شفا – أجرى الرئيس الصيني شي جين بينغ محادثات مع نظيره الفنزويلي نيكولاس مادورو موروس، الذي يقوم بزيارة دولة إلى الصين، في قاعة الشعب الكبرى.
وأعلن الرئيسان الارتقاء بمستوى العلاقات بين الصين وفنزويلا إلى شراكة استراتيجية في كل الأحوال.
ــ شراكة استراتيجية في كل الأحوال
قال شي إن الصين وفنزويلا صديقتان جيدتان تثقان في بعضهما البعض وشريكتان جيدتان في التنمية المشتركة، مشيدا بالصداقة القوية التي تشكلت وسط المشهد الدولي المتغير باستمرار.
وقال شي لمادورو إن “الصين تنظر دائما إلى علاقاتها مع فنزويلا من منظور استراتيجي وطويل الأجل، وتدعم بقوة جهود فنزويلا لحماية سيادتها وكرامتها الوطنيتين واستقرارها الاجتماعي، فضلا عن قضية فنزويلا العادلة المتمثلة في معارضة التدخل الخارجي”.
وقال شي إن “إقامة شراكة استراتيجية في كل الأحوال بين الصين وفنزويلا تلبي التطلعات المشتركة للشعبين وتتوافق مع الاتجاه العام للتطور التاريخي”، داعيا الجانبين إلى الدفع من أجل مزيد من التعاون الاستراتيجي المثمر بين البلدين، وتحقيق المزيد من الفوائد للشعبين، وضخ المزيد من الطاقة الإيجابية في السلام والتنمية العالميين.
وقال مادورو إن فنزويلا والصين تتمتعان بصداقة عميقة وتعاون مثمر، مما يجعل العلاقات الثنائية نموذجا للعلاقات بين دول الجنوب العالمي. وقال إن الشعب الفنزويلي يشكر الصين حكومة وشعبا لدعمها القيم ومساعدتها القيمة عندما كانت فنزويلا تعاني من عقوبات أحادية غير قانونية وجائحة كوفيد-19.
وقال مادورو إن التنمية الوطنية لفنزويلا والعلاقات بين فنزويلا والصين تمر بمرحلة مهمة، مردفا بقوله “إن إقامة شراكة استراتيجية في كل الأحوال أمر له أهمية تاريخية، وستؤدي بالتأكيد إلى استهلال حقبة جديدة من العلاقات الثنائية”.
وأشار سون يان فنغ، نائب مدير معهد دراسات أمريكا اللاتينية التابع للمعاهد الصينية للعلاقات الدولية المعاصرة، إلى أن فنزويلا هي أول دولة في أمريكا اللاتينية تقيم الصين معها شراكة استراتيجية في كل الأحوال.
وقال إن “العلاقات المحدثة تعني الثقة السياسية المعززة والحاجة الاستراتيجية لبعضنا البعض والتعاون رفيع المستوى بين الجانبين. كما تعني أن (الطرفين) سيوسعان بالتأكيد التعاون في الأطر متعددة الأطراف، وبالتالي، سيسهمان في بناء نظام دولي نزيه وعادل”.
ــ الكاريزما الصينية
وتحدث شي عن الإصلاح والانفتاح في الصين، وخاصة تنمية المناطق الاقتصادية الخاصة، وأشار إلى أن الإصلاح والانفتاح أداة مهمة استعانت بها الصين من أجل اللحاق بركب العصر بخطوات كبيرة، وخطوة حاسمة في جعل الصين على ما هي عليه اليوم.
وذكر أن “الصين تعتز بالخبرة القيمة المكتسبة في هذه العملية وستواصل دفع الإصلاح والانفتاح قدما. لا توجد قوة يمكن أن توقف تنمية الصين وتقدمها”.
وقال شي إن الصين على أهبة الاستعداد للعمل مع فنزويلا لدعم بعضهما البعض بقوة في استكشاف كل منهما مسارا تنمويا مناسبا لظروفها الوطنية، وتعزيز التبادلات في مجالي حوكمة الحزب والبلاد وأضاف أن الصين تدعم فنزويلا في إنشاء مناطق اقتصادية خاصة، وستتشارك معها الخبرات في هذا المجال لمساعدتها في تحقيق تنميتها الوطنية.
وأوضح مادورو أن بلاده مستعدة للتعلم من خبرة الصين في بناء مناطق اقتصادية خاصة، ومستعدة أيضا لتعميق التعاون العملي في الزراعة والاستثمار والتعليم والسياحة.
