مما لا شك فيه بأن الأمم المتحدة قد شهدت بالأمس عرسا فلسطينيا بامتياز ,حيث الترحاب الحار من قبل السواد الأعظم من الوفود الموجودة في القاعة ,والذين يمثلون كذالك السواد الأعظم من شعوب المعمورة ,ولو تم أضافت الشعوب والشرائح الاجتماعية الواسعة من شعوب الدول التي امتنعت أو عارضت الطلب الفلسطيني ,فأننا سنجد بأن فلسطين تحظى برضي عالمي من الضمير الإنساني .ولكن هل هذا التعاطف والتأييد الدولي الواسع ,على الرغم من المكنة الإعلامية والمالية والتأثير المباشر وغير المباشر الذي يمتلكونه أعداء المشروع الوطني الفلسطيني جاء عبثا ؟
الجواب بالطبع لا ,فليس هذا الالتفاف وليد الساعة أو نتاج عمل فصائلي منفرد من قبل أي من الفصائل العاملة في الساحة الفلسطينية ,ولم يأتي نتيجة المكنة الإعلامية التي يمتلكها شعبنا الفلسطيني أو أمتنا العربية !أن كانت فضائيات هذا الزمان مشغولة بمثل هذه القضايا ,كما لم يأتي نتاج الإغراءات المالية السخية التي يمتلكها شعبنا ليغدق بها على الدول الفقيرة .
نعم لقد كان هذا الحصاد الذي يحق لكل مواطن فلسطيني أن يفخر به ويعتز به نتاج التضحيات والمعاناة والألم والأمل التي قدمها شعبنا ومازال يقدمها من النكبة إلى اليوم ,ومازال على استعداد أن يقدم المزيد لكي يكبر الأمل وتصبح الدولة الفلسطينية واقع معاش .
وهنا لابد من التذكير دون الغوص كثيرا في التاريخ بأن قضية شعبنا لم تبدأ منذ النكبة 1948م ولكنها بدأت منذ اللحظة الأولى التي بزغ فيها المشروع الصهيوني الاستيطاني في العام 1889م وهو موعد انعقاد المؤتمر الصهيوني الأول والذي وضع الخطوات الأولى من أجل بداية الاستيطان في فلسطين ووضع الأدوات والسبل التي يجب أن تتبع من أجل أن يكون هذا الحلم الصهيوني واقع وحقيقة ملموسة بغض النظر عن الوسائل المتبعة من أجل هذا الهدف .
وهنا بدأ البحث والتحشيد لكل الطاقات والإمكانيات المتوفرة عند الصهاينة واليهود في كل أرجاء الأرض والعمل من أجل تسخير هذه الطاقات لخدمة الهدف فعلى سبيل المثال أستطاع حاييم وايزمن الباحث والصهيوني الذي اخترع الأسيتون الاصطناعي الحيوي في الحرب العالمية الأولى لصناعات الحربية التقرب من خلال هذا الاكتشاف من وزير خارجية بريطانيا في حينه بلفور والتأثير عليه من أجل التعاطف مع الفكرة الصهيونية ,وخاصة حينما سئل لويد جورج رئيس الوزراء البريطاني حاييم وايزمن عن المكافأة التي يطلبها :قال له أصنع شيء لشعبي!فلم يطلب مال أو منصب أو قصر أو جاه أو مكانة لحزبه بل طلب لشعبه ,بالطبع فكرة عدمية خيالية لا وجود لها ,ولكن وجدت من يؤمن بها ويجعلها حقيقة بالمثابرة والتضحيات ,والتفاني من أجل الهدف .
وهنا لابد من التذكير بأن الفكرة في أقامة الدولة الصهيونية بقيت خمسين عاما وهي تتخمر وتنمو حجرا حجرا حتى لا يتم الشعور والإحساس بها ووأدها في مهدها فكان الإقدام والإحجام والتذلل وألتمسكن إلى حين تمكن الصهاينة من الهدف بعد أن أنهت بريطانيا الانتداب الممنوح لها من قبل المجتمع الدولي وتسليمها للحركة الصهيونية .
