الولايات المتحدة تهدد قواعد منظمة التجارة العالمية ، بقلم : تشو شيوان
خلال الأيام الماضية، أصبح قرار الرئيس الأمريكي يجذب أنظار العالم، حيث تفرض إدارة بايدن حظرا على الاستثمارات للصين في مجالات التكنولوجيات المتقدمة، مما تجعل القضايا الاقتصادية والتجارية إلى القضايا السياسية والعسكرية، وذلك تهدد قواعد منظمة التجارة العالمية إلى حد كبير.
إن التجارة العالمية يحكمها قواعد واتفاقيات ونظم تم الاتفاق عليها بين دول العالم تحت مظلة منظمة التجارة العالمية، وذلك بهدف تسهيل عمليات التبادل التجاري بين دول العالم كافة وأيضاً وصع شكل معين يحكم هذه التجارة والامتثال لهذه القواعد بات شكلاً أو محوراً هاماً في علاقات الدول ببعضها البعض، ولهذا سوف اتناول من خلال هذا المقال امتثال الولايات المتحدة لمنظمة التجارة العالمية وهل فعلاً الولايات المتحدة الأمريكية تمتثل لقوانين منظمة التجارة العالمية أم لا؟، الإجابة ليست رأيي الشخصي إنما هو طرح موضوعي بالحجة والدليل.
للأسف فإن إجراءات السياسة الأمريكية تقوض قواعد التجارة متعددة الأطراف، حيث تفرض عقوبات أحادية على العديد من دول العالم وتُدخل السياسة في شكل العلاقات التجارية، كما أنها تتلاعب من خلال استخدام المعايير المزدوجة في السياسات الصناعية، وتعيق سلاسل الصناعة والإمداد العالمية.
أيضاً تخترق الولايات المتحدة الأمريكية قوانين منظمة التجارة العالمية من خلال ما يُعرف بالحواجز التعريفية وغير التعريفية، والإعانات الصناعية، والإعانات الزراعية والمعالجات التجارية، والمعايير واللوائح التكنولوجية، وتجارة الخدمات وحقوق الملكية الفكرية، حيث أن الولايات المتحدة لم تُنفذ أحكام منظمة التجارة العالمية بشكل انتقائي فقط، بل منعت أيضا تعيينات أعضاء هيئة الاستئناف الجدد، ما أدى إلى توقف هيئة الاستئناف عن أداء عملها ” توقفاً تاما”، ومثل هذه الأمور قد تغيب عم عناوين الأخبار العالمية في تناولها لما يقوم به الولايات المتحدة من خروقات في أنظمة التجارة العالمية.
الولايات المتحدة لديها تاريخ طويل من اتخاذ إجراءات أحادية ضد أعضاء آخرين بمنظمة التجارة العالمية تحت ذريعة ما يسمى “لأمن القومي وحقوق الإنسان، وأيضاً خروقات واضحة فيما يتعلق بالنقل القسري للتكنولوجيا وللشركات التكنولوجية ومحاربة كل تكنولوجيا ليست أمريكية، كما وأجبرت دول أخرى على الالتزام بسياساتها الدبلوماسية ومطالبها غير المشروعة، والجميع على علم بما حدث مع شركة هواوي الصينية وإجبار الشركات الأمريكية على عدم التعاون معها، وأيضاً بعض الإجراءات لتعقيد عمليات تصنيع الرقائق الإلكترونية وحصرها داخل الشركات الأمريكية أو في الدول المتعاونة معها.
وبالإضافة إلى هذا، نفذت الولايات المتحدة سياسات إعانات حصرية وتمييزية، وعرقلت التنمية الصناعية في الدول الأخرى بوسائل من بينها الرقابة على الصادرات، كما وحفزت فك الارتباط وتفكيك سلاسل الصناعة والإمداد، وحاولت الانتفاع من إجراءات التعريفات الأحادية لفرض استعادة السلاسل الصناعية من الدول الأخرى إليها، وأسست سلاسل صناعة وإمداد ترتكز حول الولايات المتحدة من خلال إعانات كبيرة، وكل هذا مخالف قوانين منظمة التجارة العالمية.
وبصفتها أكبر اقتصاد في العالم ومؤسِساً مهماً لنظام التجارة متعدد الأطراف ومستفيداً رئيسيا منه، يتعين على الولايات المتحدة أن تجعل نفسها مثالاً جيداً من خلال الالتزام بالقواعد، والوفاء بالتزاماتها كدولة عظمى بدلاً من استغلال هذه القوة لخرق القوانين والأنظمة، كما وعليها أيضاً دعم سلطة وفعالية نظام التجارة متعدد الأطراف والعمل على تعزيز الامتثال لقواعده.
في المقابل فأن الصين ستحافظ، كما تفعل دائما، على اتصال وتعاون وثيقين مع جميع الأطراف كما وضحت وزارة التجارة الصينية، وستشارك بشكل كامل وعميق في إصلاح منظمة التجارة العالمية، وستعمل مع الأطراف كافة على تعزيز نظام التجارة متعدد الأطراف من أجل القيام بدور أكبر في الحوكمة الاقتصادية العالمية.
إن العالم في أمس الحاجة لأن يتعاون ويكاتف من أجل تعزيز التبادل التجاري بين الدول وتعزيز مفاهيم التجارة الحرة وفقاً لقوانين دولية وتجارية ثابتة ومحددة، ولكن أن تستغل بعض الدول كالولايات المتحدة سلطتها وقوتها في خرق القواعد فهذا يتسبب بإعاقة الفرص وخصوصاً للدول النامية، ولهذا يجب العمل بشكل إيجابي من قبل الولايات المتحدة الأمريكية مع دول العالم ومع الدول الأعضاء في منظمة التجارة العالمية لتعزيز الشراكات والانفتاح لما في ذلك من تقارب للمصالح لجميع الدول بما فيها الولايات المتحدة نفسها، وهذا ما تريده الصين وتريد تعميقه في أسس وقواعد التجارة العالمية.