الرياضيات والحاسوب علاقة قوية كلما فهمناها اكثر فسرت لنا الكثير

شفا – خاص – م. عبد الفتاح احمد النجار محاضر في جامعة بوليتكنيك فلسطين – كلية العلوم الادارية و نظم المعلومات  – دائرة الجرافيكس و الوسائط المتعددة : –

 

لطالما سكن ومشى على هذا الكوكب المليارات من البشر ومع التقدم العلمي والتطور التكنولوجي في كل مجالات الحياة اصبحت الحياة التي يعيشها معظم سكان الدولة الواحدة متشابهة لدرجة كبيرة من الروتين اليومي من الاعمال وادى هذا التقدم للبحث كيف كانت تعيش الشعوب القديمة قبل ظهور التكنولوجيا فوجد انها ايضا كانت تعيش بنمط ثابت ساعد في تفسير حياة كثير من الشعوب التي انقرضت و ساعد على معرفة كيفية تم بناء اماكن تاريخية عملاقة بشكل يخضع لقواعد الرياضيات وعلم الحاسوب معا مما يعني ان الانسان بطبيعته يعيش ضمن روتين و نمط ثابت مما سهل التبنؤ بخطواته المستقبيلة او كيفية تفكيره من هنا اصبح لدي اهتمام كبير في هذه الطريقة النمطية التي تقوم عليها حياة البشر والتي تفسر العلاقات بين الاشياء انطلاقا من قطيع من الحيونات او سرب الطيور او الاسماك الى تقلبات حالة الطقس الى مليارات عمليات البحث على الانترنت …. وكان المفسر الاكبر لهذه الانماط و النماذج علم الرياضيات بادارة علم الحاسوب .

 

البداية
PHI =1.61803
هذا الرقم العجيب والمعروف بالرقم الذهبي او النسبة الذهبية Golden Ratio or Golden number وهو رقم هام جدا في الفن والعلم ولانه رقم مميز للغاية فال فيه العلماء إنه يعتبر بشكل عام أجمل رقم في الكون ونظرا لاهميته وجمال كينونته استخدمه اكبر الفنانين والرسامين في رسم ابدع الصور .

كيف نتج هذا الرقم ؟
كلنا بالتاكيد يعرف متوالية (فيبوناتشي ) The Fibonacci Series لعالم الرياضيات الايطالي الشهير ليوناردو بسانو (AD 1175 ) Leonardo Pisano المتوالية المعروفة الشهيرة ….0, 1, 1, 2, 3, 5, 8, 13, 21, 34, وسبب شهرة هذا المتوالية هو ان مجموع كل رقمين يعطينا الرقم الذي يليهما ونواتج قسمة الارقام المتتالية فيها تتمتع بخاصية مذهلة وهي الاقتراب من الرقم 1.61803 المسمى النسبة الذهبية .

هذه المتتالية اعطت تفسير لمئات الاشياء المتشكلة في حياتنا مثل شكل الزهر وطريقة ترتبيه بهذا النموذج الرباني الرائع حيث اعطت تفسيرا علميا رياضيا له .

 

 

ومن الامثلة عليه قوموا بقياس المسافة بين قمة رؤوسكم والارض ثم اقسموا الناتج على المسافة بين سرتكم والارض ستجدون ان ناتج خذا العملية 1.61803 وايضا في خلية النحل يكون دائما عدد الاناث اكثر من عدد الذكور فاذا قسمنا عدد الاناث على الذكور سينتج العدد فاي 1.61803 وحتى الحلزون اذا قسنا نسبة قطر كل التفاف لولبى الى اللولب الذى يليه في قوقعته الحلزونية سيكون الناتج هو فاي 1.61803 وهناك العديد من الامثلة على وجود هذا العدد الغريب فى الكون .. اما ما يتعلق بالفن فالجميع يعرف الفنان الايطالي Leonardo di ser Piero da Vinci (ليونارددو دافينشي ) وقد لا يعرف الكثير منكم انه كان ينبش القبور ليستخرج الجثث لكى يقوم بقياس النسب الدقيقة لبنية الانسان العظمية وقد كان اول من برهن ان جسم الانسان يتكون حرفيا من كتل بناء نسبها تساوي دائما العدد (فاي) (phi) وهذه هي النسبة التي اعتمدها فى رسمه للوحته المشهورة (الرجل الفيتروفي )والتي يعتبرها البعض افضل لوحات (دافنشى) .

