الأقصى نحو التقسيم الفعلي …والوصاية الأردنية “كادوك” ، بقلم : راسم عبيدات
المساعي الصهيونية لتهويد المسجد الأٌقصى وتقسيمه بشكل مؤقت بإخراجه من قدسيته الإسلامية كحق حصري ديني لإتباع الديانة الإسلامية دون غيرها من الديانات الأخرى،وانه لا يقبل القسمة ولا التقسيم،وبمساحاته وقببه ومأذنه ومصاطبه وفوق الأرض وتحت الأرض كمسجد اسلامي الى مقدس مشترك عبر سياسات الإحلال الديني التي لم تتوقف منذ احتلال عام 1967،وأصبحت الجماعات التلمودية والتوراتية توظف كل الأعياد اليهودية وما يعرف بالمناسبات القومية وأي فرصة تتوفر لها،لكي تغيير من تعريف القدس والأقصى في أذهان وعقول الفلسطينيين والعرب والمسلمين،ولكي تقول لهم بأن صلواتهم واعتكافهم في الأقصى ليست حق رباني،بل هي تتم بإرادة المحتل وبالطريقة والشكل الذي يقرره هو دون غيره.
في كل مرة وكل عام تتقدم الجماعات التلمودية والتوراتية خطوة على طريق تهويد المسجد الأقصى ،فمن بعد استكمالها لما يسمى بطقوس إحياء الهيكل المعنوي،من إدخال للقرابين النباتية والحيوانية الى ساحات المسجد الأقصى،وممارسة الطقوس التلمودية والتوراتية من نفخ في البوق والصلوات الجماعية العلنية وأداء ما يعرف بالسجود الملحمي انبطاح المستوطنين على وجوههم كاعلى شكل من أشكال الطقوس التلمودية والتوراتية،وإدخال لباس الكهنة وشالات الصلاة واللفائف السوداء واللفائف التوراتية …واستهداف باب الإسباط مؤخراً بعمليات الإقتحام المتكررة،لكي يصبج إستهدافه والسيطرة عليه،جزء مهم في السيطرة على كامل المنطقة الشرقية من المسجد الأٌقصى والتي تعادل ثلث مساحة الأقصى ….وفي صيرورة تحقيق هذا المخطط والمشروع رصدت جماعات الهيكل وحاخاماته وجمعيات ما يعرف بأمناء الهيكل وعائدون الى بيت الرب، جوائز مالية وصلت الى 20 الف شيكل لكل متطرف يقتحم الأقصى ويدخل قربان حيواني الى ساحاته …وقبل فترة تشكل لوبي صهيوني من اعضاء الكنيست لبحث حرية عبادة اليهود في “جبل الهيكل” ،والتحريض على عمليات الإقتحام،واعتبار الأقصى جزء من الأماكن المقدسة اليهودية،لما له من مكانة واهمية في الوجود والنسيج الصهيوني ….وضمن هذا المخطط وفي ظل حكومة اليمين المتطرف والفاشية اليهودية،لم تتصاعد عمليات الإقتحام وزيادة اعداد المقتحمين بمشاركة اعضاء كنيست ووزراء فقط، بل اصبح يتم رفع علم دولة الكيان في ساحات الأقصى وانشاد ما يعرف بنشيد دولة الكيان ” هتكفاه” ….ولتصل الأمور الى حد سعي وزير حكومة الكيان عميت هليفي من الليكود لتقديم مقترح من أجل تقسيم المسجد الأقصى بشكل فعلي،بحيث تكون المنطقة الجنوبية للمسلمين والمنطقتين الوسطى والشمالية من نصيب اليهود ،بما في ذلك مسجد قبة الصخرة،الذي يقولون بانه مبني على هيكلهم المزعوم….وهو لم يتحدث فقط عن عملية التقسيم،بل عن إنهاء الوصاية الأردنية على الأقصى التي تتعرض ل” التجويف” والتفريغ من محتواها يومياً بعد يوم،وكذلك انهاء أي علاقة سياسية للأردن بالأقصى والمقدسات الإسلامية والمسيحية،وأيضاً انهاء السيطرة الإدارية لدائرة الأوقاف على الأقصى،وبان لا تقتصر عمليات الإقتحام للأقصى على بوابة باب المغاربة،بل كما دعت ما يعرف بالحاخامية الكبرى ومجلس السنهدرين الجدد في مطالبها من يعرف بوزير الأمن القومي لدولة الكيان الفاشي بن غفير الى ان تكون عمليات الإقتحام للأقصى من كل الأبواب دون ساعة محددة،وفي عمليات الإقتحام يجب ان يتم اخلاء المسلمين من مصلين ومعتكفين ومرابطين من الأقصى،وأن لا يتم ابعاد اليهود عن الأٌقصى.
