(جرائم حرب نتنياهو) بالنار في جنين وتهويد القدس والاستيطان ، بقلم : موفق مطر
جريمة الحرب هي جريمة الحرب، سواء كانت جريمة الحرب متسارعة أو بطيئة، سواء استهدفت شخصا مدنيا اعزل طفلا كان أو كهلا، طبيبا أو مسعفا أو صحفيا، أو كانت ضحاياها بالعشرات أو المئات، فأرقام الضحايا، وأدوات الجريمة والأساليب ليست معيارا لاعتبارها كذلك، وإنما مرتكبها ودوافعه وأهدافه، ومخالفتها الصريحة للقوانين والمواثيق الأممية الخاصة بالحروب والصراعات، فالاستيطان (الاستعماري – الصهيوني اليهودي) جريمة حرب مهما كانت وتيرته، أو موقع الشخص المسؤول الأول عن القرار، أو تشكيلة الحكومة التي أقرته.
جريمة الحرب هي جريمة الحرب، سواء كان ضحيتها شخص، كجريمة قتل الصحفية الفلسطينية شيرين ابو عاقلة، في جنين، جريمة باتت أدلتها وأدواتها وحيثياتها غير القابلة للنقض لشدة وضوحها مُؤَكَدة، وقوة بيناتها والشهادات الدامغة، حتى لو كانت أسماء الجناة غير معلنة أو غير معلومة، وسواء كان ضحاياها عشرات أو أكثر، جلهم مدنيون وأطفال وطواقم اسعاف وصحفيين وكهول من الجنسين، والمثال الأحدث في فلسطين جريمة منظومة الاحتلال الصهيوني الفاشية العنصرية في جنين يوم امس، حيث شهد العالم وعلى الهواء مباشرة حيثياتها وتفاصيلها وأدواتها، أما المجرم صاحب القرار الأول والأخير فهو بنيامين نتنياهو الذي يقود مجموعة ارهابيين ومجرمي حرب تحت مسمى (حكومة اسرائيل) .. ولا فرق في المسؤولية عن جرائم الحرب (الاستيطان) أو (الحملات العسكرية) القاتلة للأبرياء والمدمرة للأحياء والقاتل، فالجريمتان لهما رأس مدبر واحد، وقرار تنفيذهما مصدره واحد، والمسؤول الأول رقم واحد وليس الوحيد بنيامين نتنياهو، أما سموتيرتش الذي منح صلاحيات تسريع تنفيذ جريمة الحرب (الاستيطان) – بناء 4000 وحدة جديدة على ارض محتلة منذ سنة 1967 – أو بنغفير المكلف بتنفيذ جرائم حرب عبر الاهمال الطبي وبإجراءات منبعها عقلية همجية ضد الأسرى، أو وزير الحرب ورئيس اركان جيش المنظومة والضباط والجنود في الميدان، فإنهم جميعا شركاء في الجريمة، أما الشريك المباشر والأقوى – حتى وإن كان غير موجود واقعيا لحظة تنفيذ جرائم الحرب – فهو الادارة الأميركية الحالية وسابقاتها، فهذا الشريك يمنح المنفذ (حكومة وجيش منظومة الاحتلال) الضوء الأخضر لتأمينه، ومنع اخضاعه للمساءلة القانونية وفقا لقوانين الشرعية الدولية، فقلق وانزعاج الإدارة الأميركية من جريمة الحرب (الاستيطان) وجرائم جيش الاحتلال الاسرائيلي التي يكون ضحاياها اطفال ونساء ومسنون تعبير لا يليق بدولة عظمى تدعي الديمقراطية والدفاع عن حقوق الانسان اينما كان وأيا كان عرقه أو جنسه او لونه، لكنه منسجم تماما مع توجهات الدولة الاستعمارية العنصرية اساسا العميقة الناظمة لسياسات الادارات الأميركية الجمهورية والديمقراطية على حد سواء، لكن رغم ذلك فإننا نعتقد بأن رئيس حكومة منظومة الاحتلال الصهيوني يحاول ابتزاز سيده في البيت الأبيض ومساومته على الاتفاق النووي مع ايران، فيحصل مقابل التلويح بضرب ايران وتعطيل الاتفاق الأميركي النووي معها، على غطاء اميركي لتوسيع الاستيطان اليهودي الذي تصرح الادارة الاميركية انه يعيق أكثر الوصول لحل الدوليتين، وكأن اكتفاءهم بالتشخيص يعفيهم من المسؤولية المباشرة عن توسيع الاستيطان لأنهم يعطلون تطبيق كل قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن المتعلقة بجريمة الحرب هذه، أما يد جيش الاحتلال الصهيوني المجرم المطلوقة للقتل والتدمير في القدس والضفة الغربية وقطاع غزة، فإننا لا نتوقع أدنى حميّة اخلاقية او سياسية من الادارة الأميركية للتعاطف معنا كضحايا، أواتخاذ أي اجراء عملي يكف يد منظومة دويلة الجريمة والإرهاب (اسرائيل) عن العبث بدماء الشعب الفلسطيني، فيكتفون ومعهم بعض دول الاتحاد الأوروبي المؤثرة فعلا بإصدار بيانات القلق والانزعاج..الخ !!!
