حوار مع الشاعرة ليلى شغالي من بلاد الشنقيط الكاتب والباحث احمد محمود القاسم
ضمن مجموعة الحوارات، واللقاءات الثقافية والتعريفية، التي اقوم بها منذ فترة طويلة، وبشكل متواصل، مع مجموعة من السيدات العربيات، في دول المنطقة العربية، من المحيط الى الخليج، اتناول في هذه اللقاءات، بشكل عام، دور المرأة العربية في المجتمعات، التي تعيش فيها، ومدى تقدمها، ونيلها لحقوقها، إضافة، الى معرفة الدور، والنشاطات الشخصية التي تقوم به، المتحاوَرُ معها، على الصعيد الشخصي والاجتماعي، كان لقائي هذه المرة، في هذا الحوار مع سيدة مغربية، في العقد الثالث من عمرها، شاعرة، وهي الشاعرة الموريتانية المتألقة ليلى شغالي احمد محمود، وتمتاز شاعرتنا بالذكاء والعفوية في اجاباتها، والعمف في ثقافتها وتفكيرها، شخصيتها شجاعة وجريئة وصريحة، لديها سعة اطلاع وتؤمن بالحب بقوة وعانت منه كثيراً حسب قولها. كعادتي كانت اول اسئلتي لها هو:
@ من هي الآنسة ليلى شغالي احمد محمود؟؟
ليلى انسانة تخشى البحار رياحها فى الشعر حيث تخامر الأمواجا وتضيع غيمات الضباب بعصفها وتذوب أفواجا بها أفواجا، ليلى شغالى أنثى منحدرة من سلالة علمية شنقيطية مولودة سنة1976م ولها ارث أثري، يعنى لتاريخ شنقيط الكثير، درست الأدب منهجيا، وتحولت للأعلام، عن طريق تكويين لاكتتاب الصحفيين الجدد فى التسعينيات، ولي تكوينات مختلفة مشابهة فى صيانة الآثار، عن طريق منظمات راعية كاليونسكو.
@ ما هي هوايات السيدة ليلى التي تمارسها وطبيعة عملها؟؟؟
الكتاب الأدبية باشكالها بالنسبة لى فطرة وهواياتى هي سماع الموسيقى والسفر ، أنا اعلامية، وقد كنت محررة بجريدة الشعب الرسيمة الموريتانية فى أواخر التسعينات، من ثم عملت مديرة لمكتبة بالتراث، بولاية الشمال الموريتانى، من ثم ناشطة اجتماعية تابعة لمشروع الواحات الخيرى، وعقب ذلك، عملت بجريدة الاتحاد للحزب الحاكم فترة، وانقطعت عنها لأكون رئيسة لجمعية شنقيط للأدب والثقافة والتراث، وهي معنية بصيانة التراث والآثار، واقامة الأعراس الثقافية ومن أبرزها مهرجان شنقيط للأدب والثقافة والسياحة المعروف، وهو مهرجان أدبى ثقافى سياحى دولى، وفاتت نسخته الأولى، ونحن فى تحضير الثانية منذ وقت.
@ما هي الأفكار والقيم والمباديء التي تؤمن بها السيدة ليلى؟؟؟
أنا مؤمنة بضرورة اقامة نهضة فكرية تصحيحية تعيد للأمة ما هو لها، من أثر حضاري وتاريخي مشهود، وأن نعيد بها الثقة لذاوتنا تجنبا للمسخ الذى حدى بمكتنزاتنا، وما أصابه من تغييرات سلبية، وأبلغ المنى عندي ان أكون من أبرز المهتمين والمساهمين بتحريك هذا المناخ، وتبنيه وتفعيله، وعلى عاتقي أن تعود شنقيط، كما كانت محرابا لربط الجسور الأدبية والمعرفية واشعاعها، وما أصابه من تغييرات، القيم عندى ثابتة، وهي التى جاءت مؤسسة دستورية من الخالق، أن يجبل عليها الانسان الصالح، فطرة ولا يشوشها الا ما يناقضها من عكسها، وكما قال والدى (رحمه الله تعالى شغالى أحمدمحمود ) لا يكره الاسلام الا شائنا، والشائنات على الكرام حرام، وأفكارى هي التى تقدمتْ. ليلى تؤمن جدا بالحب، فأنا أكثر من عانت معه.
