مشروع حكومة نتنياهو الفاشية..” جريمة حرب ” في الخان الأحمر بقلم : موفق مطر
قضية الخان الأحمر، كقضية حي الشيخ جراح، مع اختلاف ببعض التفاصيل والحيثيات، وجوهر القضيتين مرتبط جوهريا ليس بمصير القدس الشرقية عاصمة فلسطين المحتلة وحسب، بل بمصير دولة فلسطينية مستقلة مترابطة جغرافيا حسب قرارات الشرعية الدولية وأهمها القرار 19/ 67 الصادر سنة 2012.
الخان الأحمر قضية مصيرية ولا مجال أمامنا إلا الانتصار لها، باعتبارها امتحانا مكملا لامتحان الصمود والمواجهة القدس، يجب على القوى الوطنية الفلسطينية بدون استثناء اجتيازه بامتياز، فبدون الانتصار في معركة القدس التاريخية ومقدساتها، وامتداداتها التي تشمل بوابتها الشرقية ( الخان الأحمر )، فإن مصير المشروع الوطني الفلسطيني سيصبح في خطر كبير !.
للتذكير فإن المحكمة الجنائية الدولية تعتبر عملية هدم القرية وتهجير سكانها ” جريمة حرب ” ستدمر مستقبل آلاف الأطفال الشباب الفلسطينيين وتحول بينهم وبين نيل حقهم في التعلم، وتبقيهم مقطوعين عن محيطهم الطبيعي والعالم ايضا.
ندرك جيدا أن هدم قرية الخان الأحمر، ليس تلبية لجناحي الحكومة الفاشية ( الصهيونية الدينية ) و(العظمة اليهودية )، أو لتنفيذ وعد سابقاتها لجمعية “رغافيم” اليمينية المتطرفة بتنفيذ قرار هدم القرية، وضم أراضيها لمشروع الجمعية الاستيطاني وحسب، بل تطبيق لمنهج الاحتلال والاستعمار والتوسع وتهجير المواطنين الفلسطينيين أصحاب الأرض التاريخيين والطبيعيين التي أنشئت ( اسرائيل ) كلما أمكنها وكلما سنحت الفرصة للانقضاض على أرض فلسطين كافة والاستيلاء عليها وضمها، وهذا يفرض علينا اليقظة واستطلاع الأبعاد الحقيقية لأهداف منظومة الاحتلال الاستعماري الصهيونية ( اسرائيل ) السابقة واللاحقة وحتى المبيتة منذ تحقيقها عمليا بالتدرج على أرضنا بالاستيطان منذ المؤتمر الصهيوني في بازل عام 1897..فهدم قرية الخان الأحمر وتهجير سكانها، التي يملكون أرضها مثبتة رسميا بأوراق ملكية ( طابو)، وضم اراضيها الى مستوطنة “معاليه أدوميم”، لتمديد مساحة الاستيطان من شرق القدس المحتلة والمعروفة بـ”E1″ وصولًا إلى منطقة البحر الميت، ما سيؤدي فعليا الى شطر الضفة الغربية، بمجمع مستوطنات عريض” ضمن مشروع “القدس الكبرى” في خطة عشرية، أطلقت مرحلة جديدة في العام 1993، وهذا لن يتحقق إلا بإخلاء قرية الخان الأحمر من سكانها الفلسطينيين، باعتبارها مركز التجمعات البدوية المحيطة بغربي القدس المحتلة وشرقها، كالتجمع السكاني البدوي “جبل البابا” ببلدة أبو ديس، و”خلة الراهب” في أبو ديس، شرقي القدس، والعيزرية، فالسكان الفلسطينيون في هذه المناطق الواقعة شرقي القدس يفوق رقم تعدادهم عن 7 آلاف نسمة ويسكنون في 26 تجمعًا تعتبرهم منظومة الاحتلال عائقًا كبيرًا مانعًا لتنفيذ مشروعها الاستعماري المحدث، اهم اهدافه منع التواصل الجغرافي للمدن والقرى الفلسطينية الذي سيؤدي حتما لمنع قيام دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران من سنة 1967.
نؤكد هنا أن رفض سكان قرية الخان الأحمر وهم من عرب الجهالين كل البدائل المقترحة من سلطة منظومة الاحتلال وإصرارهم على بديل واحد وهو العودة لموطنهم الأصلي في بادية القدس التي هجروا منها قسرًا ما بين العامين 1952 و1953.. وبذلك يجسدون حق العودة بإصرار وثبات الى اراضيهم التي اجبروا على الهجرة منها، تهجير كان ضحيته ملايين من الشعب الفلسطيني خلال نكبتي 1948 و1967.
” لا تدعوهم يهدمون مدرستنا ” عبارة خطها أطفال بعمر البراعم هم تلاميذ مدرسة الخان الأحمر المختلطة، التي أنشئت عام 2009 بالتعاون مع منظمة مساعدات إيطالية “Vento Di Terra” لتعليم حوالي مئتي تلميذ من القرية وقرى وتجمعات اخرى منها تجمع أبو فلاح، وأبو رائج، عراره، والتبنه، أبو الحلو، مدرسة بنيت من مواد أولية بدائية كالطين وإطارات السيارات المستعملة ومساند خشبية، لأن سلطة الاحتلال الاسرائيلي منعت وصول مواد البناء اليها، لكن وسائل التعليم المستخدمة متقدمة، فهنا لدى كل تلميذ وتلميذة جهاز (لوح) الكتروني مع نظام ملابس موحد وزي جمعية الكشافة والمرشدات الفلسطينية بشعاره المعروف (كن مستعدا) على زهرة اللوتس التي يتوسط تويجتها الوسطى علم فلسطين.
لن يهنأ الفاشيون في سلطة الاحتلال ( اسرائيل ) إلا برؤية قرية الخان الأحمر مدمرة ميتة، لا حياة ولا روح فلسطينية على ارضها !! لكن أنى لهم تحقيق اضغاث الاحلام هذه فيما الشعب الفلسطيني وفي مقدمته الرئيس ابو مازن يعتبر ” معركة الدفاع عن الخان الأحمر، معركة كل الشعب الفلسطيني دفاعا عن مشروعه الوطني، والدفاع عن القدس بمقدساتها مصيرية.. وأن الشعب يزداد تمسكا بأرضه وثوابته ومقدساته، وأنه لن يفرط بذرة تراب فلسطينية مهما كانت شراسة الهجمة الاحتلالية ضد وطنه وأرضه ومقدساته”.