ندرك جيدا أن جر الأوضاع الى مربع عنف، يتم تحويله تدريجيا او سريعا الى مربع صراع ديني أهم أهداف منظومة جريمة الحرب (اسرائيل)، لتسريع عجلة مشروع تهويد القدس ومحو هويتها العربية الفلسطينية، والسيطرة التامة على مقدساتها، وتجاوز مرحلة التقسيم الزماني والمكاني للمسجد القصى ومحيطه (الحرم القدسي) وخاصة في ظل انشغال العالم بالحرب في اوكرانيا، وإطفاء فتائل صراعات اخرى قد تشتعل في اوروبا، وكذلك البحث عن حلول للمشاكل الاقتصادية والبيئية التي تعتبر بقائمة الاهتمام الأول لدى شعوبها، لكننا بالمقابل نؤمن ان حق الشعوب في مقاومة الاحتلال والاستيطان (جرائم الحرب) بالوسائل المقررة في مواثيق الامم المتحدة والقانون الدولي حق ثابت ومشروع، كما نؤمن بأن النضال وتحقيق هدف الحرية والاستقلال يتطلب أعلى درجة من المسؤولية الوطنية، والالتقاء على مبدأ حماية الشعب الفلسطيني، ومشروعه الوطني بموقف وطني موحد، نابع عن رؤية ثاقبة للواقع على الأرض، وتعزيز امكانيات المواجهة والمقاومة الشعبية والصمود، واستمرار وتيرة العمل الجماهيري المنظم تحت ظلال علم فلسطين الرباعي الألوان، فنحن احوج في هذه اللحظات التاريخية المفصلية والمصيرية الى تأكيد رسالتنا للعالم بأننا متفقون على مبدأ انتزاع حريتنا واستقلالنا، ونقف متلاحمين مع قيادتنا الوطنية الشرعية، ورؤية الرئيس محمود عباس ابو مازن التي تستجمع الدعم والمساندة من دول وشعوب العالم المؤمنة حقا باستقلال وحرية وتحرر الشعوب، ولنا في جمهورية الصين الشعبية مثال على ذلك، ويجب ان يبقى دائما امام ابصارنا وبصيرتنا أن حكومة نتنياهو تسعى لتطويقنا ومحاربتنا تحت حجة الارهاب، وتوجيه ضربات استباقية لنا، خشية تطور في المواقف الدولية متعلقة برؤية الرئيس ابو مازن والخطاب الفلسطيني، أو اسقاطها من اعتبارات البيت الأبيض والبحث عن بدائل لها، كما يجب ألا يغيب عن بالنا أن هذه المنظومة مصابة بهوس الأمن الى حد الجنون، لذا فإنها ستبقى في حالة هجوم لارتكاب جرائم حرب اكثر وأكثر، ولا يهم ان تكون بطيئة الوتيرة او متسارعة، فالأهم أن نكون متيقظين دائما.