الرمز أو النسبة الثابتة (pi) باي هو الرقم الناتج الذي نحصل عليه من قسمة محيط الدائرة على فطرها وقد وضع المصريون القدماء رقما تقريبيا ل pi يساوي 256/81 أو 3.16 وهذا ليس سيئا بالنسبة لاول تقدير لتلك النسبة ولكن الشيء الذي يبعث على الفضول هنا بالنسبة pi هى هي انه لا يمكن تمثيلها ككسر ولكن من المعرف ان الاعداد غير النسبية لا يمكن ان تمثل بكسر عشري ولكن من المعتاد تقريب pi بالقيمة 3.14 او 22/7 وهذا الرقم العشري يستمر في التوسع الى مالا نهاية دون تكرار نفسه والواقع انه يعتقد انه يضم كل السلاسل المحدودة من الارقام بما فى ذلك رقم الحساب البنكي الخاص بكل منا . واذا نظرنا الى الدائرة سنجد انها الشكل الاكثر اساسية في لوحة الرياضيات الهندسية وسنجد ايضا ان (باي ) pi استطاعت ترجمتها للغة الارقام .

العدد e)) )هـ) =2.7182800 اوالعدد (النيبيري ) وهو اشهر ثاني رقم في الرياضيات اكتشفة العالم الرياضي الاسكتلندي (جون نايبير ) John Napier of Merchiston وسمى بهذا الاسم نسبة الى مكتشفه وهذا الرقم يعتبر عددا حقيقيا غير نسبي يساوي تقريبا 2.72 ويوجد لهذا العدد اهمية كبيرة في الرياضيات والعلوم وقد فتح الباب لحل المعادلات التفاضلية وخصوصا الخطية والحقيقية و بالتالي قد قدم اجابات عن عدد من المسائل الفيزيائية والهندسية التي لا حدود لها .

تقدم الحياة على كوكب الارض والارقام الاولية اعطيت ميزة لحشرات (الكيكادا) لتتفادى مفترسها
يقول تقرير اعده ماركوس دي سوتوى لمجلة (فوكاس) Focus Magazine البريطانية : ان محاولتنا ونضالنا دائما للتطور والبقاء قد برمجنا لنكون ذوي حدس قوى لالقاء الضوء على الاشياء الغريبة التي تمر وتمضي بنا واكتشافها .. وهذا يعطينا القدرة و يؤهلنا للتنبؤ ببعض الاشياء التي سيكون لها مكانة بمستقبلنا ولكن كيف يتم ذلك؟ فى ابحاثنا وتجاربنا للبحث عن اجابة لهذا السؤال وجدنا طريقا لفهم وفك رموز العالم وحل الكثير من التعقيدات الضخمة التي تواجهنا وكانت اللغة العلمية التي طورناها لتساعدنا على فهم الرموز التي تختفي وسط هذا الكم من الفوضى هى لغة (الرياضيات ) والسبب في ذلك انه لو نظرنا جيدا للكون سنجد ان اغلب اسراره الخفية تتكون من ارقام ونماذج واشكال هندسية من ثم اذا نجحنا فى حل تلك الرموز الخفية فمن المؤكد ان حلها سيضع اقدامنا على معرفة الكثير والكثير مما يحيط بنا في الكون كما ان الفهم الجيد لتلك الرموز من المؤكد انه سيساعدنا في فهم اغلب الاشياء المحيطة بنا مثلا بناء المدن الاستثنائية وتطوير التكنولوجيا المذهلة.