@هل يمكن القول ان السيدة ليلى ذات شخصية قوية وصريحة وجريئة ومنفتحة اجتماعيا وهل هي متفائلة او متشائمة بطبيعتها ام لا؟؟؟
نعم، يمكنك القول أن شخصيتى تبلورت منذ الطفولة، اذ كنت أتصرف وأتكلم وأعمل كالكبار، ومعروفة بالجرأة والاصرار، أما صراحتى وتلقائيتى فيها، فهي شهرتي، أنا صريحة لدرجة مذهلة، لدرجة الاطناب، أما من جانب الانفتاح، فأقول بلى، لكن فى حدود لا تفتح سدودى أمام كل من هب ودب، يعنى ربما كان انفتاحي نسبيا قليلا، مع أني سريعة التأقلم مع الآخرين، بطبيعتى متفائلة جدا، والا كانت كل الصعوبات التى تعرضت لها، جعلتنى أنصهر دون مطامحي، وأرتخي فيها، فأنا منطلقة من قيمة، أن القوة لله جميعا، وما هو عند الله قريب، ولا يجب القنوط منه، مهما بدى مستحيلا، والبشرية لا تقدم ولا تؤخر، الا ماشاء الله.
@ بلادكم موريتانيا تعرف ببلاد الشنقيط، ما هي اسباب هذه التسمية؟؟ وهل معروفة بهذا الاسم عربيا ودوليا؟؟؟
والدي من خيرة من أرَّخَ عن شنقيط، وكان سفيرها فى ذلك، لذا سآتي على ذكر، أنه ذكر فى مؤلفه (لمحات من تاريخ شنقيط)، بعد ان أورد كل اشتقاقات، التسمية، من أنها فى الأصل كلمة بربرية، وتعني، عيون الخيل، أو بلاد الملثمين، الا أن والدي، عقب على أنها عبارة جاءت من مصدر (الشقيط)، والشقيط كلمة عربية فصيحة تعني معدن الشقيط، والشقيط هو الخزف، أي ما يصنع منه الأوانى الخزفية، ومع لحن بسيط فى التداول، جاءت شنقيط، من لفظ الشقيط وهكذا، وهي اشتهرت بهذا الاسم دوليا فعلا، بالنسبة لأوروبا بعدما رأوا أنها مناسبة للربط بين مستعمرات فرنسا، تم اكتشافها انها مصدر لكل القوافل، المتحركة بين الشمال والشرق والغرب من القارة، أما بالنسبة للعرب، فقد اشتهرت عندهم بعلم اصحابها، وأيضا أنهم كانوا يردون للحج فرداى وجماعات ويعلمون الناس، شنقيط، هي أم جميع القبائل الموريتانية، التى فرقتها الحروب وبعثرتها، فلم يبقى سوى قبيلتين (بكرية وعلوية) وهما من أسستا شنقيط الحديثة.
@كيف اصبحت تعرف بدولة موريتانيا عربيا ودوليا؟؟؟
أختلفت فى ذلك التأويلات أيضا، يقال أن أصل الاسم روماني، ويعنى (موري) أي انسان تاني أسمر، يعني بلاد السمر، والبعض قال أن هذه التسمية، أطلقتها الرومان على كافة المنطقة
بعد توزيع مستعمراتها، أي كانت تطلق على المغرب وتونس والجزائر وموريتانيا، وبعد استقلال المغرب وتونس والجزائر، بقيت التسمية على موريتانيا. اشارة للمنطقة، يقال أن أصل التسمية رومانية، وعندما استقلت موريتانيا، كانت كدولة حديثة مشرعة، تلتفت الى الكثير، غير تغيير اسمها الى أصله، وحتى تظل معروفة بحكم القرار الذى ورد عن استقلال موريتانيا، وهذه فكرة متواضعة جدا، لكن هي الشائعة، فى استبقاء تسمية موريتانيا التكنية موري أي بلاد الانسان تاني الاسمر.
@هل يمكن للسيدة ليلى اعطاؤنا فكرة عن المرأة الموريتانية، ثقافتها وعاداتها وتقاليدها؟؟؟
المرأة الموريتانية عجينة من مواهب، وحافظة تاريخية دقيقة، وثرية جداً، تجد العالمات الموريتانيات والفقيهات، تجد الشاعرات المنطويات من خلف الكواليس، تجد المرأة المعجم فى اللغة، الحافظة لبدائع الشعر العربى بصوره المختلفة، ان تحدثنا عن المرأة الموريتانية فسنذهب ولا نعود، ومن ادعى كذبته شواهد الامتحان، من زار موريتانيا وتوغَّل فى البيوت سيجد أن بحار العلم، ملتحفة بخرقة اسمها الملحفة، لا يقع عليها الا من خبر اكتشاف المعادن، المرأة الموريتانية حضارة بعلمها، غائبة الحضور، أحيانا من قسوة المجتمع المحافظ، الذى لا يرى لها، ان تبرز، لأن كلها عورة حتى علمها.
