ضمن مجموعة الحوارات، واللقاءات الثقافية، التي اقوم بها، منذ فترة بعيدة، مع مجموعة من السيدات العربيات، من المحيط الى الخليج، أَتناول في هذه اللقاءات، بشكل عام، دور المرأة في المجتمعات، التي تعيش فيها، ومدى تقدمها، ونيلها لحقوقها، إضافة الى معرفة الدور والنشاطات الشخصية التي تقوم به، المتحاوَرء معها، على الصعيد الشخصي والاجتماعي، وافكارها وهواياتها وطبيعة شخصيتها، وكتاباتها أيضاً، كان لقائي هذه المرَّة، في هذا الحوار، مع الشاعرة الليبية د. حواء البدي، وهي شخصية تتِّصف بالقوة وبالذكاء، والجرأة والصراحة، والطموحات الجيدة، كعادتي مع كل من احاورهنن كان سؤالي الأول لها هو:
@ من هي د. حواء البدي؟؟؟
عندما يُسأل أي إنسان عنه..يكون هذا أصعب سؤال …. من هي د.حواء البدي الآن …أم قبل عشر سنوات..أم في مرحلة الطفولة، أو المراهقةن أو المراحل الجامعية …أم عند المرض .. او عند الصحة..أو عند الموت..ام عند نكبات الحياة …..أو كونها من ذوي الإعاقة، د.حواء البدي هي خليط من كل المراحل التي مرت ومازالت تمر بها. وهي نتاج اجتماعي ديني ثقافين فقد نبتتْ في أسرة محافظة، لها طابع ديني وثقافي، وقِيم ومبادئ من الصعب التنازل عنها .. نشأتُها بين أشقائها الذكور، صنع منها شخصية صعبة المراس..قوية الشخصية .. جريئة ..صريحة ..لا تُجامل أحد، على حساب أشيائها الخاصة والعامة…مثقفة واعية، جُبلت على الثقافةن منذ نعومة أظافرهان غرستْ والدتي (رحمها الله) في عقلي وقلبي الطموح … فقد كانت تمدُّني بجرعات من المساندة الدائمة ..وكانت تؤمِّن منذ طفولتي بأنه سوف يكون لي قيمة يوما ما .. وأنه يجب ألا أتخلّضى عن طموحاتي …فكان لتربيتها دور كبير في نجاحي في الحياة ..وتخطي الكثير من العقبات والآلآم . أهم إنجازاتي في الحياة:
حصولي على جائزة الشارقة للمعاقين المبدعين سنة 2005 م، المركز الأول في المجال الثقافي، حصولي على درجة الماجستير في سنة 2007م في تخصص التربية وعلم النفس ..تخصص دقيق علم النفس التربوي … الحصول على دبلوم درجة الإجازة الدقيقة (الدكتوراه) سنة 2009 م…حاليا مازلت مستمرة في مرحلة إعداد أطروحة الدكتوراه … إنشاء صفحة معاقون، ولكنهم مبدعون، التي تلقي الضوء على كل من تحدى إعاقته، وحقق إنجازاً في حياته.
@ ما هي هوايات د. حواء البدي؟؟؟
هواياتي متعددة..أكتب الشعر وأغزل من حروفه شبابيكاً، توصلني إلى عالم الدهشة .. وفي القصة، أكتب عن مواقف تعترضني ..أو تعترض غيري ..أو ظواهر لا أحبذها … أنبش خفايا المجتمع وأعريها، وأحاول وضع حلولاً لها … وفي المقال، اكتب صوب الهدف مباشرة. كذلك أنا من عشاق التصوير الفوتوغرافي ….حيث يمتزج الإحساس باللحظة المناسبة مع الحدث …أعشق السفر ..وأمارسه …وأسافر لأزور مدن عشقتها وقرأت عنها.