اذا نظرنا جيدا لعالمنا سنجده عبارة عن مجموعة من الاشياء او المجموعات الفوضوية التي لا تبعث اى توضيح او سبب لكيفية سير هذا العالم في مساره الذي يسير عليه والشكل الذى يظهر به ولكن برغم تعجبنا مما يحدث وضعف فهمنا لما يجري حولنا الا انه تم اكتشاف بعض الاشياء تحت الارض والتي جاءت لتكون دليلا قويا ومؤشرا جيدا لفهم اغلب الرموز الكونية الموجودة في كل مكان فوق الارض . لذلك كثير من الاشياء الطبيعية فى العالم تبدو وكانها معقدة للغاية ومرتبة بعشوائية لكننا اكتشفنا انه حتى اشكال الغابات والجبال تتبع نظاما وطبيعة بسيطة للغاية .. لكن الانماط الهندسية والتكرار في الاشكال يعطي الشئ ملكية غريبة للاحتفاظ بالشكل المعقد الذى يبدو عليه .

وتعالو ناخذ مثالا على هذا التعقيد فى الشكل وهو ساحل بريطانيا الرائع الذى اذا اخذت له صورا من عدة زوايا ستجد ان كل صورة تحمل تعقيدا اكثر من الاخرى ولكن برغم كل هذا التعقيد الذي تبدو عليه تلك الاشياء الا انه تم اكتشاف معادلة يمكنها تبسيط كل هذا التعقيد في الشكل .. تلك المعادلة تعتمد كليا على الرياضيات التي هى اساس كل العلوم .

مثال اخر في مايو عام 2011 وجد ان هناك انواعا من الحشرات تسمى (كيكادا) أو (زيز الحصاد) توجد فى اقصى جنوب امريكا قد زحفت خارج التربة متسلقة الاشجار القريبة منها وبدات تطلق اصواتا عالية معلنة عن فترة التزاوج وكان الغريب والشاذ فى هذا الموضوع هو ان سكان تلك المنطقة فى (مونتجمرى) Montogomre و (ناش فيل ) Nash ville لم يسمعوا اصوات تلك الحشرات منذ عام 1998 اى منذ 13 عاما . تلك الحشرات التي سمع اصواتها العالية اغلب السكان في تلك المناطق كانت لانواع من (الكيكادا ) قد ظهرت فى الالفية السابقة ، وقد لوحظ ان تلك الحشرات لا يظهر نتاجها الجديد الا كل 13 عاما … نعم انها دورة حياتية استثنائية لكن الغريب والعجيب هنا كيف استطاعت تلك الحشرات ان تعرف انه قد مر 13 عاما على نتاجها السابق ؟
ولماذا اختارت الرقم الاولي 13 لتخرج جيلها الجديد ؟.. حقا ان هذا لا يبدو اختيارا عشوائيا … من المؤكد ان هناك شيئا ما جعلها تخرج بعد تلك السنوات المعينة … وقد علق احد العلماء على ذلك قائلا : (بالرغم من الحيرة الكبرى التي نقع فيها بشان تلك الحشرات الا ان هناك جنسين اخرين من هذا النوع من الحشرات توجد في شمال امريكا وتشارك الكيكادا نفس دورة حياتها والمدة التي تقضيها تحت الارض اي 13 عام الى جانب هذا فهناك ايضا 12 نوع اخر من تلك الحشرات يظهر نتاجها كل 17 عاما اعتقد هنا ان اغلبنا يعتقد ان هذه الارقام ما هي الا ارقام عشواشية من انها ليست كذلك بدليل ان انه لا يوجد اى نوع من حشرات (الكيكادا ) تكون دورة حياتها بعد مرور 12و14و15و16و18عاما .

