شفا – تضطر (ل.س) والتي فضلت عدم ذكر إسمها، وتعمل مسؤولة النوع الإجتماعي في إحدى المؤسسات الحكومية، لاستخدام صور رمزية عبر حسابها الخاص على الفيس بوك، عوضا عن صورتها الشخصية، لكي لا يستغل أحد صورتها لأغراض مسيئة!” قرار الإمتناع عن نشري لصوري يعود لتجربة شخصية مررت بها قبل قرابة العام، إذ كان لي حساب وصور شخصية على أحد مواقع الصداقة العالمية، ولم يكن أحد يتمكن من مشاهدة تلك الصور إلا الأصدقاء الذين أقبل صداقتهم. وفي أحد الأيام فوجئت باتصالات دولية ومحلية كثيرة على جوالي! أخبرني المتصلين خلالها أنهم عرفوا رقمي وإيميلي وشاهدو صوري عبر بروفايلي! ورغم ثقتي أن لا أحد يفتح جهازي سواي، أسرعت عائدة لمكتبي لتفحص كمبيوتري وحساباتي على الإنترنت، فوجدت أنها و صوري الشخصية والخاصة التي لم أشأ نشرها عبر بروفايلي(لكونها دون حجاب) مسروقة! إضافة لقيام منتحل شخصيتي بإضافة صور ومقاطع فيديوهات مخلة بالآداب في بروفايلي لتشويه سمعتي! ومن حينها وأنا أمتنع عن نشر أي صورة شخصية لي”.
لكن الإعلامية لانا كامله، مقدمة البرامج عبر قناة الفلسطينية، ترى أن لا بأس بنشر الصور، للتعريف عن الصفات والشخصية والعمل نظرا لأهمية إستثمار مثل تلك الشبكات لبناء علاقات إجتماعية ونشر الأفكار..، ولانه لا ياتي على سبيل التباهي، خاصة وأن طبيعة عملها في الحقل التلفزيوني، الأمر الذي يعني توفر صورها بطريقة أو أخرى”.
وقد وافقتها الرأي حول إستخدام الصور من أجل التعريف فقط الصحفية نهيل أبو غيث من القدس، لكونها ترى أن الناس باتوا اليوم أكثر وعيا من ذي قبل بما يتعلق بالتمييز بين الصور الحقيقية والمفبركة عبر البرامج المختلفة كالفوتوشوب” إحدى صديقاتي قام بعض ضعفاء النفوس بتركيب صورة رأسها على جسد راقصة، وكان الأمر جليا بأنها صورة غير حقيقية”.
من جانبها قالت مسؤولة ملف قضايا المرأة في صحيفة الحياة الجديدة ربى مهداوي، أنها ومن خلال طرح الموضوع عبر برنامج إذاعي كانت تقدمه، كشفت أن الكثير من قضايا الإبتزاز كانت تتم بالذات في حالات ضياع أو سرقة الهاتف الجوال الخاص بالفتيات، وأضافت” بكل أسف أدى ذلك في الكثير من الحالات إلى الطلاق في حالة المتزوجات، أو منع من الخروج من المنزل للفتيات، الأمر الذي أدى ويؤدي لتعزيز عدم الثقة ببناتهم، وظنا منهم أنهن ذات سلوك سيء! حتى إحدى صديقاتي هاتفتني وهي تبكي لأن من وثقت به قد هددها بأن ينشر صورها على الإنترنت (مع تعديل غير أخلاقي للصور) إذا ما تركته. كما أعرف أخريات كنّ يُقمن في سكن خاص، غافلهن بعض ضعفاء النفوس وقاموا بتصويرهن داخل المنزل، بهدف إبتزازهن، لكن شخصية الفتيات القوية وإبلاغهن الجهات الأمنية، حال دون ذلك، وتم إعتقالهم”.
وقد عرّف أخصائي الأمراض النفسية والعصبية الدكتور أسعد أبو غليون من يقومون بالإبتزاز ولديهم الرغبة للتلاعب بكرامة الناس “هي شخصيات مدمرة ، بحيث يشعر مرتكب هذا الإبتزاز أو هذا الجرم أن من حقه التعرض لشرف أو لمال الآخرين، بطريقة مسيئة ولأهداف هدّامة، والأخطر أنهم لا يشعرون بالذنب حيال فعلتهم! وهذه ما نسميها الأنانية الوسواسية القهرية، الناجمة عن القلق الداخلي والإكتئاب، بحيث أحيانا يتمتعون بقهر الآخرين أو تهديدهم أو إبتزازهم بشتى الطرق”.
من جهتها بينت الشرطة الفلسطينية وعلى لسان مدير مباحث الضفة الغربية العقيد إبراهيم أبوعين أن ما يصل للجهات الأمنية من قضايا هو جزء بسيط من مجمل ما يحدث وتتم رؤيته أو السماع به، لكنها أكدت في ذات الوقت على أن الشرطة تمكنت وبنسبة لا يستهان بها من مجمل ما يصلها للوصول إلى مرتكبي الجرائم الإلكترونية الذين يسعون للتهديد بنشر صور مسيئة بهدف الإبتزاز المالي أو الجنسي، إضافة إلى الإبتزاز الأمني، وهو الأخطر والأكثر شيوعا، بحيث يهدف مرتكب الجريمة من خلاله لإسقاط الفتاة!”.
