اجتماع الأمناء العامين في القاهرة ، تكرار لما هو سابق أم التقاط الفرصة الأخيرة..؟؟ بقلم : راسم عبيدات
في واقعنا الفلسطيني تجري الكثير من المتغيرات الداخلية،وكذلك داخل دولة الكيان،التي باتت في ظل هذه الحكومة من اليمين المتطرف والفاشية اليهودية أكثر “تغولاً و” توحشا” ضد شعبنا الفلسطيني لجهة سياسات الضم والتهويد وسُعار المستوطنين،وانتقالهم من الإعتداءات الفردية الى الإعتداءات الجماعية بحق القرى والبلدات الفلسطينية وممارسة عمليات الحرق الجماعية للبيوت والممتلكات والمحاصيل وقطع الطرقات واغلاقها ومحاولات حرق البشر أحياء،كما جرى في حوارة وترمسعيا وام صفا وعوريف وغيرها من القرى والبلدات الفلسطينية ،وكتعبير عن نهج في التكوين الفكري والسياسي لهؤلاء المجرمين،وليس أعمال فردية.
المتغير الأهم،هو قيام دولة الكيان بعدوان واسع على جنين ومخيمها،في الثالث من تموز الحالي ،حشدت له أكثر من 1000 جندي و 150 عربة وآلية والطيران المسير والمروحي والحربي،واشركت وحدات السيبر وقوات النخبة من “ايغوز” و”ماجلان” و “اليمام” و”اليسام” من أجل القضاء على قوى ا ل مق او م ة الفلسطينية كتائبها وتشكيلاتها وبناها وهياكلها وخلاياها من ال م ق ا وم ين، في وقت باتت فيه ا ل م ق ا و م ة تصعد من عمليتها وتطور من قدراتها وإمكانياتها العسكرية والتسليحية والتكنولوجية وايضاً تكتيكاتها وتقنياتها ،
كل هذا الحشد من أجل اقتحام مخيم لا تزيد مساحته عن نصف كيلو متر مربع،وعلى مدار يومين لم تنجح قوات الكيان وجيشه في التقدم داخل المخيم لأكثر من ثلثه وسط م ق ا و م ة شرسة ، أذهلت وأربكت قادة دولة الكيان،والذي اضطر تحت ضربات ا ل م ق او م ة للإنسحاب من المخيم،دون ان يحقق اهدافه ، لا في سحق ال م ق ا و م ة ولا في استعادة قوة الردع،ولا تحقيق اهداف هذه العملية،والتي وصفها المعلقون والأعلاميين والعديد من قادة دولة الكيان، بأنها عملية جاءت لأهداف سياسية لنتنياهو وحلفائه،وعملية استعراضية لخدمة الفاشية اليهودية.
ونحن هنا لسنا بصدد الحديث والتفصيل عن ما اسماه الكيان ،بعملية “حديقة وبيت”،ولكن هذا التوصيف يأتي في سياق الحديث عن ما يحصل من متغيرات في دولة الكيان،لجهة سياسات الضم والتهويد وحسم الصراع.
وفيما يتعلق بدعوة الرئيس عباس لإجتماع الأمناء العامين في نهاية هذا الشهر،على ضوء العدوان الوحشي البربري على جنين ومخيمها، اود القول كمدخل لذلك ،كما قال لينين ” التعاسة في السياسة عدم تمثل المتغيرات” وكذلك كما يقول انجلز”السياسة لا تقاس بالزمن بل بالمتغيرات” ،والتعاسة في السياسة ان تستخدم نفس الأدوات للوصول الى نتيجة مغايرة.
وحتى ينجح أي حوار ولتجاربنا الفاشلة في ظل الحوارات السابقة، لا بد من توفير متطلبات نجاح هذا الحوار، لأن تسميم الأجواء والتحريض والتحريض المضاد والمناكفات والإتهامات،كلها عوامل تدفع نحو تكرار تجارب الفشل كما في الحوارات السابقة،ولعل من متطلبات نجاح هذا الحوار، الذي ربما يشكل الفرصة الأخيرة ،امام كل فصائل شعبنا لكي تغادر عقلية الأنا وامتلاك الحقيقة المطلقة وسلامة النهج والخيار،ضرورة إطلاق سراح كافة المعتقلين على خلفية سياسية، ووقف كل أشكال الاعتقال السياسي والتنكيل بالمواطنين، وإطلاق حرية التحرك السياسي لأبناء شعبنا، بعيداً عن كل أشكال ومظاهر العمل الغوغائي، وزرع الفتنة في الصف الوطني.ولربما كان الأجدى اشراك قطاعات اوسع في هذا اللقاء ،وإن كان يحمل دعوة الأمناء العامين للفصائل،بإشراك قطاعات شبابية ونسوية ومستقلين.
