هل هناك متغيرات توجب المشاركة في انتخابات بلدية ” القدس”…؟؟؟ بقلم : راسم عبيدات
البعض يثير “جلبة” ويحدث حالة من الإرباك والجدل في الشارع المقدسي،سواء عبر “الجروبات” أو على صفحات مواقع التواصل الإجتماعي،او عبر اللقاءات مع شخصيات مقدسية ،بما في ذلك مرجعيات دينية وسياسية ،في إطار تجنيد داعمين ومؤيدين لوجهة نظرهم،او مرشحين يكونوا جزء من قوائمهم لخوض تلك الإنتخابات متذرعين، بأن هناك متغيرات كثيرة قد حصلت في الواقع المقدسي ،وبأن هذه المتغيرات تستوجب من المقدسيين،أن يشاركوا في انتخابات بلدية ” القدس” انتخاباً وترشيخاً في ال 31 من تشرين اول القادم،لكي يتمكنوا من حماية وجودهم والدفاع عن حقوقهم (المدنية)،إقتصادية واجتماعية،طبعاً من وجهة نظرهم.وأنه علينا ان نفكر خارج الصندوق،وبأن هذه القوالب ” الجامدة” والمواقف ” المتكلسة”،بلغة دعاة المشاركة في هذه الإنتخابات،يجب مغادرتها ،فخسائرنا من عدم المشاركة في تلك الإنتخابات ترشيحاً وإنتخاباً في إزدياد،حيث أن الكيان يجبي منا الضرائب بمسمياتها المختلفة،وفي المقدمة منها ضريبة المسقفات ” الأرنونا”،وندفع ما مجموعة 28 -30 % من مجموع الضرائب التي تجبى من سكان مدينة القدس بشطريها،وما نتلقاه من خدمات لا يزيد في حده الأعلى عن 8 %،وأغلب تلك الضرائب والغرامات والمخالفات التي تجبى منا،تذهب لشق طرق وشوارع استيطانية وتحسين البنى التحتية في مستوطنات قائمة او إقامة مستوطنات جديدة.
ولا أعرف ما الذي يريده اصحاب هذا النهج والخيار من المشاركة في تلك الإنتخابات لبلدية الكيان ، هل هم يريدون منا لكون حكومة الكيان وبلديتها يزدادون”تغولا” و” توحشاً” على حقوق شعبنا في المدينة، ليست المدنية منها فقط،بل في مقدمتها السياسية الوطنية، ان نعترف بسيادة دولة الكيان على المدينة المحتلة وفق قوانين وقرارات الشرعية الدولية ..؟؟وأن نعترف بأنها العاصمة الموحدة لدولة الكيان..؟؟،وأن نعترف بشرعية الضم، لدعم الموقف الأمريكي ،حيث خرقت ما تسمي نفسها بالدولة الراعية للعملية ” السلمية” بشكل سافر ووقح القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية ونقلت سفارتها من تل ابيب الى القدس في آيار/2017 ،ذكرى نكبة شعبنا الفلسطيني..؟؟،وهل يعتقد دعاة هذا النهج والخيار، بأن رفضنا للمشاركة في تلك الإنتخابات إنتخاباً وتشريعاً ،هو موقف عدمي وتخلي عن المسؤولية تجاه سكان القدس ..؟؟؟،وهل يدرك هؤلاء والذين يبدو بانهم يقدمون مصالحهم الخاصة على المصالح العليا لشعبنا في مدينة القدس،والذين تدعمهم وتقف الى جانب بعض الأطراف الدولية، التي تتبنى الموقف ” الإسرائيلي” من قضية القدس،وإن عارضت إحتلالها وضمها على صعيد الكلام والإنشاء والمواقف النظرية،بأن الحقوق المدنية لشعبنا واهلنا في القدس،من اقتصادية واجتماعية،يريد المحتل مصادرتها والسطو عليها…وبأن تحصيلها يمكن بألف طريقة عبر تشكيل لجان وتجمعات مهنية ومؤسساتية تطالب بتلك الحقوق، دون التنازل عن الحقوق الوطنية والسياسية لأهلنا وشعبنا فيها،ودون المشاركة في هذه الإنتخابات ،عبر شرعنة والإعتراف بسيادة المحتل عليها،وبأنها عاصمة لدولته.
الموقف من قضية المشاركة في الإنتخابات لبلدية الكيان “إنتخاباً وترشيحاُ” يتطور ويتغير، لو أن دولة الكيان تعترف بأن القسم الشرقي منها عاصمة للدولة الفلسطينية،وفق ما يعرف بحل الدولتين،وبأن الإنتخابات تجري لبلدية مستقلة عن بلدية الكيان،ولكن في الإجماع لكل المكونات والمركبات الصهيونية، بأن القدس ” عاصمة لدولة الكيان،وبأنها ستبقى موحدة وغير مقسمة، فهذا يعني بأن المشاركة في تلك الإنتخابات، بتغليب المدني والحقوقي المطلبي (الإقتصادي والإجتماعي) على السياسي الوطني، تخلي عن تلك الحقوق وإستخفاف بها.
