كفوا عن التربح “الفئوي” فهم شهداء من أجل الوطن ، بقلم : موفق مطر
دثروا الشهداء بعلم الوطن (فلسطين) وغطوا رؤوسهم بكوفية اجدادنا الكنعانيين، إن كنتم بالانتماء للوطن مؤمنين، فالشهداء أكبر وأعظم مكانة، فهم في ذاكرة الشعب أبداً، ومقامهم في عليين، أما حصر تضحياتهم بدمائهم وأرواحهم وكأنها من أجل فصيل أو حزب أو جماعة أو تنظيم، فهذا لا يستقيم مع الشعارات واليافطات والخطابات والهتافات الوطنية التي نسمعها، فالانتماء الوطني عقيدة، والعقيدة الوطنية لا تفصل على مقاسات خاصة (فئوية) أما الفخر والاعتزاز ببطولات الشهداء، أو بكونهم ابرياء لكنهم ضحايا ارهاب جيش وحكومة دولة جريمة الحرب فلا يستقيم مع توظيف أسمائهم وانتماءاتهم التنظيمية –وهذا حقهم– لغير صالح الوطن، والمصالح العليا للشعب الفلسطيني، فالشهيد ما ارتقت روحه وهو يدافع عن مقر فصيله أو جماعته، وإنما عن ارض وطنه والشعب الذي ينتمي اليه، فهذا العظيم ما أمتلك شجاعة المواجهة مع جيش الجريمة ضد الانسانية والإرهاب، إلا لأنه اعتبر الوطن (الأرض والشعب) أعظم من روحه، فما عاش من يرخصها، بتوظيف تضحياته لمآرب وأهداف خاصة، وألف علامة استفهام نضعها حول كل من يستخدم أسماء ودماء الشهداء لحصد مكاسب لا صلة لها بالحرية والتحرر والاستقلال، وسنذهب الى أبعد حد بقولنا إنه غدر وقتل مرة أخرى، لكنه أشد ايلاما على ذويه وعائلته أولا، وعلى نفس ومشاعر كل وطني، والثقافة الوطنية، والذاكرة الوطنية.
الكل يتحدث عن وحدة الساحات، وعن التحام المقاتلين في ميادين المواجهة مع جيش الاحتلال وفي المخيمات، لكن المؤلم اللا مفهوم واللا مبرر رفع رايات جديدة ما بين تشييع شهيد وآخر، وكأن الجماهير الوطنية –على تنوع مشاربها السياسية والاجتماعية- التي تحمل الشهيد على اكتافها، وتسير خلفه احتراما وتعظيما لتضحياته بلا وطن ولا علم!! فعلم فلسطين رمز وطني مقدس، كما أن روح الشهيد الخالدة مقدسة في ثقافة الشعب الفلسطيني الروحية، فلماذا هذا الاصرار على الاخلال بتوازن قداسة روح الانسان الشهيد وقداسة العلم.
ليس اخلاقيا ولا وطنيا اعتبار الشهيد وزنا اضافيا للتباهي والادعاء بقصد ترجيح كفة ميزان أي كيان سياسي، ونعتقد أن اعتبار الشهداء وحتى الأسرى مجرد اعداد رابحة في بورصات الجماهير التي تعمل كثير من الكيانات السياسية (الفصائل والتنظيمات والجماعات) على توظيفها لتأكيد وجودها، وتحويلها كرسائل موجهة الى قوى ودول في الاقليم، نعتقد أن هذا اخطر علينا من نتائج وتداعيات جرائم حرب منظومة الاحتلال والاستيطان الارهابية الفاشية، لأن الفاعل يحول مسار تضحيات الشعب الفلسطيني لتصب في بحيرة القوى والدول التي لا ترى في فلسطين وشعبها والحق الفلسطيني (القضية الفلسطينية) أكثر من ورقة مساومة لتقوية مواقع نفوذهم وأوراقهم التفاوضية مع الدول الاستعمارية الكبرى، ونعتقد أن العامل على حفر وتعميق هذا المسار سيحاسبه الشعب يوما بتهمة الخيانة العظمى، فقطرة دم من أي شهيد فلسطيني يجب أن يقابلها انجاز على الأرض، أو في محافل القانون الدولي، أو محاسبة لمنظومة الاحتلال الاسرائيلي الارهابية في الجنائية الدولية، وتجميعها كطاقة رافعة لمصالح الشعب الفلسطيني، وتعزيز الروح المعنوية الفردية والجمعية الوطنية بما يثبت ويرسخ مبدأ الصمود والثورة حتى النصر… فالشهداء قد مارسوا السياسة بطهرها ونقائها وأخلاقياتها ومسالكها الوطنية، أما الوفاء فيتجلى في الحفاظ عليها بلا ادنى شوائب لأن تراكمها يؤدي الى تأكسد الثقافة الوطنية، ما يسهل على المنظومة الصهيونية كسر صمودنا وثباتنا وتمسكنا بحقنا التاريخي والطبيعي في ارض وطننا فلسطين، وتحقيق أهداف الدول الاستعمارية التي انشأتها.