسرائيلية في مدينة هرتسيليا الأبرز في تحديد سياسات اسرائيل والأعمال الاستراتيجية التي تقوم بها اسرائيل، حيث يجمع المؤتمر القادة السياسيين والعسكريين والمثقفين المحليين والدوليين وبمشاركة عربية فلسطينية. ويعتبر مؤتمر (هرتسليا) أحد أهم المؤتمرات الأمنية الإستراتيجية لإسرائيل، ويسعى لمساعدتها في تحديد المخاطر الأمنية التي تحيط بها، وكيفية مواجهتها: محلياً وإقليمياً ودوليا، وفي جميع المجالات: سياسياً واقتصادياً وأمنياً وعسكرياً واستراتيجيا .
فكرة عقد مؤتمر هرتسيليا كنسخة إسرائيلية معدلة لمؤتمرات دول أخرى، كمؤتمر (بلد برج) الذي يعقد سنويًا في قلعة منعزلة في غابة بلد برج في هولندا ويجتذب لحضوره شخصيات عالمية متخصصة في المجالين الأمني السياسي، أو كمؤتمر (دافوس) الشهير الذي يعقد في سويسرا وهو يختص بدارسة الأوضاع الاقتصادية العالمية.
يهتم المؤتمر بالدرجة الأولى بالمسألة الديمغرافية، وما يتعلق بقضايا الهوية، والتعليم، والإستراتيجية العسكرية، والأمن، والبحث العلمي، والاقتصاد، حيث تنبثق أهدافه من التركيز على يهودية الدولة.
وفي نهاية المؤتمر يخرج منه توصيات تُساهم على تغيير صياغة التعابير ذات الطابع الصراعي ليحل محلها عبارات تُساهم على تحقيق مصالح اسرائيل من خلال إشعار من يحضر المؤتمر أن الصراع العربي الاسرائيلي ذهب ليحل محله ائتلاف عربي اسرائيلي على أساس المصالح المشتركة، وهذا ما أشير إليه في أكثر من موقف من قبل إدارة الاستخبارات الإسرائيلية بأن “المصالح المتبادلة بين إسرائيل والدولة السنية البرجماتية قد نمت بشكل كبير”، وبأن التحالف بين إسرائيل والعرب هو حجر الزاوية في هيكل أمني إقليمي أوسع يشمل التعاون مع الشركاء العرب.
وإحدى ركائز المؤتمر العمل على ترسيخ العلاقات العربية الاسرائيلية ضمن علاقات دبلوماسية كاملة مع اسرائيل تشمل السياق الامني والسياسي، وذكر أبرز المخاطر المحدقة لدولتهم وبالتحديد الوجود الإيراني في الشمال، وفي كل مؤتمر يتم التركيز على دعم رئيس عربي، وكما ان إحدى أبرز محاور المؤتمر هو القضية الفلسطينية حيث تخرج توصية في نهاية كل مؤتمر فيما يتعلق بالوضع الفلسطيني” بأن مصلحة إسرائيل الحفاظ على ” الوضع الراهن ” من الهدوء بدلا عن التسوية الدائمة.
وهذا ما أشار اليه بينت ولابيد في مؤتمر هرتسيليا الأخير بمواصلة الحفاظ على الهدوء مقابل تعزيز النواحي الاقتصادي ومقابل اضعاف المقاومة في قطاع غزة وجاء هذا ضمن سياق خطة بينت والتي طرحت في أكثر من مضمار.
وتحليل هذه الخطة أنه لا توجد فرصة للتوصل إلى تسوية دائمة في المستقل المنظور، وإسرائيل تسعى لتحسين الوضع على الأرض لكن مع السماح للفلسطينيين بالاعتماد على إسرائيل في الاقتصاد والبنى التحتية والأمن لسنوات عديدة قادمة، والتوصل إلى استقرار ديناميكي، والعمل على تعزيز العلاقات الاقتصادية بين إسرائيل والضفة الغربية بمعنى ليس هناك اقتصاديات ولكنه اقتصاد واحد يجري التعامل بنفس العملة ” الشيكل”، ويأتي ضمن محاور المؤتمر من سيخلف “أبا مازن” مع التأكيد بأن إسرائيل يمكنها الحفاظ على الحكم العسكري بكفاءة في الضفة الغربية.
خلاصة: مؤتمر هرتسيليا هدفه الأساسي وضع الخطط والتصورات لإضعاف القضية الفلسطينية والاستيلاء على الأرض والحقوق السياسية الوطنية وهو موقف يحول القضية الفلسطينية “ملف” من الملفات الأمنية التي تواجه إسرائيل بل أصبحت قضية إسرائيلية داخلية.
وفي نهاية المطاف الشعوب التي تريد التحرر لن تقبل الاستكانة، والفلسطينيون لن يستكينوا بل سيستمروا في نضالهم نحو تحقيق حقوقهم السياسية والوطنية، والشعب يجب اعطاءه الحقوق لأن الدولة العنصرية لن تستمر إلا بوجود دولة ليبرالية ديمقراطية تسعى إلى نبذ نظام الأبرتهايد والطائفية، وسر بقاء الشعوب وجوده واحد موحد على ارضه.