الموقف وطنياً وسياسياً ودينياً ومؤسساتياً وشعبياً،على مدار ستة وخمسين عاماً من الإحتلال قائم على مقاطعتها على خلفية الأسباب التي ذكرتها،والمشاركة في تلك الإنتخابات لم تتعد في أحسن صورها 2%،وجزء منهم من حملة الجنسية ” الإسرائيلية” من سكان الداخل الفلسطيني- 48 – والمقيمين في القدس،او ممن هم يعملون في مؤسسات ودوائر بلدية الكيان ومؤسساته الحكومة من سكان القدس .
ومن المهم جداً أن نوضح لحملة هذه المواقف والأفكار ،أنه يمنع العبث بالقضايا والحقوق الوطنية،وأن خلق حالة من البلبلة والإرباك في الساحة المقدسية،ونشر لأسماء مرشحين ضمن قائمة ستخوض الإنتخابات لبلدية الكيان،وقيام عائلات بنشر بيانات تستنكر زج اسمائهم في مثل هذا المزاد وتلك القوائم،من شأنه ان يدفع نحو فتن داخلية ، لا يستفيد منها غير المحتل.
وكذلك من المهم أن يدرك ممن يدفعون نحو هذا الخيار، بأن القصايا الكبرى والإستراتيجية، لا يجري إقرارها من قبل بلدية الكيان، من إستيطان وهدم منازل وتعليم وحيازة ارض وأمن ومخططات هيكلية،لا يجري التقرير بها من قبل المجلس البلدي،بل صاحب القرار هنا في هذه القضايا التي تعتبر أمن قومي، هي الدولة العميقة المؤسستين الأمنية والعسكرية والمتحكمين في الاقتصاد من رجال مال وأعمال ،ولذلك المشاركة في تلك الانتخابات من بوابة المطلبي وتغليبه على السياسي الوطني ضار ومؤذي ،ولعله من الهام جداً التذكير بتجربة أهلنا والعديد من الأحزاب العربية هناك في المشاركة في الانتخابات للبرلمان ” الكنيست” الصهيوني، فهذه المشاركة والتمثيل العربي في الكنيست،وبغض النظر من الموقف منها، لم ولن تمنع عمليات الإستيطان والتهويد التي تجري على قدم وساق بحق أرض شعبنا هناك،والتي ترصد لها ميزانيات ضخمة من حكومة اليمين المتطرف والفاشية اليهودية،التي تسعى لتهويد الجليل والنقب وطرد وتهجير شعبنا هناك،كذلك ،وأيضاً هل هذه المشاركة، أثرت أو غيرت في موقف دولة الكيان وأجهزتها الأمنية التي تغذي الجرائم التي ترتكب بحق شعبنا هناك ،حيث تتصاعد الجريمة هناك ،ليس بفعل عصابات الإجرام والمافيات ،بل أن أجهزة أمن الكيان،وخاصة جهاز ” الشاباك” بصماتها وأيديها ليست بعيد عما يحدث، فهي تحتضن ،مثل هؤلاء القتلة وتمنع الوصول اليهم واعتقالهم ومحاسبتهم،وهذا ليس اجتهاد أو تقدير شخصي ،فشرطة الكيان هي من صرحت بذلك .
وضمن هذه الرؤيا فأنا أقول بأنه لم يطرأ ،أي تطورات او تغييرات تستدعي تغيير الموقف الوطني والسياسي من المشاركة في انتخابات بلدية الكيان في القدس ترشيحاً وإنتخاباً،بل بالعكس في ظل اشتداد الهجمة والحرب على القدس في كافة المجالات والميادين،من قبل الحكومة الفاشية، فإن التمسك بالموقف السياسي الوطني، يجب ان يتصلب ويتقوى برفض الإنخراط في الانتخابات لبلدية الكيان.
الظروف والأوضاع في مدينة القدس،والحرب الشاملة التي يشنها الكيان عليها،توجب على الجميع الإبتعاد عن المماحكات والتجاذبات والصراعات الداخلية ،والمنظرين او المتحمسين للمشاركة في إنتخابات بلدية الكيان،من بوابة الحقوق المطلبية للمقدسيين، عليهم ان يراجعوا موقفهم وخيارهم في هذا الإتجاه، فالبعد السياسي والوطني أهم من البعد الحقوقي المطلبي المدني،وعليهم ان لا يسمحوا بأن يستغلهم الكيان في القول بأن المقدسيين وصلوا الى قناعة بضرورة تغيير موقفهم من قضية القدس،وهم يتجهون نحو الإندماج في الاقتصاد والمجتمع الإسرائيلي كمواطنين في هذه الدولة.
فلسطين – القدس المحتلة