دردشة رقم ( 119 ) مصافحة الشيْطان بقلم : أبو علي شاهين
هذه دردشة سيكون بعضها قديم وبعضها جديد ..
وبعضها عليه تعليق ما / وآن أوان نشرها.
مقدمة.
الحركة بركة .. ولو بمصافحة الشيْطان، واليد البطّالة نجسة .. ولو صافحت السلطان، وإذا لم يكن لديك إستراتيجية .. فإسبح ضد تيار إستراتيجية عدوك .. لأن الوحيد الذي لا يسبح إلا مع تيار النهر هو السمك الميت.
إن أخطر ما يواجه قضيتنا .. هو الجمود السياسي، وهذا ينطبق تمام الانطباق وينسحب على كل قضايا الشعوب عبر التاريخ ..، ولعلنا من أكثر شعوب الأرض معاناة من هذا الجمود وسياقه ومضاعفاته .. منذ نكبة (1948) حتى الانطلاقة المسلحة (1965) ..حيث بدأت القضية الوطنية الفلسطينية تنفض الغبار عن ملفها السياسي، . وسبق ذلك المرور بالإرهاصات العسكرية ( 12/1953 ــ 2/1955) من قطاع غزة بقيادة ‘المعلم’ خليل الوزير.
(1) تجفيف الموارد المالية واوسلو.
ارادت واشنطن – حليفة الكيان الصهيوني .. فرض الجمود السياسي بعد حرب عام (1982) على القضية الفلسطينية/ برمتها حيث نجح بيجن في وضع حد ونهاية لمقترحات مشروع ‘رونالد ريجان’ الخاصة بالقضية الفلسطينية في [1/9/1982]، لقد رفض بيجن مجرد مناقشتها وعلى أي صعيد، وزادت الطين بلة .. الموقف الفلسطيني المؤيد للعراق (صدام حسين) في حرب الخليج الثانية، حيث تم إجتياح القوات العراقية (2/8/1990) للأراضي الكويتية .
وإنطبق علينا القول الفلسطيني الدارج ..[مكروهة من حماتها وأنجبت توأمين بنات !!] فأمرت واشنطن بتجفيف الموارد المالية لمنظمة التحرير الفلسطينية، وأطاعت معظم حكومات أقطار الدول العربية الشقيقة – الأمر الامريكي -، وإستمر هذا الوضع الشاذ .. حتى التوقيع على ‘إتفاق إعلان المبادئ ــ أسلو’ في [13/9/1993] .. بالمرج الأخضر في البيت الأبيض الأمريكي.
(2) أنواع الأرض الفلسطينية.
وعادت منظمة التحرير الى [غزة ــ أريحا] أولاً، وبالتدريج الممل ــ توسعت الرقعة الجغرافية (نوعاً ما) لتشمل أراضي أُطلق عليها ‘منطقة A ‘، وما أدراكم ما ‘المنطقة A ‘، الله وحده يعرف حدودها المساحية، وهي واحدة من عدة مناطق فهناك ‘منطقة B ‘ و’منطقة C’ .. ومنطقة رابعة إنها ‘المنطقة الخاضعة لجيش الاحتلال ــ المنطقة الصفراء’، وهناك ‘منطقة شرق القدس’ .. الغير متعارف عليها بعد، ولعل أخطر هذه المناطق هي المناطق التي تم ضمها الى ‘دولة ــ الكيان الصهيوني’ مثل ‘منطقة وادي النطرون’.
(3) من النيل إلى الفرات.
كل هذا التقطيع يتم في المنطقة المحتلة إثر حرب عام (1967) و التي تشكل وتمتد مساحتها الى [22 %] من مساحة الارض المحتلة آنذاك ..، مع الأخذ بعين الاعتبار أن هذه الأرض جميعها .. هي أرض متنازع عليها .. من وجهة نظر الإحتلال الصهيوني .. الذي لم يُنَفذ أي سطر من أية إتفاقية مع ‘الجانب الفلسطيني’، الذي غاب عنه أن الصراع الدائر رحاه مع ‘الجانب الصهيوني’ هو صراع وجود [نكون أو / لا نكون]، .