وأضاف مدير مباحث الضفة الغربية” منذ سنوات قليلة أنشأت في الشرطة الفلسطينية وحدة متخصصة بالجرائم الإلكترونية تحظى بالإهتمام النوعي والتطوير المستمر، حيث أننا نحظى بشراكات ودعم بعض الدول الصديقة وبعض المؤسسات الصغيرة، التي ساندتنا كمؤسسة شرطية، من أجل منع إستمرار الجريمة، ووقف عمليات إبتزاز كانت نتيجة لحظة ضعف أو طيش أو قرصنة، وفلسطينيا يحدث أن يتم إبتزاز فلسطينيات مغتربات ممن يمتلكون الحنين للتواصل مع فلسطيني آخر موجود في مع الوطن، وحين يبلغنا الأمر سواء من خلال البريد الإلكتروني أو من وزارة الخارجية، نعالج القضية بحرفية وسرية لإنهاء الأمر”.
وقد عرّج العقيد أبوعين على أمثلة لبعض الحالات الاخيرة التي تمت متابعتها”مؤخرا عالجنا قضية فتاة فلسطينية مغتربة كان يتم إبتزازها من شاب وثقت به، بحيث أنها كانت قد سمحت لنفسها بأن تكون جريئة معه في التعامل من خلال الكاميرا، إلى أن أصبح لدى الشاب مادة مهمة ليهددها بها، فإبتزها ماليا، وطلب منها مبلغ نصف مليون دولار مقابل ما لديه من تسجيلات وصور، وانطلاقا من الخوف الذي تملك الفتاة، إستطاعت عبر شخص الوصول إلينا،فخصصنا ضابط ليتعامل معها عبر الإنترنت، إلى أن تم إلقاء القبض على الشاب، الذي تبين أنه يمتلك النزعة الجرمية، حيث اكُتشف على جهاز الحاسوب الخاص به أنه قام بتكرار جريمته مع أكثر من فتاة، وأنه يستخدم ذات الأسلوب لإبتزازهن”.
وأتبع يقول” فتاة أخرى كانت تعاني من ذات المشكلة مع مبتز آخر، ولم ترغب مطلقا في أن ندخل على الخط ونساعدها! وبكل أسف خافت وفضّلت أن تسرق قطعة ذهب من أمها وتبيعها وتعطيه المبلغ !! هذا الأمر أشعرني بالألم، وبأني يداي مكبلة لأنه لا يوجد طرف مشتكي من جهة، حيث أن بعض القضايا لا يمكن تحريكها إلا بشكوى، أضف إلى ذلك أنه لا يوجد لدينا معلومات تمكننا من الدخول على الخط لحل الموضوع، كأن نجلس مع الفتاة ونتعرف منها على الرقم السري للتواصل بطريقة معينة مع الطرف الآخر، حيث لا يمكن بكل الأحوال ، أن نقتحم منزلها بهدف التعامل مع جهاز الكمبيوتر الخاص بها لنحل المشكلة، كي لا نفجر مشكلة بينها وبين أسرتها نكون نحن سببها، لذا فلن أنسى أبدا هذا المشهد الذي آلمني، حيث نعرف أن من ابتزها أول مرة سيفعل ذلك ثانية، وستبقى الفتاة حبيسة الرعب الذي يستمر معها لعدة أشهر أو حتى لسنوات دون أن تجد حلا!! علما أن معظم حالات الإبتزاز تتم بناء على قرصنة، إذ تتم سرقة الحسابات للإيميل أو للبروفايل على شبكات التواصل الإجتماعي، أو أن هناك شبّان سيئين يدخلون في حالات كثيرة بأسماء فتيات، ويتقن بعضهم إقناع الفتاة في الطرف الآخر بأسلوب الحوارأنه فتاة! وأن الأسئلة أو الإستفسارات هي من فتاة! فتطمئن الفتاة وتدخل في حوارات أكثر عمقا وسخونة! وهي لا تعلم أن المجهول ليس فقط شاب، بل شاب متمرس يتصيد فرصة للحصول على بعض خصوصياتها أو أسرارها ليبدأ عملية الإبتزاز!”
وحول النصوص القانونية المطبقة بما يتعلق بالجرائم الإلكترونية أوضح العقيد إبراهيم أبوعين قائلا” للآن نحن نستأنس بتطبيق نصوص قانون العقوبات الأردني، من خلال إسقاط بعض الجرائم على نصوص مثل التشهير أو إفساد رابطة زوجية..إلخ، مع ذلك بكل صراحة هذه نصوص جنحية وليست نصوص جنايات! فبعض هذه الجرائم لا يمكن أن نقول مثلا أنها تعتبر تحرشا جنسيا على سبيل المثال!! حيث بالقانون التحرش له أصوله التي يبنى عليها إعتماد أنه تحرش جنسي، ومن جانب آخر وللآن العقوبة لا تصل لأكثر من عدة أشهر في أحسن الاحوال، رغم أن بعضها وخاصة ما يتعلق منها بالإبتزاز الأمني تصل لأكثر من ذلك، لذا فأنا أدعو لأن تكون هناك منظومة قوانين صارمة ومغلّظة على من يستخدمون هذا الأسلوب، حتى لا يُسمح للعابثين التعدي على كرامة الناس”.