الحزب الشيوعي الصيني عنوان “الأمن الجماعي” ، بقلم : علاء الديك
إن الحزب الشيوعي الصيني هو طليعة الشعب الصيني بكل أطيافه، وأن الغاية من تأسيس الحزب الشيوعي الصيني هو خدمة الشعب بكل أمانة وإخلاص. فالحزب الشيوعي الصيني هو حزب سياسي يناضل من أجل الشعب، فتم وضع الشعب في المقام الأول بهدف تحقيق سعادته وتطلعاته في الحياة. فعلى سبيل المثال، إستطاع الحزب الشيوعي الصيني تحقيق “التكامل الخماسي” (التكامل بين البناء الإقتصادي والسياسي والثقافي والإجتماعي والحضاري الإيكولوجي)، وكذلك إنجاز “الشوامل الأربعة” (إنجاز بناء مجتمع رغيد الحياة على نحو شامل، وتعميق الإصلاح على نحو شامل، ودفع حكم الدولة وفقاً للقانون على نحو شامل، وإدارة الحزب بصرامة على نحو شامل). وعليه، فإن الغاية من تأسيس الأحزاب السياسية هو بناء مؤسسات الدولة بهدف تحقيق سعادة الناس ورغباتهم، وعندئذ يتحقق “الأمن الجماعي”، ويسود الإستقرار والإزدهار، وبالتالي يتحقق الإنتماء للدولة ومؤسساتها الراعية للشعب، وهذا ما حدث في تجربة الحزب الشيوعي الصيني منذ التأسيس عام 1921 ولغاية اليوم.
وهذا ما دفعني لكتابة هذا المقال، فسألت ذاتي: تأسست جمهورية الصين الشعبية بقيادة الحزب الشيوعي الصيني عام 1949، وأستطاع الحزب الشيوعي الصيني رغم كل التحديات السياسية والإجتماعية والإقتصادية والثقافية، أن يحقق خلال 74 عاماً إنجازات وخبرات لم نتوقعها أو نتصورها يوماً ما، ونحن الأن نعيش التجربة الواقعية، وهي نجاح الإشتراكية ذات الخصائص الصينية في النظرية والتطبيق، والسبب وراء ذلك هو تعزيز الثقة بالنفس وتقوية الذات والتمسك بالأصل مع الإبتكار.
في المقابل، هناك أحزاب سياسية مناضلة في البلدان العربية عمرها أكثر من 80 عام، ولم تحقق برامجها الإجتماعية والإقتصادية والسياسية والمدنية ليومنا هذا، ومازالت شعوبها تعيش الظلم والقهر والإحتلال والإستعمار والتشتت والتناحر والإنقسام والإقتتال، فلماذا؟
وهنا لا بد من وضع اليد على الجرح الحقيقي، وهو عدم التمسك بالأصل في ظل الإبتكار والتقدم الحاصل. فالدولة ملك للجميع، والشعب أساس الدولة، والإصلاح والتجديد بناءاً على الجدارة، وتعزيز الإنسجام ما بين الطبيعة والإنسان، والسعي المتواصل لتحسين الذات، والتحلي بالأخلاق النبيلة، والإلتزام بالعهود. وعليه يلزمنا ترسيخ الثقة الذاتية بتاريخنا وثقافتنا، والتمسك بمبدأ”جعل الماضي يخدم الحاضر وجعل الجديد ينبثق من القديم”.