وهنا فقط أريد أن أجيب على بعض من يحاولون الانتقاص من حجم هذا الانجاز الذي حققه شعبنا في هذا المحفل الدولي وطرح العديد من الأسئلة التي لا يكون الإجابة عنها بشكل إنشائي جوابي ,بل يجب أن يكون الجواب من خلال إيجاد خلية عمل وطنية جامعة وشاملة من قبل كل أبناء هذا الوطن كلن حسب إمكانياته وقدراته وميدانه ,من أجل أن يصبح هذا القرار حقيقة يعيشها أبناء شعبنا لينطلقوا جميعا من اجل خوض كفاح ونضال وطني يكون ميدانه الرئيسي الإنسان الفلسطيني الذي هو اليوم بأمس الحاجة من قبل كل القيادات الفلسطينية النزول عن شجرة الشعارات والأماني والأهداف الكبيرة التي ليس بوسع شعبنا اليوم تحقيقها والعمل في إطار المتاح اليوم دون أن ننقص من أنفسنا شيء ودون أن نحبط من عزائم من يعملون ,والابتعاد عن التشكيك والتمزق والمطالبات غير المجدية عبر الفضائيات ووسائل الإعلام ,
أن النجاح الذي تحقق في الأمم المتحدة نجاح ظاهر ونتاج طيب للعمل الدبلوماسي العقلاني الذي اتبعته القيادة الفلسطينية من خلال دحرجة الحكومة اليمينية في إسرائيل إلى خانة العزلة الدولية دون التصريح ودون العنتريات ودون التبجح ,ومن خلال الحديث وطلب المتاح والممكن من المجتمع الدولي ,لا بل والطلب من المجتمع الدولي بأن يكون الحكم في تنفيذ قراراته .
وهنا السؤال :هل يوجد فلسطيني لا يرغب في تحرير فلسطين التاريخية ؟
:هل يوجد فلسطيني لا يرغب في العودة إلى أرض الآباء والأجداد؟
:هل يوجد فلسطيني لا يؤمن بأن هذا الاحتلال الصهيوني لفلسطين سرطان لابد التخلص منه
بالمقابل هل يوجد فلسطيني يقبل بأن يبقى حال شعبنا لعشرات السنوات كما هو اليوم ,وهو يرفع شعارات لا يمكن أن ترى النور طالما لم تجد من يعمل بمثابرة من أجل إيجاد مجتمع وإنسان فلسطيني قادر على مجابهة المجتمع المقابل .
وهنا لابد من مواجهة الحقيقة تلك الحقيقة التي صفق لها شعبنا بالأمس ,الحقيقة التي أتصل كل قادة الفصائل بالرئيس عباس مباركين له الخطوة,الحقيقة بأن فلسطين التي صفقنا لها ونريدها اليوم هي 22%من مساحة فلسطين التاريخية ,الحقيقة التي يجب أن نعلمها لشعبنا دون شعارات هوجاء بأن فلسطين هي غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية عاصمة لها ,الحقيقة التي سوف نلمسها لو قدر ان يكون هناك سلام مع دولة إسرائيل بأنه كثير من شعارات الثوابت ليس ألا شعارات ,وكثير من الأحلام ستبقى أحلام ولكن يجب أن يلتفت الجميع إلى بناء الإنسان الفلسطيني الذي سوف يتمكن من جعل هذه الأحلام والآمال واقع ملموس ولكن دون متاجرة بمقدرات شعبنا ودون تلاعب بمشاعر شعبنا ودون أن يبقى هذا الجيل من الشباب يلهث خلف درهم ووهم هنا ووهم هناك ,
وأخيرا يجب أن يتوحد شعبنا على قاعدة البناء الكلي والاستثمار في الإنسان بشكل خاص لان الإنسان هو القادر على صنع المعجزات ,الإنسان هو القادر على جعل الأمل والحلم حقيقة
شاهد أيضاً
اللجنة الرياضية لمحافظة سلفيت تزور نادي سرطة الرياضي
شفا – بتوجيه من محافظ سلفيت اللواء د.عبدالله كميل، نفذت اللجنة الرياضية في محافظة سلفيت …