قراءة سريعة: أبعد من جريمة اغتيال ، بقلم : نصار إبراهيم
ما جرى في غزة صباح اليوم لم يكن مجرد عدوان وحشي جديد. إنه مجزرة موصوفة ذهب ضحيتها 13 شهيدًا فلسطينيًا من بينهم قادة الجهاد الإسلامي الثلاثة.
ما أقدمت عليه إسرائيل أبعد من عملية اغتيال لثلاثة قادة وعدد من أفراد عائلاتهم؛ فبقدر ما هو خسارة فادحة وضربة عنيفة، إلا إنه في العمق يتجاوز معادلة تصفية الحساب، ليذهب لما هو أبعد من ذلك.
1- أولًا من الضروري التأكيد على أن عملية الاستهداف هذه يجب التعامل معها باعتبارها في صلب عقيدة الاحتلال، وليست مجرد رد فعل عابر، إنها سياسة منظمة تأتي في سياق استراتيجية الاحتلال منذ نشأته وستبقى. وكل من يتصور أو يعتقد أن إسرائيل لن تستغل أية فرصة لإيقاع الخسائر في صفوف الشعب الفلسطيني تحت وهم التفاهمات والهدنة ومراعاة الوسطاء هو واهم تماما.
2- عملية الاستهداف بحجمها وتوقيتها والطريقة الاستعراضية التي نفذت بها يشير إلى أنها جزءًا من مخطط أعمق وأشمل يستهدف:
- إحداث صدمة مباشرة في الوعي الفلسطيني الشعبي والمقاوم.
- استعادة صورة الردع الإسرائيلي وإسقاط قواعد الاشتباك التي تم فرضها خلال العقدين المنصرمين. وفي السياق شد عصب الشارع الإسرائيلي المشغول بتناقضاته الداخلية منذ شهور.
- تفكيك استراتيجية وحدة الساحات التي تعمل عليها قوى المقاومة منذ سنتين تقريبًا، في حال النجاح في فرض الاستفراد بحركة الجهاد الإسلامي وقطاع غزة، وهذا يشمل اختبار ردود فعل محور المقاومة وحساباته وقدرته على الفعل والمبادرة بما يوازي حجم الجريمة أو أكثر.
3- العملية لها أهداف سياسية تتجاوز قطاع غزة، هذا ما يفسر التنسيق المسبق ما بين الاحتلال والولايات المتحدة الأمريكية قبل أسبوع من التنفيذ. في تقديري أن العملية هي محاولة محسوبة لجر المنطقة لتفجير واسع النطاق، أو الرقص على حافة الهاوية، وذلك بهدف إرباك وتعطيل خطوات فكفكة التناقضات الجارية في المنطقة: الحوار السعودي – الإيراني، زيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي لسورية، قرار عودة سورية لجامعة الدول العربية، المفاوضات لإنهاء حرب اليمن، القمة العربية في الرياض – الملف السوري التركي – تراجع عملية التطبيع الرسمي مع إسرائيل. وبالتالي إعادة التأكيد برسائل النار على محورية الدور الأمريكي والإسرائيلي في كل ملفات المنطقة ونقض أي حديث عن تراجع هذا الدور، من خلال تصعيد حالة الاشتباك وفرملة اندفاعة بعض الدول العربية التي تعتبرها أمريكا تاريخيًا مجرد توابع لها.
4- توجيه رسالة إلى الاتحاد الأوروبي الذي ألغى الاحتفال بيوم أوروبا في تل أبيب، مفادها أن إسرائيل لا تقيم وزنًا لاعتراضات الاتحاد الأوروبي، وما على الاتحاد إلا القبول بالمعادلات الإسرائيلية.
5- هل ستنجح إسرائيل وأمريكا في تحقيق أهدافهما؟
الساعات أو الأيام القادمة حبلى بالأحداث.. سنرى.