51 عاما على استشهاده ، غسان كنفاني واستباق الزمن ، بقلم : غسان ابو نجم
لم تكن الفرحة العارمة التي احست بها جولدا مائير عند اغتيال غسان مجرد نشوة عابرة بالنصر بل خلاص من مثقف استبق الزمن ورسم حدود الحلم والزمن الفلسطيني فكان بالنسبه لها اهم من لواء مسلح.ربما أدرك العدو أهمية وخطر غسان قبل أن ندرك نحن عمق فكر وثقافة هذا المثقف المشتبك ولهذا خطط لاغتياله بعبوة تزن ٩ كغم لضمان موته والخلاص من هذا الرجل الذي ادرك الواقع واستشرق المستقبل وساهم في رسم مستقبل الزمن القادم برؤية علمية وفهم ثاقَب للزمن الفلسطيني ومحاولات اغتياله التي يسعى الصهاينة للسيطرة على مجرياته.
لقد حاول غسان بحسه الأدبي المرهف ورؤيته السياسية المتقدمه أن يرسم ملامح الحلم الفلسطيني عبر العديد من شخوص رواياته بدءا بأم سعد التي أدركت ملامح التقسيم الطبقي للمجتمع الفلسطيني حتى داخل مخيمات اللجوء حين قالت خيمه عن خيمه تفرق إلى حالة الضياع الفلسطيني بعد التهجير القسري للشعب الفلسطيني وضرورة الثورة ضد الاحتلال لماذا لم تدقوا جدار الخزان إلى حالة محاولات اليمين المتنفذ حرف الثورة عن مسارها حيث اعتبرها غسان خيانة موصوله وان الخاين يشعر بالبرد حتى تحت التراب.
ولم يقتصر إبداع غسان عند حدود الفهم النظري الثوري للصراع مع المحتل بل أدرك اهمية ودور الحزب الثوري في قيادة الجماهير وضرورة الارتكاز على النظرية الثورية في خوض هذا الصراع فحمل لواء الصحافة المناخ الثوري للجماهير التي أدرك غسان أهمية ايصال الحقيقة كل الحقيقة لها ووجهها ضمن خطة مبرمجة ووعي ثوري نحو فلسطين.
.لم يغب الحنين للوطن عن روايات غسان فقد تجلى في رواية ارض البرتقال الحزين وعائد إلى حيفا وبرقوق نيسان التي ابدع فيها برسم الحالة النضالية الفلسطينية ودور المرأة فيها وهيمن الحنين للعودة للوطن في معظم كتاباته التي رسمت لوحة حركة الشعب الفلسطيني منذ اللجوء والتشتت والإقامة المؤقته في الخيام ومحاولات العودة واكتسى هذا الحنين بفهم سياسي ونظري وادراك فذ لمجريات الزمن القادم الذي يسعى الفكر الصهيوني السيطرة عليه وعلى كافة اركانه والتي شكل غسان اهمها وأكثرها قسوة على المحتل.
خمسون عاما مضت على اغتيال غسان الثائر والمفكر والكاتب والصحفي ولم تزل رؤيته ورواياته تحلق في سماء فلسطين ولكن عزاؤنا انه مات ندا.