وذكر أن فنزويلا تدعم البناء المشترك للحزام والطريق، موضحا أن الجانب الفنزويلي يدعم أيضا مبادرة التنمية العالمية ومبادرة الأمن العالمي ومبادرة الحضارة العالمية التي اقترحها شي.
وقال الرئيس الفنزويلي إن الصين أصبحت دولة عظيمة ملتزمة بالسلام والتنمية ورفاهية البشرية ومحركا حيويا لتعزيز عالم جديد متعدد الأقطاب.
وأضاف أن كل ما رآه وسمعه خلال زيارته يدل على تقدم الصين وقوتها.
بدأ مادورو زيارته للصين التي تستغرق أسبوعا في مدينة شنتشن، وهي رائدة في الإصلاح حيث تم إنشاء إحدى أولى المناطق الاقتصادية الخاصة في الصين عام 1980. وهناك، شاهد الرئيس الفنزويلي بشكل مباشر إنجازات الإصلاح والانفتاح في الصين.
وقال سونغ جيون يينغ، مدير قسم دراسات أمريكا اللاتينية والكاريبي في المعهد الصيني للدراسات الدولية، إنه إذا تمكنت فنزويلا من إنشاء مناطق خاصة على النمط الفنزويلي لجذب رأس المال والتكنولوجيا والخبرة الإدارية، فإن ذلك سيعزز تنمية فنزويلا بشكل كبير، حيث تعرض اقتصاد فنزويلا لضغوط بسبب العوامل السياسية المحلية والعقوبات الأمريكية والجائحة.
وقال سونغ “سواء كان الأمر يتعلق بمبادرة الحزام والطريق أو المبادرات الثلاث الأخرى، فإن الصين تنظر إلى الدول الأخرى كشركاء متساوين، والأمر يختلف بشكل أساسي عن المبادرات التي طرحتها القوى غير الإقليمية الأخرى في التاريخ. ولذلك، تبنت دول أمريكا اللاتينية، من بينها فنزويلا، المبادرات الصينية”.
ــ توسيع التعاون
قال شي إن العام المقبل يوافق الذكرى الخمسين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين وفنزويلا. وأعرب عن استعداد الصين لتعزيز التبادلات الشعبية مع فنزويلا، ودعم تطوير معاهد كونفوشيوس لتعليم اللغة الصينية في فنزويلا، وتعزيز التبادلات الإعلامية.
ودعا الجانبين إلى تنفيذ نتائج الاجتماع الـ17 للجنة المشتركة الصينية-الفنزويلية رفيعة المستوى وتعزيز التعاون العملي في شتى المجالات في المرحلة المقبلة.
وقال شي إن الصين ترغب في استيراد المزيد من المنتجات الفنزويلية عالية الجودة، وهنأ فنزويلا على كونها أول دولة في الأمريكتين تنضم إلى التعاون الذي أطلقته الصين بشأن محطة الأبحاث القمرية الدولية.
وقال الرئيس الصيني إنه يتعين على الجانبين العمل بشكل وثيق في الآليات متعددة الأطراف، من بينها الأمم المتحدة ومجموعة الـ77 والصين، وتعزيز التضامن والتعاون مع الدول النامية الأخرى، وحماية مقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة والمصالح المشتركة للدول النامية بشكل مشترك.
وفي إشارته إلى أن الصين تولي أهمية كبرى لتنمية العلاقات بين الصين وأمريكا اللاتينية، وأن العام المقبل يوافق الذكرى السنوية الـ10 لمنتدى الصين-مجموعة دول أمريكا اللاتينية والكاريبي، قال شي إن الصين مستعدة للعمل مع فنزويلا ودول أخرى في المنطقة لتعزيز التعاون بين الصين وأمريكا اللاتينية وبناء مجتمع مصير مشترك.
وأكد مادورو أن فنزويلا على استعداد لتعزيز التواصل والتعاون مع الصين ضمن أطر متعددة الأطراف مثل الأمم المتحدة وآلية بريكس، وحماية التعددية والمصالح المشروعة للبلدان النامية، وتعزيز بناء مجتمع مصير مشترك للبشرية ولعب دور إيجابي في تعزيز تنمية علاقات مجموعة دول أمريكا اللاتينية والكاريبي مع الصين.
وعقب المحادثات، شهد الزعيمان التوقيع على عدد من وثائق التعاون الثنائي في مجالات البناء المشترك للحزام والطريق، والاقتصاد والتجارة، والتعليم، والسياحة، والعلوم والتكنولوجيا، والصحة، والفضاء، والطيران المدني.