ويعتمد ‘الجانب الصهيوني’ في موقفه على خلفية عقائدية سماوية ربانية بأنهم ..، شعب الله المختار .. وأن الله قد وهبهم أرض الميعاد ــ الممتدة ــ من نهر النيل حتى الفرات . هذا ورد في ‘توراة ــ عزرا الكاتب’ المدونة في بابل ــ بعد السبي العبراني الثاني عام (586 ق.م.).
الغزاة جميعاً مرّوا ولم يستقرّوا .. لأن الأباء و الأجداد إمتشقوا سيوفهم وتصدوا لهم وقاتلوهم بعنف دفاعاً عن أرضهم وكرامتهم، ورحل الغزاة رغم أنوفهم .. ولو بعد حين ..، رحلوا ليس عن طيب خاطر، رحل الغزاة .. وليس عبر المفاوضات .. ثم المفاوضات .. ثم المفاوضات ..، وإذا فشلت المفاوضات .. فالعودة الى المفاوضات.
(4) طريق التفافي سياسي.
إن الوفد الفلسطيني في مفاوضات (الكورودور) في واشنطن .. قد أصر على وقف الإستيطان في الاراضي الفلسطينية المحتلة عام (1967) قبل الجلوس الى طاولة المفاوضات .. ومن هناك يكون الإنطلاق الى الحيثيات الأخرى .. بدءاً بالإنسحاب من الأراضي المحتلة .. مروراً بتسليم البلاد جملة وتفصيلاً وبالكامل .. إنهاءً بإعلان الدولة الفلسطينية ذات السيادة وعاصمتها القدس.
عندما وَجَد العدو الصهيوني أن الدروب مُغلقة لطروحاته .. مع الوفد الفلسطيني خاصة مواضيع الإستيطان واللاجئين والمياه والأَسْرى والإعتراف وجغرافيا الأرض الخ …..الخ، فلقد لجأ الى ‘الطرق الجانبية’ في المفاوضات، أقصد توجه الى قناة المفاوضات السرية، وتوصل الى اتفاق مع مهندس العلاقات (الفلسطينية ــ الاسرائيلية)..، وضع كل القضايا السابقة وغيرها .. وضعها جانباً، وكان الإعلان عن إتفاق إعلان المبادئ ‘اوسلو’ .
(5) إلعبوا، سوا .. سوا .
ولا زالت تلك القضايا المصيرية .. لم تُبحث بعد ..، واذا تم بحث بعضها .. فتحت طائلة رفع العتب .. بلا أدنى نتيجة تُذكر وعلى أي مستوى . ‘وقول على قول’ عن تاريخ وفدنا المفاوض .. لم يكن تاريخاً مضيئاً البتة، فلم يُتعب نفسه في تضيع أمر ما .. بل عمد الى سلق المواضيع ــ سلقاً ناقص المياه ــ، .
حتى ما تم إنتزاعه من العدو الصهيوني في المفاوضات العلنية/ وعمرها أكثر من عشرين عاماً، يقل كثيراً وبما لا يقاس عما حققه وأنجزه العدو الصهيوني، وعلة كل الصُعُد .. ولا زلنا نجأ ـ ليلاً نهاراً ..أن ما حققناه هو النصر المؤزر .. النصر المبين .. النصر الذي لا نصر قبله ولا نصر بعده.
(6) مسطرة هندستنا .. عوجه.
إن الهندسة السياسية الوطنية الفلسطينية . من أسوء الهندسات في حركات التحرر الوطني العالمية، لقد أردنا أن نضع حصان طروادة الفلسطيني في القلعة الصهيوني ..، [هكذا قيل لنا] فإذا بحصان طروادة الفلسطيني في قلعتنا (!!!!) . إن هندستنا السياسية لا تُرسم بمسطرة تي (T) .. بل يتم رسمها بمطرق (غصن) وجده مهندس سياستنا على قارعة الطريق .
فلم يكن بها خط شبه مستقيم .. كانت عوجاء بنت عرجاء، (وكله عند العرب عدس).
(الخاتمة)
وأخيراً .. ليس مهماً أن تأتي بقرار ما، مهما كان هذا القرار .. المهم القدرة على تنفيذ هذا القرار على أرض الواقع، لا أُنكر أن الهندسة السياسية مادة صعبة في التاريخ الوطني ولا ينجح فيها إلا العباقرة، الرموز النضالية، وليس الموظفين بدرجة رئيس .
وإنها لثورة حتى النصر .. حتى النصر