حكمة خلية النحل: التفكير الجماعي والتفكير الاستراتيجي! بقلم : دلال صائب عريقات
في عمليات التخطيط الاستراتيجي، عادة ما نجد فريقا من الخبراء والمتخصصين حول طاولة المستشارين، التخطيط الاستراتيجي يحتاج ان يلازمه تفكير استراتيجي، ان تفكر بطريقة استراتيجية لا يعني فقط التركيز على المدى البعيد، ولكن ان تربط رؤيتك وأحلامك المستقبلية بعوامل الواقع وتحليل البيئة المحيطة من نقاط قوة وضعف وفرص وتهديد وربطها بالطريقة التي تمكنك من تجاوز التحديات والمعيقات في سبيل تحقيق أهداف المستقبل, كلما قل اليقين زادت الحاجة للتفكير والتخطيط الاستراتيجي.
القرار الاستراتيجي ليس قرار المستقبل، القرار الاستراتيجي هو القرار الذي تتخذه اليوم ويكون أثره الكبير في المستقبل !
التفكير الاستراتيجي لا يعني بالضرورة التفكير الجماعي، عندما سُئلَ ايرفينغ جانيس من جامعة ييل Yale University العريقة عن تفكير الفريق، قال إن: التفكير الجماعي= التفكير غير الأصيل!
التفكير الجماعي عادة ما يكون متجانسا جداً، متماسكا منسجما متوافقا، ويخلق مناعة من الأفكار الخارجية أو المختلفة! بالتالي يعزل التفكير الأصيل والمختلف، مما يفقده معايير الأحكام المتوازنة التي تقبل الاختلاف، وبالتالي التفكير الجماعي قد يكون خطيرا إذا أردنا ان نفكر استراتيجياً.
ينظر توماس سيلي من جامعة هارفارد في “حكمة خلية النحل” ليجيب كيف يعمل عدة آلاف من النحل معًا كوحدة متكاملة لجمع الرحيق وحبوب اللقاح والمياه التي تحافظ على حياة الخلية. يسلط سيلي الضوء على المستعمرات، وهي هياكل اجتماعية منظمة تمامًا يقوم فيها كل فرد بمهمة مختلفة وتتم مزامنة جميع المهام للوصول لأفضل وأجود انواع العسل. في عالمنا البشري، نعتمد جميعًا على بعضنا البعض وننتمي لدوائر اجتماعية تصبح جزءا من هويتنا، الا ان ما يميز سلوك خلية النحل عن السلوك البشري هو أن الانسان قد يصبح نسخة متكررة في العمل عن فرد آخر، او قد يعتمد احدنا على الاخر لدرجة ان يفقد مسؤوليته الفردية في كونه جزءا من التغيير، خاصة اذا ما غرق في الترويج لمفاهيم عمل الفريق والتفكير الجماعي الذي في حقيقة الامر يعتمد على عقول بعض الافراد القياديين في المجموعات دون غيرهم. الوعي الجماعي ينعكس في عقلية الخلية، فهو مماثل لسلوك الحشرات الاجتماعية، حيث يدرك مجموعة من الناس قواسمهم المشتركة ويفكرون كمجتمع واحد، فيكون لدى الشخص ميل قوي لعملية صنع القرار الجماعي تماما كعقلية خلية النحل، حيث يشعر الفرد بأنه في دائرة الأمان فهو مع الجماعة.
ان مصطلح عقل الخلية قد صاغه كاتب الخيال العلمي جيمس إتش شميتز في قصته القصيرة، الليلة الثانية من الصيف. ترتبط فكرته عن عقل الخلية بالطريقة التي تتصرف بها مستعمرة النحل، كما لو كانت موجهة من قبل ذكاء فرد واحد!.
التفكير الإستراتيجي يشير إلى توافر القدرات والمهارات الضرورية للقيام بالتنبؤات المستقبلية مع إمكانية صياغة الإستراتيجيات واتخاذ القرارات المتكيفة مع البيئة لكسب معظم المواقف التنافسية في ظل الموارد المحدودة.
على القائد الاستراتيجي ان يتمتع بالمهارات التالية: استشراف المستقبل, تحدي الافتراضات المسبقة, المقدرة على التحليل, المقدرة على اتخاذ القرارات المناسبة في الأوقات الصعبة, مشاركة الآخرين والاستعداد للتعلّم المستمر.
عادة ما يفكر المتخصصون في مجال محدد بطريقة متشابهة، لا تضمن وجود حيز لوجهات النظر المختلفة أي “التنوع المعرفي” الناتج عن عملية عصف ذهني متنوع الاختصاصات ينمي التفكير الناقد والابداع.
حتى يتحقق التفكير الاستراتيجي، على المجموعات ان تتمتع بالذكاء الاجتماعي حيث تتنوع المعرفة بين أعضاء المجموعة، فتتنوع المشاركات والخيارات ويتم احترام الاختلاف في ظل استقلال وعدم تحيز في تقييم آراء أعضاء المجموعة. النتيجة العلمية لأبحاث سكوت بيج من جامعة ميتشيغان تفيد بأن اجتماع الخبراء من حقول مختلفة يحقق نتائج تتفوق على انتاج فريق من المتخصصين في مجال محدد فقط!