@ما هي نظرة الرجل الموريتاني للمرأة الموريتانية، هل ما زال يعتبر جسمها عورة وصوتها عورة وحتى اسمها عورة وهن ناقصات عقل ودين وهن خلقن من ضلع ىدم الأعود وان ثلثي اهل النار من النساء وغيرها من الموروثات المتخلفة ضد المرأة؟؟؟
أعتقد أن الرجل الموريتانى بات يعى الكثير في المجمتمع الذكورى فى موريتانيا، شريحة مثقفة واسعة، لكن فقط نسبيا، أجد أن بعض الأسر المحافظة، لا تزال معها تلك النظرةن أو تزيد عليها، أنه لا ينبغى للمرأة أن تحتك بالرجل، وأنه كلما يجمعهما فى مجال الابداع أو الابتكار، يحسب لها تخطيا لحدود أنوثتها، المرأة الموريتانية تظل بمحنة كبيرة، على أساس أنها مستبعدة من بعض جوانب الحياة، لا رجل ممن ذكرتهم، يحبذ قوة المرأة الفكرية ولا حضورها الذائع، لذا، هي تطاول لتصل، ومن ناحية أخرى، تدافع لتحمي منطقها الاجتماعى وهلم جراً.
@ما هي طموحات المرأة الموريتانية واحلامها التي تسعى الى تحقيقها وما هي العراقيل التي تحول دون ذلك؟؟؟
المرأة الموريتانية طامحة جامحة، تعددت مزاياها فى ذلك وتميزها فيه، تجدها شاغلة لكل مكتنف أدبي فني ثقافي سياسي، حتى على مستوى مطلق الفنون الجميلة والصناعة التقليدية، فارهة هي وذكية، وما عادت مستسلمة لكثير من معايير التقاليد، التى لا اصل لها فى الواجبات الدينية، ومن أهم العراقيل المطروحة أمامها هو الاعتراف بها كجديرة بهذا الانتصار والتفوق، على مستواها المحافظ، هو عدم الاعتراف بها كجديرة بهذا الانتصار وهذا الظفر.
@ما هي احلام وطموحات السيدة ليلى شغالي احمد محمود؟؟؟
أنا تسكننى شنقيط، المدينة والدولة، وأحلم بالاسهام للنهوض بها، ثقافيا، وأحلم نيابة عنها بتسخير الموارد، والمحفزات والرؤى والعمل.
@هل صحيح ما يقال عن المرأة الموريتانية المطلقة، انها تقيم حفلة بهذه المناسبة، تعبيراً عن بهجتها وفرحتها؟؟؟
لا تقيم حفلة، لكن هناك اعلان، أن تزغرد شفيعتها، وهي المرأة المخصصة أصلا لها بزينتها يوم فرحها، أن تصعد منزل أسرتها، وتزغرد ثلاث مرات، الأولى تعنيى تنبيه، والثانية لأعلان الطلاق فى تاريخه ليحفظ الناس معها عدتها، والأخيرة للتفاؤل لها بزيجة مباركة مع جملتها الأخيرة (أزيان سعد أشباب أتخلات سالمة والراجل مامات)، توضيح: ما يفيد أنه لا ضير من تطليق شابة، ان تمنينا لها سعدا آخر جميلاً خصوصا أنها بقيت سالمة، وطليقها لا بأس عليه اذ لم يمت، أزيان معناه بعون الله انه يكون زين أي جميل، سعد أي حظ، أشباب أي من هي بسن الشباب، أتخلات أي طلقت يعنى خلاها زوجها تركها، ولكن عند خروجها للعدة قد تقام لها حفة وحنة، ليشهد الجمهور على أنها خرجت من عدة طليقها، وينبغى لها الزواج مجددا، تقام لها حفلة بمناسبة خروج العدة.وليس قبل خروجها.