وبالنظر لتلك الحشرات – من وجهة نظر رياضية – وجد ان كلا الرقمين 13 و17 هي ارقام اولية أي انها تقبل القسمة فقط على نفسها وعلى الرقم 1 ، وتلك الخاصية ( الكيكادا ) ذات الارقام الاولية لدورة الحياة ميزة تطورية هائلة بمعنى انه لو افترضنا ان الكائنات او الحشرات المفترسة تظهر في الغابات كل 6 سنوات سنجد ان (الكيكادا ) لو كان لها دورة حياة كل 6 او8 سنوات لكان من المؤكد انها ستجد من يفترسها بعكس (الكيكادا ) التي لها دورة حياة تستغرق 7 سنوات … لكن الغريب هنا كيف استطاعت تلك الحشرات ان تؤقلم نفسها وتخرج في توقيتات لا تتزامن مع خروج مفترسيها .. وهنا يعتقد ان (الكيكادا ) بشكل غير مقصود قد اكتشفت ان النتاج الأولي لها قد استخدم طرقا وخططا تكتيكية معينة للتطور ومن هنا يجب ان يفهم الانسان ان هذا الارقام ليست مجرد مفتاح للبقاء على قيد الحياة ولكنها عبارة عن لبنات بنائية لاكواد وقوانين الرياضيات حيث ان كل رقم في الحياة ما هو الا ناتج من ضرب الارقام الاولية مع بعضها البعض ومن الرياضيات نستطيع ان نتعرف على كل العلوم … لكن علينا القول انه ربما تكون ( الكيكادا ) ودورة حياتها لم تكن واضحة في البداية ولكن هناك العديد والعديد من الظواهر الطبيعية التي تعرض مثل هذه الانماط التي يمكن ان تقف امامها كثيرا ولا تستطيع غير ان تبدى ذهولك واعجابك بها .
وتفسيري الاولي لهذا المثال العلمي الرائع هو قول الله عز وجل {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَىْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ (38)} (سورة الأنعام) وقوله ايضا : ( إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ* وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ). (القمر: 49- 50) فيا علماء الغرب انه الله من اعطى القدرة لهذا الحشرة على ان تعيش بهذه الطريقة انها قدرة اله واحد بين لنا انه هو القادر على ان يدبر امور خلقه بطريقة تناسبهم و بحكمة قد لا نعلمها بعقولنا الصغيرة .

مثال اخر بناء الحواجز
من الجسور العملاقة التي تعبر عن الترتيب العظيم للاشكال والتي تقف مبهورا امام منظرها الرائع هو الجسر العملاق فى ايرلندا الشمالية ..
The east coast of Ireland هذا الجسر العجيب الذى يتكون من كتل واعمدة ذات شكل سداسي تتراص بجوار بعضها البعض مكونة شبكة صخرية عظيمة تمتد بقدر ما يرى الانسان من تلك الاحجار او الصخور البازلتية الرائعة التشكيل تقع تماما على الساحل الشمالي الشرقي لايرلندا … قمم تلك الاعمدة البازلتية لا يصدق لروعتها وجمالها وهي تمتد على طول ساحل ايرلندا الشمالية حيث يوجد ما يزيد على 40.000 من الاعمدة البازلت المتشابكة التي تنحدر مثل طريق سريع يختفي في البحر صنعتة الثورات البركانية ورسمتة على هيئة السداسية الشكل التي تشبة كثيرا شكل خلية النحل ولكن للعلم ليس اغلب تلك الاعمدة تكون سداسية الشكل قبعضها سباعي وقليل منها ثماني الاضلاع لكن الغالبية العظمى تكون سداسية الزوايا والاضلاع .