اذا ما استمرت المواقف الفلسطينية والعربية والإسلامية، على ما هي عليه من بيانات شجب واستنكار ومذكرات إحتجاج ورهان على الموقف الأمريكي والدولي وما يعرف بمؤسسات الشرعية الدولية،وكذلك تهديدات تطلق لا تجد لها رصيد على أرض الواقع، بأن تجاوز الخطوط الحمر في الأقصى ،سيفجر الأوضاع،وبأن ا ل م ق ا و مة ومحورها جاهزون للرد على تلك التجاوزات والعبث بمصير الأقصى وفرض وقائع جديدة فيه،وكل المعطيات وما يجري على الأرض يؤشر بان الكيان ذاهب بالأقصى نحو مصير الحرم الإبراهيمي الشريف في الخليل، الذي جرى تقسيمه بعد المذبحة التي ارتكبها المتطرف الإرهابي باروخ غولدشتاين في شباط /1994،حيث اصبح مرتعاً للمستوطنين يستبيحونه بشكل يومي ويقيمون فيه الإحتفالات والرقصات الصاخبة،وينشدون نشيد دولة الكيان “هتكفاه” فيه ويرفعون اعلام دولة الكيان بشكل كثيف عليه.
الوضع في الأقصى وما يحاك ويخطط له،يتجاوز كل الخطوط الحمر والصفر والخضر،ولسان حال الجميع يقول ،”الأقصى لن يهود” ،والأقصى سيهب لنجدته 2 مليار مسلم،موجودين على الورق وليسوا أكثر من ظاهرة صوتية،ومن لم يهبوا لنصرة الأقصى ،عندما جرى حرقه من قبل الصهيوني المتطرف من أصول استرالية ” مايكل روهان في 21/أب/1969 ،ورئيسة وزراء دولة الكيان آنذاك المغدورة غولدا مائير،التي قالت بأنها لم تنم طوال الليل وكانت تبكي على مصير دولتها،خوفاً من ان تهب الجيوش العربية والإسلامية لنصرة الأقصى وتزيل دولة الكيان من الوجود،ولتكتشف بأن العرب والمسلمين ليسوا أكثر من ظاهرة صوتية .
الجميع يعرف بأننا في إطار ما عرف بإتفاق أوسلو الإنتقالي، اتفاق الكارثة الذي ما زلنا ندفع ثمنه حتى اليوم من ضياع للحقوق والأرض وشرذمة وتقسيم للشعب والأرض وتفكيك القضية،وفي ذروة انفعال القائمين على هذا الاتفاق الكارثي وتحمسهم له، شطبنا الميثاق الوطني الفلسطيني وقلنا بانه ” كادوك” ،وثمن هذا ال” كادوك”،ما زلنا ندفعه حتى يومنا هذا،حيث الكيان مقابل هذا ال” كادوك” ،زاد “تغولا” و”توحشاً” على شعبنا، عبر بناء مئات ألآلاف الوحدات الإستيطانية،والمصادرات وتقطيع اوصال الأرض ونهبها وسلبها،وقتل أي فرصة لإمكانية إقامة ما يسمى بوهم حل الدولتين،حيث لم يبق الإستيطان مكان لإقامة دولة فلسطينية،حتى على 1/5 مساحة فلسطين التاريخية،وأخشى بأن ما يتعرض له الأقصى،واستمرار ركون أصحاب الوصاية في الأردن والسلطة الفلسطينية والدول العربية والإسلامية،الى تطمينات قادة دولة الكيان وامريكا ودول الغرب الإستعماري، الكاذبة والمخادعة والمضللة ،والتي تعوزها المصدقية،من خلال ما يجري على الأرض من وقائع تقول بأن دولة الكيان ماضية في مشاريعها ومخططاتها لتهويد الأقصى،وإيجاد شراكة وحياة وقدسية يهودية فيه،تلغي اسلاميته ،كمقدس إسلامي خاص بأتباع الديانة الإسلامية،والوقت ليس بالبعيد الذي ستعلن فيه حكومة الكيان والتطرف بان الوصاية الأردنية والعلاقة السياسية للأردن على وبالمسجد الأقصى،قد أصبحت ” كادوك” ،وحينها سيكون ” كادوك” الوصاية الأردنية من قبل الكيان،كما هو حال “كادوك” الميثاق الوطني الفلسطيني وبالاً علينا كفلسطينيين وعلى أصحاب الوصاية وعلى كل العرب والمسلمين الذين يقال بأنهم ملياران..؟؟.
فلسطين – القدس المحتلة
8/6/2023