ولكي لا نعيد تكرار تجارب الفشل السابقة،والتي عكست نفسها على الواقع الفلسطيني الشعبي،بفقدان الثقة بالفصائل والعزوف عنها،وكشفت كذلك عن الأزمة العميقة للنظام السياسي الفلسطيني، وإن كان بدرجات متفاوتة ،فكل الحوارات السابقة خلصت الى قرارات وتوجهات،ولكنها بقيت معطلة،والبعض كان ينظر لتلك الحوارات، من الزاوية التكتيكية،بتحسين شروط التفاوض مع دولة الكيان،ورهن تلك الحقوق لتغير الحكومات في دولة الكيان والإدارات الأمريكية.
ولذلك هذا اللقاء الحواري الذي سيعقد في نهاية الشهر الحالي في القاهرة،والذي يفترض ان يشكل مدخلاً هاماً من أجل لإنهاء الإنقسام وإستعادة الوحدة الوطنية،وميدانياً لمعالجة الشأن الداخلي الفلسطيني،وكيفية إدارة الصراع مع هذا الكيان ” المتغول” و”المتوحش”، لا بد من ضرورة توفير عناصر النجاح له، وتوفير ضمانات تنفيذ ما يتم التوافق عليه من مخرجات، بما في ذلك وقف العمل بالمرحلة الانتقالية لـ«اتفاق أوسلو»، بما يعني سحب الاعتراف بدولة إسرائيل، والوقف التام لكل أشكال التنسيق الأمني مع دولة الاحتلال، والخروج من «بروتوكول باريس الاقتصادي»، والغلاف الجمركي الموحد مع دولة الاحتلال، وتحرير شعبنا واقتصاده الوطني من التبعية للاقتصاد الإسرائيلي، وبسط السيادة الوطنية على كامل الأرض الفلسطينية المحتلة، ومدّ الولاية القانونية للقضاء الفلسطيني، ما يضع دولة الاحتلال وعصابات المستوطنين وسواهم أمام المساءلة القانونية والسياسية، وفقاً للمواثيق الدولية المرعية.
ولذلك على المتحاورين، الخروج عن المألوف ،بعدم استخدام نفس الكليشهات والعبارات والمصطلحات السابقة، فإستخدام نفس الأدوات للوصول الى نتائج مغايرة،حتماً سيقود الى الفشل،فقضية ربط الحوار بأن توافق بعض القوى على ما يسمى بقرارات الشرعية الدولية،هو إفشال للحوار وتعميق الأزمة والفراق والطلاق في الساحة الفلسطينية،وتعبير عن حالة “عمى” سياسي وعدم تمثل المتغيرات الجارية على الأرض،وإصرار على ” حلب الثور”، في ظل وجود حكومة صهيونية جل تركيبتها ومكوناتها من الغلاة المتطرفين والفاشين، الرافضين ليس فقط لوجود شعبنا،بل وحتى الإعتراف بنا كشعب، ولعل ما عبر عنه الفاشي سموتريتش وزير مالية الكيان ونصف وزير أمن ومسؤول ملف الإستيطان في الضفة الغربية،وحضوره لتأبين أحد كوادر حزب ” الليكود” الصهيوني في فرنسا،قال بأنه لا يوجد شيء اسمه شعب فلسطيني،وهذا اختراع عمره أقل من مئة عام.
فشل هذا الحوار،يعني أن الساحة الفلسطينية،ستدخل في المزيد من الأزمات والخلافات والإنقسامات،وتعمق حالة السخط الشعبي وفقدان الثقة بالفصائل،ويجعل أي حوار قادم بدون جدوى.
فلسطين – القدس المحتلة