 

وهنا يمكن سر جاذبية هذا الجسر الذى يبهر كل من يراه ولكن تلك الزوايا والاضلاع السداسية لا ينفرد بها فقط هذا الجسر العملاق وذلك لانك بمجرد النظر اليه من الطرف الشمالي لايرلندا ستتذكر فورا خلية النحل وروعة ترتيبها السداسي الاضلاع ايضا …

 

ولكن ترى ما هو السر وراء هذه الظواهر الطبيعية ؟ ولماذا اختارات تلك الظواهر هذا الشكل السداسي دون غيره ؟ يعتقد ان السر او المفتاح وراء تلك الظواهر هي الكفاءة الهندسية بمعنى ان تكوين الصخور الخاصة بالجسر العملاق تتحرك وتتكون ناحية الاماكن التي تتطلب اقل كمية من الطاقة للبقاء وبالنظر رياضيا الى تلك  النقطة ستكتشف ان الاشكال الهندسية التي تتطلب اقل طاقة للحفاظ على نفسها هى الاشكال السداسية وهذا بالنسبة لصخور الجسر العملاق اما عن خلايا النحل السداسية الشكل فسوف تجد ايضا ان النحل يستخدم لعملها قاعدة رياضية فعالة تلك القاعدة الرياضية استطاع بها النحل ان يميز ان شكل السداسي للخلية يتطلب تكوينة اقل كمية من الشمع لتخزين اكبر كمية من العسل وهذا هو الهدف عمل خلايا تتسع  لاكبر كمية من العسل بأقل امكانيات .

توضيح تفصيلي لخلايا النحل :
اختار النحل الشكل السداسي لصنع خليته لانه اكثر الاشكال المتضامنه اقتصادا للشمع…و النحل حريص على الاقتصاد في الشمع لان الرطل الواحد من الشمع يكلفه في الصنع مابين السته ارطال من العسل الى عشره ارطال. ومن العجيب ان شكل المسدس هذا شكل مطرد في بناء جزيئات الكثير من خلايا الاجسام الحيه في الانسان و الحيوان و النبات هذه قصة معروفة لدى الرياضيين و هي ما يعرف بـ ” فرضية باباس” الرياضي الإغريقي ( القرن الرابع الميلادي) حيث افترض أن ذلك بسبب استهلاك أقل كمية من الشمع .

بقيت هذه الفرضية بدون برهان لما يزيد عن ألف و ستمائة عام حتى أعلن مدرس رياضيات في جامعة ميتشيغن ، توماس هايلز في عام 1999 عن برهانه لفرضية باباس في برهان من 19 صفحة . انه من المذهل أن تعرف كيف يبني النحل خليته ، أنها عملية هندسية فائقة الدقـة تفرز العاملات ( النحل الفتي) كمية من الشمع بحجم رأس الدبوس ثم تاتي أخريات و تضعها بشكل سداسي (عمودي) مشكلة خلايا اسطوانية . كل من هذه التقسيمات(الخلايا أو الغرف) ذات سماكة 0،1 ميلليمتر و بهامش خطأ 0،002 ميلليمتر . جميع الأضلاع متساوية و تلتقي على زاوية قدرها 120 درجـة مشكلة بذلك مضلع سداسي منتظم ( Hexagon) .

السؤال المطروح الآن : لماذا لا يختار النحل شكل المثلث أو المربع مثلا ولماذا الأضلاع المستقيمة ؟
بالرغم من أن خلية النحل شكل ثلاثي الأبعاد لأنه اسطواني الشكل كانت المسألة كالتالي :
هل يمكن إيجاد شكل ثنائي الأبعاد ( و هو هنا السداسي ) يمكن تكراره بلا نهاية ليغطي مساحة معينه بحيث يكون مجموع محيط الخلايا أقل ما يمكن ؟ كمثال هناك ثلاثة أشكال لمضلعات منتظمة يمكن وضعها فوق بعضها لتشكيل شكل ثلاثي الأبعاد : المثلث المتساوي الأضلاع ، المربع و السداسي المنتظم و ما قد تم برهانه هو ان المربعات تعطي محيط أقل من المثلثات المتساوية الأضلاع و لكن السداسي المنتظم هو الأفضل.
وهنا نتذكر قول الله تعالى الذي اعطى النحل هذا العقل المدبر وخاطب الله كل النحل على وجه الارض من لدن ادم الى قيام الساعة فقال تعالى
﴿وإذ أوحى ربّك إلى النحل أن اتّخذي من الجبال بيوتاً ومن الشجر ومما يعرشون ثم اسلكي سبل ربك ذللا يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس﴾ وهذا يعطينا ايمانا بان الله موجود وهو المدبر الوحيد لهذا الكون فمتى ياتي هذا اليقين عندكم يا علماء الغرب بان هذه ليست مجرد صدف وليست مجرد ارقام و حقائق انها دليل على عظمة الخالق سبحانه وتعالى .

