حملت مظلتي، ووقفت على ناصية الشارع بانتظار قدوم حبيبتي، وأنظر إلى الناس كيف يحثون الخطى كيلا تبتل ملابسهم، واقفا متبسما ومتلهفا غير مبال بهتون الأمطار التي أغرقت الشارع. تنهدت وتطلعت إلى الساعة ثم تلفت يمينا ويسارا فلمحت اطلالة وجه حبيبتي من بعيد وهي تنزل من السيارة وتتقدم نحوي بخطى ناعمة. تقدمت نحوها محدقا بصري ثم قلت وقد علت وجهي ابتسامة عريضة:
– صباح الخير يا حبيبتي! تبدين رائعة!
تبسمت وعانقتني قائلة:
– هيا بنا يا حبيبي الغالي.
سرت متأبطا ذراعها وأنا أشعر بالدفء على الرغم من قساوة البرد القارص. لم أكن أعلم إلى أين تأخذنا خطانا، إلا أن ما أشعر به هو الغبطة والسرور وأنا أسترق النظر إلى وجهها المفعم بالحياة وهي تدندن بصوتها الرخيم أحلى كلمات الحب، سرعان ما شرعت أغني معها وأشد على ذراعها بكل ود وحنان متطلعا في وجهها ومنشدا بصوت مسموع.
في هذه الأثناء سمعت صوت أحدهم وهو ينادي:
– انتبه يا هذا..
فإذا بسيارة مسرعة تصدمني وتلقي بي على الأرض.
فزعت من غفوتي وأنا أتلفت من حولي، فلم أجد أحدا سواي في الغرفة حيث كنت جالسا على الكرسي المطل على الشباك. تنهدت وقلت في سري:
“آه يا حبيبتي، أنظري، ها قد حل المساء وانقضى يوم آخر وأنت بعيدة عني. متى سألقاك يا غادة؟ لقد مرت أعوام وأنا هنا أنتظر حيران طلة وجهك الصبوح.. لِمَ كل هذا الجفاء؟ متى ستعودين إلى الديار؟”
افراح سالم جبار الربيعي