@هل يمكن القول ان د. حواء شاعرة ام اديبة شاملة؟؟؟ وهل لك كتب ودواوين مطبوعة ومنشورة؟؟؟
كانت الانطلاقة منذ عرفت أن حرف الألف يقف بشموخ ..وأن حرف الحاء ينحني بعشق ..وأن حرف الباء يتمدد في خشوع، ليحترق بنزيف الإبداع …أحاول بقدر الإمكان، تحقيق التوازن الأدبي …ولكن، لا استطيع، فقيود الكتابة في كل شيء، تعتصرني في داخلها . للأسف، ليس لدي كتب ولا دواوين مطبوعة، ألا في جهاز الكمبيوتر…عندي رغبة في النشر ….ولكن البحث العلمي، يأخذ كل وقتي …وفي السابق، نفتقر لوجود دور نشر عامة، تطبع وتنشر الكتب …ونأمل أن يتغير الوضع الآن .
@ ما هي الأفكار والمباديء والقيم، التي تؤمن بها د. حواء وتدافع عنها وتعمل على نشرها؟؟؟
القيم التي أصبحت غير مرغوب فيها الآن في المجتمعات …. يطلق علي البعض أنني حنبلية ….لأني لا أعرف التنازل من أجل أي كان ….وأني لا أجامل إطلاقا …وأني لا أخاف في الحق لومة لائم …كذلك، لدي شعار اكتسبته من خلال تجاربي في الحياة ألا هو (شكراً لأعدائنا لولاهم ما كنا شيئا)، فلولا الحرب التي شُنَّتْ عليَّ ما كنت نجحت في حياتي … ولولا احتقار بعض الناس لكوني من ذوي الإعاقة، ما وصلت إلى أعلى درجة في السلم التعليمي ..ولولا العديد من الناس السلبيين، ما وجدت لي مكان في هذا العالم .
@ انا قناعاتي ان وراء كل عذاب وتخلف امرأة رجل، مذا تقول د. حواء بهذا الخصوص؟؟؟
الحقيقة المرأة هي من قامت بتربية الرجل على محاربة المرأة، والنيل منها ..فمعظم الحالات تكون المرأة متفوقة، والرجل يرى في التفوق خطر عليه .. لأنه تربَّى، أن المرأة يجب أن تكون هي الجنس الضعيف والفاشل ..وأنها وُجدتْ في الحياة لخدمته هو فقط، لهذا عاش طوال حياته ومازال، على قهر هذا الكائن، الذي يقاسمه الحياة …فالمرأة الناجحة، تدفع ضريبة فادحة بسبب الرجل ..إما تتزَّوج به وترضى بالدور الذي يرسمه لها ،، وإما أن تلاحق طموحاتها، وتتخلى عن فكرة ارتباطها بالرجل … ولكن يظل هناك عائق يكبل المرأة، هو تحقيق الرغبة في الأمومة، والتي لا تتحقَّق إلا بوجود رابط مقدس بينها وبين الرجل ،،، فالكثير من النساء، تخلين عن كل شيء في سبيل أن تصبح أم ..ولكن، تظل الحسرة في قلبها مدى الحياة ..لذا يجب أن تغير المرأة من تربية الرجل، كملك أو كسيد مُطاع، وأنه الكل ..وأن تغرس فيه حب المرأة وعشقها واحترامها، والأخذ بيدها، حتى تستطيع أن تحقق الجانبين في حياتها ،، نجاحها في الحياة، ونجاحها كزوجة وأم لجيل آخر ..
@ هل د. حواء ان تعطينا نبذة عن وضع المرأة الليبية، وثقافتها ووعيها؟؟؟
المرأة الليبية مثلها كمثل كأي امرأة أخرى في العالم، متفوقة وذكية .. تطوَّر تفكيرها كثيراً …أصبح لها رأي سديد، وقدرة على التحاور … والنضال من إجل إعلاء صوتها، والدفع بنفسها في الكثير من المحافل الثقافية، في السابق أتيحت لها فرص كثيرة، ولم تستفد منها …الآن، الباب مفتوح لها ..ونأمل أن تستفيد مما يُتاح لها من فرص جديدة ومتنوعة.