ومن هنا نستطيع ان نفهم ان اغلب الاشكال الموجودة في الطبيعة لم تات من لاشئ ولكنها تأتي تبعا لنظام معين يؤدي لاستقرارها والمحافظة على بقائها … ولعلنا ناخذ مثالا اخر على العظمة والكفاءة الهندسية حيث عرف ان مساحة سطح الفقاعة يتناسب طرديا مع طاقتها الى جانب ان السبب في جعل الفقاعة الواحدة تبدو وكانها مجال متساو ورائع هو ان هذا الشكل للفقاعة والذي يحمل اقل مساحة سطح لها يحتوي على حجم ثابت ومعين ومن ثم يكون له اقل طاقة ومن هنا تاتي بعض الافكار التي يمكن ان تستخدم في اشياء كثيرة بمعنى انه لو قمنا بتثبيت هذا التصور واستخدمناه للعمل على مجموعة من الفقاعات المعقدة يمكن ان تستخدم في اشياء عدة… مثلا لو اخذنا اطارا من السلك وقمنا بغمره بمحلول من الصابون فاننا سنجد ان النتيجة هي تراكم لاشكال عدة من الفقاعات والاشكال الصابونية المتشابهة التي تستخدم اقل طاقة وتكون ايضا ثابته وعلى ذلك تنشأ بعض الافكار كما ذكرنا من قبل حيث استخدام المهندس المعماري الالماني (فراي اوتو) تلك الفكرة في مطلع عام 1970 عندما بنى الشكل الرائع والاستثنائي لغطاء سقف الملاعب في اوليمبياد ميونيخ German architect Frei Otto ، وهذا يعتبر مثالا رائعا في كيف انه يمكن لاكواد ورموز الطبيعة ان تعطى القدرة على تحويل عالمنا الى شيء رائع .

فك الرموز البشرية
اذا قلنا ان العالم الطبيعي يتبع بعض القواعد والانماط فان هذا ليس بالشئ الغريب والمفاجئ لكن ما هو الواقع المحتمل في ان الطبيعة البشرية يمكن ان تستخدم الاكواد الرياضية لفهم ماضيها ومستقبلها ؟
ان الانسان عبارة عن مخلوق من عدة عادات وفي الغالب فانه يميل دائما لتكرار نفسه الا انه للاسف لا يدرك ولا يعي هذا التكرار الدائم في سلوكه وما الذي يربو اليه بمعنى ان الكثيرين يتصرفون بشكل لا يبتعد ابدا عن العشوائية ويميلون دائما الى التكرار الدائم لاغلب شئونهم الحياتية وبالنظر جيدا في تلك الامور الحياتية للانسان مثل تسوقه في المحلات او ممارسته للالعاب المختلفة او حتى بعض المجرمين الذين يحاولون تغطية واخفاء جرائمهم سنجد انها فعلا لا تبتعد ابدا عن العشوائية والتكرار …

من هذا المنطلق استطاع المحقق الكندي (كيم روسمو ) Kim Rossmo – يحمل شهادة الدكتوراه ويستخدم الرياضيات لفهم أنماط المجرمين- ان يضع او يقف على عمل معادلة رياضية لتساعده على القبض على احد الاشخاص الاجراميين والذي قام بعمل الكثير من الجرائم المشينة مرارا و تكرارا .. لكن كان التعليق على تلك المعادلة هو بدلا من النظر للمستقبل والتخطيط والتنبؤ بما يمكن حدوثه واين يمكن ان تفع الجرائم مستقبلا قامت بالنظر الى الماضي لتعرف اين تم التخطيط للجرائم التي حدثت في الماضي معتمدة على التركيز على اماكن ومسارح الجرائم ومن ثم توقع المكان والموقع للقاعدة الجنائية …

