(الحزام والطريق) جسر لبناء حوار الحضارات وحزام تنموي يفيد العالم ، بقلم : محمد علوش
منذ أن اقترح الرئيس الصيني شي جين بينغ على دول العالم البناء المشترك لمبادرة (الحزام والطريق) في خريف عام 2013، وفي ظل الجهود المشتركة من جميع الأطراف، تحولت هذه المبادرة التنموية الصينية العالمية من مجرد خطة إلى واقع عالمي ملموس، وأسهمت إسهاماً واضحاً في دفع التنمية الاقتصادية العالمية وتحسين مستوى العيش في العديد من بلدان العالم، ومنها العديد من البلدان العربية.
وفي الوقت الذي تجلب فيه مبادرة (الحزام والطريق) الفوائد للدول المنضوية في إطارها، فإنها تبني أيضًا جسرًا للتعلّم المتبادل والروابط بين الناس، بما يتجاوز الحواجز الحضارية وصراع الحضارات، ويساعد على التعايش بين مختلف الحضارات، ويبني جسراً موثوقاً لحوار الحضارات والثقافات.
وفي هذا الصدد، تتنوع أنشطة التبادل والتعاون بين بلدان المبادرة، من تعزيز التعاون في مجال الحد من الفقر، إلى إقامة العديد من المهرجانات الموسيقية ومهرجانات الأفلام ومعارض الكتب، ومن تبادل بعثات التبادل الثقافي والبعثات الأثرية، إلى تعميق التعاون السياحي، مما يعكس حرص الدول المشاركة في مبادرة (الحزام والطريق) على بناء عالم يسوده العلم والتعليم والثقافة.
الصين كانت قد وقّعت أكثر من 200 وثيقة تعاون بشأن البناء المشترك لـ (الحزام والطريق) مع 152 دولة و 32 منظمة دولية، بينها برنامج (عائلة طريق الحرير) الذي طرح أكثر من 300 مشروع تعاون حول تحسين معيشة الشعب في دول البناء المشترك، وشجع على إنشاء ما يقرب من 600 شراكة بين المنظمات الاجتماعية الصينية والأجنبية، حيث بلغ الأعضاء المنضوون في برنامج اتحاد المسارح والمتاحف والمهرجانات الفنية والمكتبات ومتاحف الفنون لطريق الحريق أكثر من 500 عضو، وشهد تأثير أكثر من 10 علامات تجارية للتبادل الثقافي والتعاون التعليمي مثل (رحلة طريق الحرير) و (ورشة لوبان) في التوسع، بما أسهم في تعزيز التفاهم والتبادل بين الثقافات المختلفة.
في الأثناء، شهد التعاون العلمي والتكنولوجي في إطار المبادرة تطورا سريعاً، فمنذ إطلاق خطة العمل للابتكار العلمي والتكنولوجي، عززت الصين من تعاونها مع البلدان المنخرطة في مبادرة (الحزام والطريق) في مجالات التبادلات العلمية والثقافية، والمختبرات المشتركة ونقل التكنولوجيا وغيرها، وأقامت علاقات تعاون علمي وتكنولوجي مع 84 دولة مشتركة في بناء المبادرة، ودعمت 1118 مشروعًا بحثيًا مشتركًا، واستثمرت ما مجموعه 2.99 مليار يوان.
تتميز الدول المشاركة في عملية البناء المشترك لـمبادرة (الحزام والطريق) بمستويات متفاوتة من التنمية الاقتصادية، واختلافات ثقافية واجتماعية، وعلى ضوء ذلك، عملت الصين بنشاط على بناء منصة للحوار بين الشعوب وبذلت سلسلة من الجهود لتعزيز التفاهم المتبادل وتعزيز التضامن والتعاون بين الدول.
وخلال القمة الأولى للصين والدول العربية، اقترحت الصين تعزيز التعاون بين 500 مؤسسة ثقافية وسياحية من الجانبين الصيني والعربي، وتدريب 1000 موهبة ثقافية وسياحية للبلدان العربية، والتنفيذ المشترك لمشروع الترجمة المتبادلة لـ 100 كتاب من الكلاسيكيات و50 برنامجًا سمعيًا بصريًا.
ويمكن القول إن التوسع المستمر للتبادلات الشعبية والثقافية بين الصين ودول مبادرة الحزام والطريق، والعمل المشترك بين الصين وهذه الدول على المضي قدماً في بناء هذه المبادرة، قد حقق إنجازات عديدة وهامة، وتحولت المبادرة إلى حزام تنموي يفيد العالم، وجسراً حضارياً يعزز الاحترام والثقة والمتبادلة بين الدول.
وهناك فرص مهمة يجب أن يغتنمها العالم، وفقاً للسيد غوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة، والذي أكد أن العالم سيستفيد من مبادرة (الحزام والطريق) في تسريع الجهود لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، لأنها تعتمد على تنسيق السياسات بين الدول التي يمر بها الطريق، وتربط المرافق الخدمية التي تنشأ حولها، كما أنها تتيح التجارة دون عوائق، وتدعم التكامل المالي والتبادلات بين الناس، وعلى العالم أن يستفيد من مبادرة (الحزام والطريق) للمساعدة في سد فجوات التمويل الكبيرة لتحقيق أهداف التنمية، ويمكن أيضاً أن تنعكس فيها المبادئ الخضراء في العمل الأخضر للحفاظ على البيئة، باعتبار أن البلدان لا تحتاج فقط إلى الطرق المادية والجسور لربط الناس والأسواق، بل إلى مستقبل نظيف وصديق للبيئة ، وهو ما حرصت عليه مبادرة (الحزام والطريق) التي مازالت تشق طريقها بثقة وقوة واقبال عالمي مشهود للانضواء في بناء هذا المسار الانساني التنموي العريق.