@هل تؤيد د. حواء حرية المرأة الليبية واستقلالها اقتصاديا واجتماعيا؟؟؟
أؤيد ذالك وبشدة..، لأن استقلال المرأة الاقتصادي، يوفر لها الكثير من الحماية ،، حتى تقطع الطريق أمام الرجل، الذي يسعى إلى استغلالها اقتصادياً، حتى تبقى تحت سيطرته الكاملة وامتلاكها .. لأن الرجل، مازال ناجح في هذا المجال جداً … لأنه العائل الوحيد، الذي إذا فقدته لسبب أو لآخر، فقدتَ معه الآمان والحياة المستقرة . فيجب أن تسعى المرأة على أن يكون لها مورد اقتصادي يقيها مذلة السؤال، وخاصة في حالة الطلاق أو موت الزوج ..أو سفره ..أو إصابته بعائق في جسمه، أما بخصوص الحرية الاجتماعية، فإذا كانت في حدود القانون والأخلاق وتحت رآية الدين الإسلامي، فأهلا وسهلا بها ….
@ هل تؤمن السيدة حواء بالحب وما هو رأيها به؟؟؟
اؤمن به جداً جداً …لأن الحياة من دعائمها الحب، وحثنا القرآن الكريم في معظم آياته على الحب، والمحبة بين البشر، وكذالك السُنَّة المًحمدية …. الحب هو نور الكون ..هو الشعاع الذي يضيء علينا، هو الهواء الذي نتنفٌّسه ولا نراه ..هو كل شيء جميل في الحياة، هو نحن ..انا وأنت.
@ هل د. حواء ان تعطينا نبذة عما يحدث في ليبيا الآن؟؟؟
ما يحدث الآن في ليبيا هو شيء طبيعي، فالتغيير حتمي ولا بد منه …خطوات بطيئة ولكنها سوف تظهر نتائجها بصورة واضحة مستقبلا.هذه قصيدة من بعض قصائدي وهي بعنوان: (قلبي المحترق في أنفاسي) ارجو ان تنال اعجابك:
بين نبضات القلوب …وسجال الحروف، تكون الأمنيات، ولا تكون، تنحني العواصف، ولا تخون، تضيع النبضات …لا تحتمي بغياب اللحظة، وأنت نغم العمر، تعيشين التألق، كأن العمر ينقضي، ولا ينقضي، في قلوبنا المفعمة، بهزيمة الريح كأن الزمن، ولا زمن يقطعنا، ويقذفنا بين حمم اليقظة،وكأن…لا كأن الأمنيات تتحقق، وتتمدد عبر شرايين المسافات الزمنية، الساكنة في غياب الروح، وكأن لوعة الحاضر، تبكي لوعة الماضي، وكأن الأمس ينادي اليوم …. انتظاراً لاستقبال لحظة تائهة، وكأن غداً لا يأتي أبداً، وكأننا نعانق الأمس …وننام بين الغد، واللاغد.
@ هل تؤمن السيدة حواء بالديموقراطية وحرية التعبير وتحترم الرأي والراي الآخر؟؟؟
نعم، اؤمن بكل هذا ..فالمجتمع الإسلامي المتوازن، يجب أن تكون من أهم اساسياته الديمقراطية بين أفراده ..واحترام الآخر، واحترام رأيه، والاستماع إليه، ومحاورته عنصر مهم جداً لحرية التعبير. بشرط أن لا تتعارض مع القيم والمبادئ التي يؤمن بها المجتمع.