تلك المعادلة عملت ايضا على اساس ان المجرم يترك وراءه منطقة عازلة حول المكان الذى يعيش فيه ولكنه لا يغامر كثيرا الى ذلك لارتكاب الجرم … ولعلنا نعلم ان هذه ليست مجرد نظرية لانه عام 1990 تم استخدام معادلة (روسمو ) من قبل شرطة (سكوتلاند يارد) Scotland Yard للمساعدة في تحديد هوية الانتحاري (ماردي جراس) Mardi Gra الذى شن حملة ارهابية حول لندن قام من خلالها بتفجير 36 عبوة ناسفة وبالفعل نجحت تلك المعادلة في تحديد هوية هذا المجرم ومنذ ذلك الحين اصبح استخدام تلك المعادلة كثيرا للغاية ولقد استخدمها (روسمو) فى معرفة مرتكبي اعظم جرائم القتل والسرقة التي لم تحل على مر العصور منها احدى جرائم السرقة الكبرى التي شغلت بال الكثيرين وبالفعل باستخدام معادلة (روسمو) تم التعرف حتى على الشارع الذى يقطن به ذلك المجرم .
لقد نجحت معادلة (روسمو ) في تحديد وكشف العديد من الانماط والنماذج الخاصة بسلوكنا واتجاهاتنا والتي من خلالها يمكن النظر في الماضي ومعرفة مسببات الاشياء لاغلب الامور الهامة والتي لها وقع شديد ومؤثر في حياتنا .

وبعكس هذا هناك رؤية اخرى تقول انه يمكن استخدام الاكواد والشرفات البشرية في النظر للمستقبل للتنبؤ بالاشياء التي يمكن ان تحدث لنا . ومن هذه الناحية نجح (جوجل ) في تجميع اكبر قاعدة بيانات بحثية عن طريق طلبات الاشخاص حول العالم وبالرغم من ان العديد من طلبات البحث كان عشوائيا لحد كبير الا ان (جوجل ) استطاع ان يكون قادرا على تخطي تلك العقبة وقام بترتيب النماذج الجديدة وتعريفها ومن ثم اصبح هذا العملاق البحثي على الانترنت قادرا على تعريف واظهار العديد من المعلومات الجديدة قبل حتى ان تظهر او تعرف من مصادرها.

اول مثال قام جوجل بتعريف وباء الانفلونزا الجديد قبل ان تنتبه اليه منظمة الصحة العالمية .و ومن هنا يجب ان نعرف ان جوجل عن طريق تنظيم البيانات التي نضعها له نحن قد اصبح قادرا على التنبؤ بما يحدث مستقبلا وقد نجح جوجل بالفعل في التنبؤ ببعض الاشياء التي تشغل بال الكثيرين وعلى سبيل المثال قدرتة على معرفة الفائزين بجوائز (الاوسكار) معتمدا على الرابط بين نتائج البحث عن الافلام في (نيويورك) والمرشحين لنيل الجائزة …. واخيرا وبعد كل ما عرفناه يجب ان نقول ان قوة الحسابات او الرياضيات تكمن في قدرتها على اظهار النماذج والاشكال المختلفة وتوضيح كينونتها ….. وهذا هو اهم ما يميز الرياضيات لانه بالرغم من التعقيد الذى يضم اغلب الاشياء في الكون الا اننا نستطيع ان نحل هذا التعقيد بواسطة الارقام ومن ثم اصبحت الرياضيات هي الكود الطبيعي للحياة وذلك لانها لا تضم حقائق الكون فقط ولكنها على الارجح هي الحقيقة الوحيدة والحقيقية فيه .

