حركة “فتح” والعاروري ، بقلم : بكر أبوبكر
اختلف فصيلان الى من ينتمي الشهيد في أحد معارك الثورة أو المقاومة الفلسطينية بالثمانينيات من القرن20، فمنهم من افترض أنه ينتمي لتنظيمه (س) والآخر أصر أنه من التنظيم (ص). والى ذلك عندما حان الوقت لدفنه ومواساة أهله ودعمهم بالقدرات المطلوبة لأسر الشهداء، تمنّع التنظيم (س) والتنظيم (ص) عن ذلك بدعوى أنه ليس من تنظيمه، وأن ما يملكه من أموال هي فقط لتنظيمه؟!
حين اختلف الفصيلان (س) و(ص) في الثمانينيات من القرن العشرين حول هوية الشهيد التنظيمية ولم يبادرا لدعم عائلته بتاتًا، قامت حركة التحرير الوطني الفلسطيني-فتح بتقديم الدعم اللازم دون أن تدعي أن الشهيد لها، وما كان من الإصرار اللاحق للتنظيمين أن الشهيد لكل منما، بعد تحللهما من الأعباء المالية!
عندما سؤل القيادي الفتحاوي الذي أخذ المبادرة لماذا أنتم في فتح تفعلون ذلك؟ قال لأن الشهيد أي شهيد هو لم يستشهد من أجل فصيل سواء حركة التحرير الوطني الفلسطين-“فتح” أو غيرها، وإنما استشهد لله، أولمبادئه، ومن أجل فلسطين. فهو شهيد الوطن وبالنسبة لفتح كل عربي أو فلسطيني، أو حتى أجنبي يدافع عن فلسطين فهو من “فتح” أكان منتميًا لها أم لا، فالحركة (العجيبة) هي بنت فلسطين وهي شبه فلسطين، وهي لا تسبح الا في بحر المناضلين والجماهير.
استشهد من كل الفصائل أبطال كبار ولك النظر في بعض الشهداء المثقفين والاعلاميين (فالسياسيين والمقاتلين كُثُر، ولدينا أكثر من 100 ألف شهيد منذ النكبة) المؤرخ والكاتب الكبيرد.عبدالوهاب الكيالي من الجبهة العربية، والشهيد عزالدين القلق، والشهيد الأديب غسان كنفاني من “الشعبية”، والشهيد الرسام ناجي العلي، والشهيد الرسام بهاء البخاري، والشهيد الأردني الكاتب ميشيل النمري، والشهيد السينمائي هاني جوهرية، والشهيد المخرج اللبناني الفدائي جان شمعون، والشهيدة اللبنانية الإذاعية المناضلة نِعم فارس.
ومع المقاومة الفلسطينية منذ العام 1965 استشهد كثير من أمة العرب بالمئات، أمثال الشهيد التونسي المناضل بالثورة الشهيد خالد بن صالح الجلاصي، والشهيد الجزائري محمد بودية، والشهيد الكويتي فوزي المجادي والشهيد الشيخ فهد الاحمد، ولك النظر في سيرة الشهيد المغربي الحسين بن يحيى الطنجاوي والشهيد المغربي الآخر بوخبزة المسمى غيفارا العرب الذي حملته فلسطين لمواجهة اليانكي الأمريكي وغيرهم الكثير في تونس والجزائر والمغرب وليبيا وموريتانيا.
أما من الأردنيين والمصريين والسوريين والعراقيين واللبنانيين (وهناك من دول أخرى) فحدث ولا حرج، ومن نموذجهم الشهيد القائد (المسيحي القبطي المصري) محجوب عمر. بل واليهودي أيضًا حيث نرى الشهيد الذي وصف نفسه بالفلسطيني اليهودي ممثلنا بالاشتراكية الدولية “إيلان هاليفي”.
لنقل أنه استشهد في إطار المقاومة الفلسطينية مئات العرب ومنهم المسلمين، والمسيحيين بالعالم، بل ومن كافة الديانات. وكذلك من أحرار العالم غير العرب، ونموذجهم الأيطالي مع الثورة الفلسطينية “فرانكو فونتانا”.
لم يكن لحركة التحرير الوطني الفلسطيني- فتح حتى اليوم إلا واحتضان كل الشهداء، وتكريمهم وذكرهم الدائم كنماذج وقدوة وأمثولة نضالية في أي مجال عمل لأجل فلسطين (وليس لأجل فتح، او الثورة)، فليس بالغريب على مثل هذه الحركة -العجيبة والوفية كما أسماها أحد أصدقائي من تنظيم فلسطيني آخر- أن تنعى المقاتل الشرس والبطل من الجبهة الشعبية القائد جورج حبش وأبوعلى مصطفى والمئات من “الشعبية” وكافة فصائل (م.ت.ف) وكما نعت الشيخ أحمد ياسين أو اسماعيل أبوشنب من قيادة “حماس”، وكافة الفصائل.
فلماذا يستغرب البعض ويتعجب تعجب الجاهل أن ينعى جبريل الرجوب صديقه صالح العاروري على الصفحة الاولى من صحيفة القدس المقدسية اليوم (3/1/2023م) كما نعته الحركة!؟