@ هل للسيدة حواء اشعار مكتوبة ومنشورة، وعن ماذا تتحدث بها؟؟؟
نعم، لي العديد من المشاركات في كل مكان، ومعظمها تأخذ نواحي اجتماعية، التي تخص المرأة بكامل انفعالاتها … والكثير منها منشور على الشبكة العنكبوتية. هذه قصيدة بعنوان:( تركت تفاحتي للإهتراء) :
تمددتْ خطيئتي ….عبر شجرة التفاح، سقطت ثمرة الخطيئة، على حنظلة الوقت المسافر (ادم) لم يجد بُعداً ( لحواء)، ليدافع عن جريرة الاشتياق، في رثاء الحقيقة، عند ابتلاعه ثمرة التفاح، ضاع المساء دون ابتلاء، ديمومة الجسد …وتفاهات لقائنا الأول، وقبلات أنفاسي وأنفاسك، تبحث عن خرائط جسدي المتداخلة، تلعقني في رحم امرأة، لم تعرف بعد كيف تصبوا في كبرياء؟ ما زلتُ اشتهي…نفس اللحظات البائسة، حاجز جلدنا المهتريء،وتعفنات الكلمات المتبادلة، صقيع الحديث بيننا، كأننا متقاطبين، لا جاذبية … لا حدود للمسافات التائهة، ما بين رعشة قلبي خوفاً …وبدائية الإنسان فيك، ذاك تاريخ لقاء امرأة، بحجم العين المجردة من تجاويف تفاهاتك المبعثرة.
@ ما هي طموحات واحلام المرأة الليبية؟؟؟ وما هي العراقيل التي تحول دون تحقيقها؟؟؟
طموحات المرأة الليبية كثيرة، ولكن من أهمها..وليس لها حدود، لكن ثقافة المجتمع، تُعتبر من اسوأ العراقيل التي تواجهها ..ما زال العيب يطغى على الكثير من السلوكيات الصحيحة، والتي لا يحبذها المجتمع…
@ ما هي احلام وطموحات السيدة حواء؟؟؟
احلامي وطموحاتي ليس لها عدد، من بينها الحصول على درجة الدكتوراه ان شاءالله تعالى ..أن يتغير المجتمع إلى الأفضل..وأن يتحصَّل المعاق على فرص جديدة وقوية، في جميع المجالات …وأن ينظر للمعاقين نظرة إنسانية شاملة…
@ ما هو راي د. حواء بالمرأة الفلسطينية؟؟؟
معجبة بها جداً لقوتها وجرأتها وشجاعتها ونضالها ضد العدو الصهيوني، وضد السلبيات التي تواجهها …فالمرأة الفلسطينية، تسطر في التاريخ أروع البطولات في شتى نواحي الحياة ..وتربي الجيل القادم بكل عنفوانها ..ليس لها مثيل في صلابة شخصيتها وطموحاتها.
@ كلمة يمكن ان توجهها السيدة حواء للمرأة الليبية؟؟؟؟
الطريق الذي تمرين به الآن، يجب أن تكون لك الحصة الأكبر في تأسيسه …لأنك تحملين شعلة الحياة …والنوع الإنساني ..وتغير المجتمع إلى الأحسن، لن يتم إلا بك …فلا تتخلي عن دورك، لغيرك. اخيراً، هذه قصيدة من اشعاري ارجو ان تنال اعجابك وهي بعنوان: (طفلة ذاك المساء):
زمن البراءة، ضاع في طهارة الشوق، وزمن العذوبة، في برودة الصقيع، وزمن الاشتياق، في الماضي العتيد، ونحن ما زلنا ..نبحث عن عناق الليل، في سواد الحب العقيم، طفلة ذاك المساء….لما ……؟ البكاء لما…….؟ الحسرة والنحيب، عن ماض … يحيا في الوريد، عن قلب ..ينمو في اشتياق، يهمس بنعومة الخرير، في انتظار النهار، يبحث عن الوفاء، في مسارات الأرق الحزين، ومياه الأنهار، تبكي بهجة البحر، احترق بالأسف، وأنا انتظر، ربيع العمر، ليعود من جديد.
إنتهى موضوع:حوار
مع الشاعرة الليبية د. حواء البدي