المثال الثاني :
هناك فئة كبيرة من الناس من حول العالم لا يحبون فكرة أن يُراقب أحد تصرفاتهم ولو من خلال كاميرات مراقبة. هذه الفئة من الناس سوف تندهش لدرجة الذعر من إختراع جديد لكاميرات مراقبة بإمكانها التنبؤ بما قد يفعله الأشخاص مستقبلاً!

تكنولوجيا هذه الكاميرات المدهشة تم اختراعها وتطويرها من قبل فريق من الباحثين في جامعة Carnegie Mellon. حيث وضّح الباحثين أن هذه الكاميرات بإمكانها ليس مراقبة الأشخاص فحسب بل وأيضاً التنبؤ بما هم مقبلين على فعله، وأن هدف هذه الكاميرات الأكبر هو للاستفادة منها أمنياً بحيث يتم التنبؤ بما قد يفعله الأشخاص من تصرفات غير مشروعة أو آمنة قبل أن تحصل هذه التصرفات فيتم منعهم حفاظاً على الأمن. هذا المشروع يتم تمويله من قبل حكومة الولايات المتحدة الأمريكية، و سيتم وضع كاميرات الفيديو و هذه البرمجيات الجديدة في حيز الاستخدام في عدة أماكن مثل المطارات للمساعدة في التنبؤ بأي نشاط مشبوه مثل ترك حقيبة ما في مكان ما بعيدًا عن الرقابة بطريقة مشبوهة.

هذا الإختراع مدهش حقاً! و في حين دخول هذه التكنولوجيا الرقمية الجديدة في حيز التنفيذ والعمل ومن ثم نجاحها في عملها بالطريقة المرجوة ستكون لها فائدة كبرى في الحفاظ على الأمن المدني والعسكري وأيضاً ستكون رادع يخشاه المجرمين!

المثال الثالث:
واخيرا اقول انه في هذه الايام اصبح معرفة النمط والسلوك للبشر و التنبؤ بما سوف يدور في دولة ما او مدينة ما او حتى في بيت ما اصبح سهلا جدا مع الفيس بوك حيث يمكن من خلال المعلومات التي ترفع كل ثانية للفيس بوك ان يتم استخلاص كل النتائج المطلوبة لاعطاء عن مناطق الغليان في العالم مثلا واين ممكن ان يكون هناك انقلابات و تظاهرات و تجمعات وكيف تتحرك مشاعر الناس باتجاه حدث ما ومع ان اغلب هذه المعلومات قد يكون المستفيد الاول والاخير منها هو اجهزة المخابرات اقول ممكن ان نوجهها للاستفادة منها في امور اكثر فائدة مثل طريقة تسويق المنتجات وكيفية التعامل مع الاخرين يمعنى ان بيئة الفيس بوك في العصر الحديث اصبحت بيئة سهلة وواضحة لمعرفة حتى كيف يفكر كل انسان له حساب على هذا الموقع حيث ان المشترك لا شعوريا يصبح يكتب كثيرا مما يجول في خاطره و يعلق على ما يراه من صور و من ملاحظات مما يعطيك تصور كامل عن طريقة تفكيره و كيف سوف تكون ردة فعله اتجاه اي موضوع اخر وهذا ما قلنا عنه في البداية اننا كبشر نعيش في سلوك و نمط و محدد كانها معادلة رياضية حلها معقد ولكن برمجتها سهل ومعرفة عواملها اصبح سهلا مع هذا التطور الهائل في علم الحاسوب .

اخيرا اقول علم الرياضيات و علم الحاسوب علمان عندما يتحدان يكون هناك تفسير لكل شيء باذن الله .

والله الموفق

م. عبد الفتاح احمد النجار
محاضر في جامعة بوليتكنيك فلسطين
كلية العلوم الادارية و نظم المعلومات
دائرة الجرافيكس و الوسائط المتعددة