@هل السيدة ليلى شاعرة فقط ام أديبة شاملة وكاتبة؟؟؟
بالفطرة، أنا كل ذلك نعم، بفضل الله، ألهمني الله فضلا منه، على قدرة التصوير، والكتابة بشكل مختلف دوما، لكني ربما من ثقافتي عن التراث، أجنح أكثر للمدرسة لكلاسكية. واليك هذه القصيدة نموذج من اشعاري ارجو ان تنال اعجابك: لليل بحر وصوت الريح حن له، رباه أنثى أنا يقتادنى الوله، عقلى كقلبى سقاء الحب أثمله، فالحب عايشتها حماه من زمن، عانيت آخره منها و…..أوله، مشاعرى ما بدت يوما لتسعدني، رغم الحنان الذى فى العمق عشت له، رباه انى بحب الكون مفعمة، وأنت مبدع هذا الكون، مسبله،غاصت خطاي وما طوق النجاة معي، والليل بحر وصوت الريح حن له، رباه نفسى رياض فى جزائرها، يغرد الطير والأغصان تحمله، وبى مسافات فكرى كلها شهب، أنوارها شاهقات المجد تشمله، ترنم العصر والتاريخ يشهد لى، أنى سأغدوا لذات الشعر محفله، فكم أردت لها شنقيط معجزة، مع التواريخ أن تجنى جحافله، لكنها نيتى طابت بواعثها، وأقسم الخصم أن الحلم ظل له، فجرعونى متاهات ألمت لها، وقد وصلت لقاع اليأس أسفله، رباه ضائقتى ما عدت قادرة، لحملها وفؤادى الضيم أثقله، رباه هذى يدى تمتد فى طمع، الى عطائك هات الحلم أكمله، هذا وصلي على خير الورى أبداً، أثرى الخلائق والانسان أعدله،
@هل لدي الآنسة ليلى كتب منشورة او مطبوعة ام لا؟؟؟
لى الكثير من الكتابات الشعرية والمقالات منشور بصحف وطنية وعربية شعراً أكثر، خصوصا، مجلة شاعر المليون، كما انه لي الكثير من الحلقات الأدبية المسجلة بالتلفزيون الموريتاني،
لمشاركاتي الكثيرة منذ الصغر، فى المناسبات الوطنية، ولي دولياً الشيء ذاته، أما ما يخص كتاباتي، وهي قيد الطبع والنشر بعون الله قريبا، لى ديوانان الأول، (عندما يصرخ الصمت)،
و(خلجات) وهناك مجموعة قصصية للقصة القصيرة، اسمها (تحت جناح الليل)، تتكلم عن معترك المرأة الشنقيطية، فى الحياة وعقباتها فى ذلك، بدأ بتجربتي، وأعد رواية الآن عن ذات التوجه.
@ما هي النشاطات الاجتماعية التي تمارسها ليلى؟؟؟
أنا كما اسلفت لك سابقا، منغمسة بنشاط ترسيخ فكرة مشروعي الذى لا يزال فى عهدته الأولى بعد نسخته الأولى، وجل عملي أسفار للبحث عن أماكن الآثار لاكتشافها وتبيانها للمنظمات المهتمة، بالاسهام فى صيانتها، أيضا محاولة مني لرأب الصدع، الذى يسبب فيه البعض ببيعه لما يملكه من مخطوطات أثرية، مقابل عيشه، ويستخف بتاريخ أمته، وأيضا أقوم بحلة للتحسيس والتوعية فى ذات المجال، أنا ضالعة بكثير من النشاطات، الا أن طابعها أثري بحت، على المستوى الاجتماعى لى طريقتى الخاصة فى الحياة.
@عندي مقولة تقول: وراء كل عذاب وتخلف امرأة رجل، ما هو رأي السيدة ليلى بهذا القول؟؟؟
اسمح لى بالتصرف فى هذا القول من فضلك لأقول، وراء كل عذاب وتخلف امرأة، نفسها وليس رجلاً، لأنها من ترضى بحالها، وتخنع له، وهي ان أرادات شعلة من الطاقات، التى حتى لا قدرة للرجل عليها ان أراد.
@ما هي نظرة السيدة ليلى للمرأة الفلسطينية؟؟؟
بطلة عظمى، وفكر باذخ اذكته شرارة الحب للوطن وقدسيته، فى وجدانها، المرأة الفلسطينية ميزة الانسانة العربية، التى لا تستلم للقهر، ولا الضحد ولا الضيم، كرسَّتْ عالمها وهي منفية عن وطنها، وعجزنا ونحن داخل الوطن.
@ما هو راي السيدة ليلى بنظام الحكم الموريتاني، وهل هي راضية عنه وهل هو نظام ديموقراطي حقا، وما اسباب المظاهرات التي تحدث في موريتانيا بين الفينة والأخرى؟؟؟
لا يسعنى الحديث هنا، لأني أرى وطننا لم يتجاوز وجه الشبه فى كثير، هي الأيام تدوال بين الرؤساء، والشعب واع، وواع أكثر لضرورة الأمن، لأنه لا نعمة بعد الايمان، أوفى من العافية، لا أجد فى السياسة ببلدى مناخاً يميزها عن قديمها، فأيام السياسة بوطني، لها ليل سرمدي.
انتهى موضوع حوار مع الشاعرة : ليلى شغالي من بلاد الشنقي