“فالأمن الجماعي” مفقود في المنطقة العربية، التي لا تزال تعيش حالة من عدم الإستقرار الجيوسياسي ليومنا هذا. في المقابل، هناك قوى وتيارات لازالت تراهن على الغير من الدول الإستعمارية والإمبريالية الغربية، في تبني برامجهم السياسية والإجتماعية والإقتصادية والثقافية والمدنية وغيرها، من أجل تحقيق الإستقرار والإزدهار والنهوض بالمؤسسات والمجتمعات، وهذا لم يتحقق ولن يتحقق. فمن غير المعقول أن نتمسك ببرامج تنموية في كافة المجالات للنهوض بالمؤسسات والشعوب، ومصدرها دول إستعمارية وإمبريالية، والتي إستعمرت المنطقة العربية لأكثر من 100 عام، ولازالت تسعى لبسط نفوذها وسيطرها على خيرات وثروات المنطقة، دون الإكتراث لتقدمها أو تطورها، وكذلك الإلتزام بإبقاء دول المنطقة في حالة تنافر وإنقسام وإقتتال، بهدف زعزعة إستقرار وإزدهار المنطقة وشعوبها. وكنتيجة حتمية، فإن الدول الإستعمارية والإمبريالية تلك، ستسعى دون شك من أجل إجهاض جهود الحزب الشيوعي الصيني، الذي نجح في تحقيق “الأمن الجماعي” للأمة الصينية، في السعي لتحقيق الإستقرار والإزدهار “الأمن الجماعي” للشعوب الأخرى، وخاصة في المنطقة العربية.
المطلوب عربياً
ومع إنطلاق أعمال إنعقاد القمة العربية في جدة هذه الأيام، فإن العرب مطالبين بأخذ زمام المبادرة والإستفادة من تجربة الحزب الشيوعي الصيني، في تحقيق “الأمن الجماعي”، وتبادل الخبرات والمعلومات والإنجازات، بهدف تحقيق “الأمن الجماعي” للشعوب والدول العربية. فالحزب الشيوعي الصيني، بقيادته وحكومته وشعبه، ليس لديهم أي ثقافة إستعمارية أو عدوانية تجاه الغير، كغيرهم من الدول الإستعمارية والإمبريالية الغربية، وبالتالي فإن الإستفادة من تجربة الحزب الشيوعي الصيني تعتبر مصلحة وطنية بإمتياز، علينا البناء عليها فوراً، لأن الصين والحزب الشيوعي الصيني لم يعتدي أو يحتل أو يفكر في إحتلال أي منطقة عربية، فهم ليسوا كغيرهم، الذين يتغنون بمبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان وهم أعداء للإنسان وحقوقه، فقتلوا وشردوا الملايين، ودمروا الدول والشعوب، من أجل تعزيز نفوذهم الأحادي، وسيطرتهم الإمبريالية والإستعمارية على الغير، فلماذا نراهن عليهم وعلى تجاربهم ليومنا هذا!
المطلوب فلسطينياً
نحن كفلسطينيين مطالبين أيضاً بالكف عن المراهنة على موقف الدول الإمبريالية والإستعمارية في السعي لتحقيق تقرير المصير والخلاص من ظلم الإحتلال وويلاته، فتلك الدول تدعم الإحتلال وتريد إدارة الصراع لكسب الوقت، من أجل السماح لدولة الإحتلال فرض الأمر الواقع، وبالتالي تمرير المخطط الإستعماري الإمبريالي بهدف ضياع الحقوق والأهداف السياسية الفلسطينية.
وكذلك فنحن مطالبين أن نبني علاقة إستراتيجية فورية مع الحزب الشيوعي الصيني، بهدف تبادل الخبرات والمعلومات، والإستفادة من التجربة في تحقيق “الأمن الجماعي” للأمة الصينية، في ظل تحديات مرت بها الصين خلال عقود مضت، والكف عن الإستعانة بالنماذج والأنظمة الغربية والمستوردة من أجل البناء، والتي مصدرها دول إستعمارية وإمبريالية لا تريد الخير لنا، والإستعانة والتمسك بالأصل فلسطينياً من أجل حاضر ومستقبل أفضل، ومد يد طلب المساعدة من الدولة الصديقة والحليفة “الصين” للإستفادة من تجربتها الحزبية الفعالة والبناءة.
“فالأمن الجماعي” لا يتحقق دون التمسك بزمام المبادرة، والتحلي بالشجاعة والعزيمة، في سبيل بناء دولة مؤسسات قوية وقادرة على الخلاص من الإحتلال وويلاته وظلمه أولا، ومن ثم تحقيق “الأمن الجماعي” للشعب وتحقيق سعادته، وهذا يتطلب مراجعة نقدية فورية من كل الأطياف السياسية والإجتماعية لبرامجها لتحقيق تلك الغاية.
باحث بالشأن الصيني والعلاقات الدولية.