غسان كنفاني ، اديباً وروائياً وحزبياً ، بقلم : غسان ابو نجم
دراسة نشرها غسان كنفاني عام ١٩٧١تحت عنوان البناء التنظيمي التحتي يثبت مرة اخرى عبقريته الفذه ليس فقط في مجال الادب فقط ولكن بالعمل الحزبي والسياسي.
لعل من الإنصاف والضرورة قبل الشروع في مناقشة محتويات هذه الدراسة ان نلفت الانتباه لمسألة غاية بالأهمية وهي ان تجربة غسان الحزبية اضافة لإبداعه الأدبي قد اسقطت مقولة ان المبدع من الخطأ ان يكون حزبيًا وان الحزب يحد من الإبداع وهذا ما روجته وتروجه ثلة ليس بالقليلة من مثقي الطابور السادس الثقافي.
لقد اثبتت تجربة غسان كنفاني الابداعية أن المبدع هو المتسلح بنظرية ثورية التي تسهم في صقل ابداعه وتطويره وان الإبداع ملكة لا يطورها الى عمل جماعي مستند الى مفاهيم ثورية واسس نظرية تستند الى ممارسة عملية ولعل عمل غسان كصحفي ومدير تحرير لمجلة الهدف وعضويته في اللجنة المركزية للجبهة الشعبية ومهمته كناطق رسمي باسمها الى جانب كتاباته في فن الادب والرواية والقصة والرسم دليل قاطع على زيف هذه الرواية.
لقد ادرك غسان وفي وقت مبكر اهمية ان يكون هناك حزبًا ثوريا يقود الجماهير يعلمها ويتعلم منها وان يتسلح هذا الحزب بنظرية ثورية ويكون بمثابة الناظم بين النظرية والجماهير وضرورة أن يتصدى لمطالب الجماهير الشعبية الحاضنة الام له ويقودها على قاعدة الالتزام الحديدي بالأسس النظرية وقواعد المسلكية العملية بعيدا عن الاستعراض والتسلط والفوقية والشللية وتوسيع دائرة الحوار الديموقراطي داخل الحزب والالتزام بمركزية قراراته وهذا يعكس الفهم العميق للأسس اللينينية لبناء الحزب والإدراك الثوري لاهمية تصليب وتجذير مواقف الحزب النظرية والعملية التي ستؤدي الى تاسيس موقف سياسي متجذر وملتصق بارادة وطموحات الجماهير التي يرى فيها غسان وقود الثورة وغايتها.
إن هذا الفهم لدور الحزب وعلاقته مع الجماهير والانضباط الصارم لأعضائه على الصعيدين الداخلي وعلى صعيد التعامل مع الجماهير كفيل بان يحقق غاية الحزب في قيادة هذه الجماهير وهذا الفهم اللينيني لدور الحزب يبرز دور المثقف الحزبي في صياغة برامج الحزب السياسية وتصليب أهداف الثورة وغاية الجماهير في التحرر والديموقراطية.
لقد استطاع غسان كنفاني أن يترك اثر فهمه النظري للماركسية اللينينية على انتاجه الادبي والسياسي فكراسة ثورة ٣٦-٣٩اظهرت عمق ادراكه للتركيبة الطبقية للمجتمع الفلسطيني ودور الطبقة في رسم الموقف السياسي الفلسطيني ومدى تحقيقها لمطالب الجماهير الشعبية كذلك رسم غسان ملامح البرنامج السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين التي شغل عضوية اللجنة المركزية فيها في العديد من رواياته كام سعد ورجال في الشمس وغيرها التي وجهت الجماهير الى ضرورة الثورة ضد الاحتلال وان لا بديل عن تحرير فلسطين.
ولعل عمله مديرًا لتحرير مجلة الهدف المجلة المركزية للجبهة الشعبية اسهم في نشر الوعي السياسي لدى الجماهير العربية والفلسطينية مستسخدما الجريدة كمنفاخ ثوري كما اسماها لينين ولا يدرك هذا الدور للصحافة الا مثقف حزبي يستند لنظرية ثورية.
عاش غسان حياته القصيرة بحساب السنين معلمًا ومتعلما كما وصفه الدكتور جورج حبش ومتنقلا بين المهام الحزبية الجمة التي القيت على عاتقه وساهم في صياغة البرنامج السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين مستلهما تجارب الثورات العالمية وتحديدا الفيتنامية والصينية التي اعتبرها غسان أكثر عمقًا والتزامًا من التجربة الستالينية وأشد تعبيرًا عن مصالح الجماهير منتقدًا التطبيق الميكانيكي والنسخ الفج لتجارب الأحزاب الشيوعيه للتجربة السوفيتية واكد ان البرنامج السياسي للحزب الثوري الفلسطيني يجب أن يحقق مصلحة الجماهير التي ترى ان تحرير فلسطين واستعادة ما اغتصبه الكيان الصهيونى الاحلالي للارض والمنزل ووسيلة الانتاج وهذا الهدف يجب آن يعمل عليه الحزب كوادر وهيئات بشكل متسق وتعميق الحوار الديموقراطي الداخلي لتصليب موقف الحزب وتطوير برنامجه السياسي بما يتناسب مع تحقيق الاهداف السياسية.