1:09 صباحًا / 23 نوفمبر، 2024
آخر الاخبار

لبنان: رئيس يا محسنين! بقلم : اسيا العتروس

لبنان: رئيس يا محسنين! بقلم : اسيا العتروس

لبنان: رئيس يا محسنين! بقلم : اسيا العتروس


سيكون من المهم و قبل توضيح سبب اختيار هذا العنوان الاقرار بانه مقتبس من رسم كاريكاتوري بتوقيع ارمان حمص نشرته صحيفة النهار اللبنانية مرفق برسم كرسي السلطة الفارغ على كفة ممدودة تنتظر صدقة او منة او احسانا تاخر اكثر مما ينبغي …و الحقيقة ان اكثر من سبب يدفع للتوقف عند هذا الرسم المثير الذي يختزل الازمة السياسية و المأزق الحاصل في لبنان و لكن و هذا الاهم والذي يعكس خصوصية المجتمع اللبناني الذي لم يجد افضل من النكت ومن الفن لمواجهة الازمات التي باتت تتوالد بكثرة وهذا ليس بالامر الجديد على شعب لبنان المتعدد الطوائف والانتماءات والذي واجه الحرب الاهلية الدموية بالموسيقى والفن والابداع حتى ان بعض من عاشوا أهوال تلك الحرب يتحدثون عن بيروت التي تعيش على وقع القصف والصواريخ نهارا و تتحول ليلا الى ملاهي ليلة لا يتوقف فيها الغناء والرقص وكأن الحرب لم تكن .


وقد تكون تلك طريقة للهروب من واقع سوداوي ولا مجال عمليا لعاقل للتطبيع و التعايش معه الا بالاستخفاف بالمصائب و انكارها والتهوين من الماسي الى درجة العبث ..وهي ظاهرة يمكن القول انها مشتركة بين اللبنانيين والمصريين بشكل خاص و ان كانت بدرجة اقل بين بقية الشعوب العربية الموبوءة بأزماتها ..و يقول الاديب الكبير الراحل الطيب صالح الذي يقول في احد ندواته أن السودانيين لا يعبرون عن عواطفهم باندفاع وسهولة، عندهم شيء من الحياء إذا قورنا بإخواننا المصريين الذين هم أقدر منا على التعبير عن عواطفهم”…و الاكيد ان هناك حاجة ملحة كي يقبل علماء الاجتماع و خبراء علم النفس على قراءة و فهم وتحليل خصوصيات المجتمعات العربية في التفاعل و التعاطي مع الازمات و في القدرة على الصبر و التحمل لتفادي الانهيار و الصدمات …و لو كتب للعالم ان يستحدث جائزة لاكثر شعوب الارض صبرا لكانت من نصيب الشعوب العربية مشتركة بالنظر الى جلدها في تحمل الاذى الداخلي او الخارجي …


على أي حال فان سبب هذه المقدمة مرتبط باستمرار الغياب الحاصل في مؤسسة الرئاسة اللبنانية منذ نهاية ولاية الرئيس السابق ميشال عون في اكتوبر الماضي و فشل البرلمان اللبناني في التوصل في توافق في هذا الشأن بعد أكثر من عشر جلسات نيابية انتهت جميعها بالفشل و يبدو ان الفراغ سيستمر الى اجل غير مسمى بالنظر الى التجربة المسجلة في لبنان كلما تعلق الامر بالانتخابات الرئاسية التي يصح القول و انها ابعد من ان تكون شانا لبنانيا خالصا مرتبطا بالتيارات و الاحزاب القائمة بل هي شأن تتداخل فيه القوى الاقليمية و الدولية التي تعتقد و ان لبنان تحت وصايتها و يحتاج توجيهاتها و رعايتها قبل اختيار رئيسه

و حتى هذه المرحلة فلا جديد يذكر في هذه المسالة و يبدو ان كل الوساطات و المبادرات وصلت الى طريق مسدود في برلمان نبيه بري و اخر الاسماء المقترحة كان جهاد ازعور الذي لا يبدو ايضا انه حظي باي توافق و هو القادم من عالم المال و الاعمال و الذي يتمتع بعلاقات خارجية واسعة بالنظر الى موقعه و مسؤوليته في صندوق النقد الدولي
في هذه الاجواء جاء بيان قمة جدة مذكرا اللبنانيين بضرورة التعجيل بانتخاب رئيس و الخروج من دائرة الفراغ الحاصل …و يبدو أن الاسابيع القليلة القادمة قد تحمل الجديد في شان انتخاب رئيس جديد للبنان مع ادراك مختلف الاطراف و التيارات المعنية ان التعطيل لا يمكن ان يستمر الى ما لا نهاية في بلد يعاني من تعدد الازمات الاقتصادية و الاجتماعية و السياسية و من انهيار غير مسبوق للعملة و ارتفاع للبطالة و غياب للافاق و المبادرات مع تصنيف نحو ثمانين بالمائة من اللبنانيين تحت خط الفقر …


و اذا صدقت الانباء بشأن اقتراب موعد الحسم فان ذلك يعني ارتفاع المزايادات والدخول في مرحلة الشد و الجذب قبل ترجيح كفة المرشح السعيد لتولي رئاسة لبنان …رئيس مجلس النواب اللبناني الاطول بقاء في هذا المنصب نبيه بري أشار اكثر من مرة الى قلقه من هذا الوضع و من الامعان في تعطيل عمل المؤسسات و تداعياته الكارثية و هو اكثر من يدرك مصدر التعطيل الذي يرافق هذه العملية منذ عقود منذ اعتماد اتفاق الطائف بعد خمسة عشرة عاما من الحرب الاهلية لانقاذ لبنان من التشظي والانفجار و هو الاتفاق الذي سيمنح كل طرف من الاطراف مجالا للمناورة لفرض شروطه ..يدرك اللبنانيون كما تدرك النخب السياسية أن اتفاق الطائف الذي شكل خلاص لبنان نقطة حمراء لا يمكن تجاوزها …ذلك ان هذا الاتفاق بكل تعقيداته منح لبنان العبور الى شط الامان للعيش المشترك بين الطوائف اللبنانية المختلفة وتمثيلها السياسي المتجانس ليكون الجميع ممثلين في المشهد السياسي مسألة معقدة وصعبة التحقيق ولكن لا بديل لها على الاقل في هذه المرحلة و هوما يدركه اللبنانيون الذين يهربون عن واقعهم السياسي ويبحثون لهم في الموروث الفني والادبي و غيره عن منفذ وفسحة أمل حتى و ان تطلب الامر استجداء رئيس على الورق في انتظار ان تمن الطبقة السياسية على الشعب برئيس يمثل الجميع و يبحث حل القضايا العالقة المكدسة امام الجميع و ازاحة ما علق من حواجزو سواتر و الغام في طريق اللبنانيين …

شاهد أيضاً

الصحفي حسن أبو قفة

استشهاد الصحفي حسن أبو قفة في قصف إسرائيلي على النصيرات وسط قطاع غزة

شفا – استشهد، مساء اليوم الجمعة، الصحفي الفلسطيني حسن أبو قفة ونجله عماد بعد غارة …