شفا – واصلت حكومة الاحتلال الإسرائيلي وبوتائر متسارعة مشاريعها الاستيطانية في الضفة الغربية والقدس المحتلتين خلال العام 2022، والذي شهد تصاعدًا وتضاعفًا في عدد الوحدات الاستيطانية ثلاث مرات عن العام الماضي 2021.
ووُصف العام 2022 بالأسوأ والأخطر على الفلسطينيين، لما شهده من تصاعد غير مسبوق في زيادة عنف المستوطنين، وارتفاع وتيرة الاستيطان وتوسيع المستوطنات، ومصادرة الأراضي الفلسطينية في الضفة والقدس، بغية تعزيز الوجود الاستيطاني وزيادة أعداد المستوطنين، وتغيير الوقائع على الأرض.
وشهد العام 2022 تسارعًا ملحوظًا في عدد المخططات الاستيطانية، في ظل المساعي الحثيثة لحكومة الاحتلال للسيطرة على المزيد من الأراضي الفلسطينية، وفرض الوقائع على الأرض ببناء وتوسيع المستوطنات وشرعنة البؤر الاستيطانية، وشق المزيد من الطرق الالتفافية، وخاصة بالمناطق المصنفة “ج” في الضفة الغربية.
وخلال هذا العام، استولت سلطات الاحتلال على 113435 دونمًا من الأراضي الفلسطينية لصالح الاستيطان، وصادقت على 114مخططًا استيطانيًا، وأقامت 2220 وحدة استيطانية.
وهدمت سلطات الاحتلال 950 مسكنًا ومنشأة، وأصدرت أوامر هدم لـ 2290 مسكنًا ومنشأة أخرى، واقتلعت وجرفت حوالي 18,900 شجرة، معظمها أشجار زيتون مثمر، وفق مركز أبحاث الأراضي.
تصاعد خطير
منسق الحملة الوطنية لمقاومة الجدار والاستيطان جمال جمعة يقول إن العام 2022 شهد تصاعدًا خطيرًا في عدد الوحدات الاستيطانية، وتضاعفت بوتيرة متسارعة وصلت إلى مستويات قياسية غير مسبوقة مقارنة بالأعوام السابقة.
ويوضح جمعة، أن عدد الوحدات الاستيطانية وصل خلال العام الجاري إلى حوالي 14 ألف وحدة تم إقرارها رسميًا في الضفة والقدس، جزء كبير منها جرى العمل على إقامتها، في المقابل جرى إقرار 6800 وحدة خلال العام 2021.
ويضيف أن حكومة الاحتلال تعمل على توسيع البؤر الاستيطانية بشكل كبير، لكن الأخطر من ذلك، مشاريع البنى التحتية الهائلة التي يجري العمل عليها في الضفة، ضمن سياسة الفصل العنصري.
وهناك ثلاثة مشاريع بنى تحتية ضخمة ما تزال قيد العمل، تتضمن إقامة طرق استيطانية التفافية كبيرة لتقسيم معالم الضفة المحتلة، منها مشروع “غوش عتصيون”، الذي يقطع باتجاه الشرق، ويلتف على مرتفعات الخليل باتجاه الجنوب لضم كل مستوطنات مشارف الغور في مجمع “غوش عتصيون”.
ويشير جمعة إلى أن الاحتلال يعمل أيضًا، على إقامة نفق استيطاني تحت حاجز قلنديا شمال القدس، لفصل مستوطنات شرق رام الله ونابلس عما يسمى خط “ألون” بشكل حيوي مع القدس والأراضي المحتلة عام 1948 عبر هذا النفق، وإنشاء مستوطنة ضخمة في مطار قلنديا تضم 9 آلاف وحدة استيطانية.
والمشروع الثالث، يبدأ من حاجز زعترة جنوب نابلس ويخترق بلدة بيتا ويلتف حول حوارة، لربط مستوطنات شرق نابلس مع خط “يتسهار” والمستوطنات القائمة على طول الخط الذي يصل حتى مدينة قلقيلية، وبالتالي توفير مسارات مفتوحة للمستوطنين في كل المستوطنات المشرفة على غور الأردن.
ويضيف جمعة أن من شأن هذه المشاريع أن تعزل غور الأردن بمنحدرات شرقية، تمهيدًا لعملية ضم الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية.
ويلفت إلى أن مدينة القدس تتعرض لعملية تهويد ممنهجة ومتسارعة، حيث تم خلال العام 2022، زيادة توسعة الاستيطان، وإقرار مشاريع في بلدة سلوان ومحيط البلدة القديمة، ووادي الجوز، وحي الشيخ جراح.
والأخطر خلال العام 2022، تصاعد سياسة تهجير الفلسطينيين لأجل تنفيذ مشاريع الاستيطان، وخاصة في مناطق (ج)، وأيضًا استهداف قرية مسافر يطا بالخليل المهددة بالضم، وهي معزولة عسكريًا، وجرى هدم تجمعات ومدارس فيها.
وشهد هذا العام، تصاعدًا غير مسبوق في هجمات المستوطنين ضد الفلسطينيين وممتلكاتهم في الضفة والقدس، وصل إلى ما يزيد عن 500 اعتداء، طالت مركبات ومنازل المواطنين، وحرق واقتلاع أشجار الزيتون، والاستيلاء على الأراضي، ونتج هذه الاعتداءات إصابات وشهداء.
العام الأصعب
وحول توقعاته للعام 2023، يقول جمعة إن العام المقبل سيكون الأسوأ والأصعب على الفلسطينيين من العام 2022، في ظل حكومة اليمين الإسرائيلي المتطرفة، والتي تدعم توسيع الاستيطان.
ويضيف “نحن أمام حكومة فاشية عنصرية يقوم برنامجها الأساسي على عملية الضم، ربما لن يكون بشكل رسمي لتفادي الغضب العالمي، لكننا سنشهد ثورة كبيرة في توسعة المستوطنات، وزيادة الوحدات الاستيطانية، وطرد الفلسطينيين والاستيلاء على مساحات واسعة من أراضي الضفة، وخصوصًا في مناطق(c)”.
ويتابع “نتوقع أن يكون العام المقبل سيئًا جدًا على قرية مسافر يطا والتجمعات البدوية في الأغوار الشمالية، وكذلك تعزيز سطوة وهجمات المستوطنين على الفلسطينيين، وقد نشهد مواجهات دامية مع هؤلاء المستوطنين”.
ويستوطن نحو 451 ألف يهودي في 132 مستوطنة و147 بؤرة استيطانية عشوائية في الضفة الغربية، و230 ألف مستوطن في القدس المحتلة.
أكثر تطرفًا
أما مسؤول ملف الاستيطان شمال الضفة غسان دغلس فيقول، إن حكومة الاحتلال عملت خلال العام 2022 على ضم الضفة ضمًا حقيقيًا، أي ضم الأرض بالمستوطنين دون الفلسطينيين، وهذا يعني إغلاقًا من طرف واحد للصراع الدائر منذ 100 عام، واعتبار “فلسطين بكاملها أرضًا تتبع لدولة الاحتلال”.
ويضيف أن” المجتمع الإسرائيلي انحاز انحيازًا عميقًا للأحزاب والعناصر الأكثر تطرفًا وحقدًا على الفلسطينيين، فما أن بلغت السياسة الإسرائيلية منحدرًا سحيقًا بأن يصبح مجرمون مثل سموتريتش وبن غفير وزراء في حكومة يقودها نتنياهو حتى أصبح ما تبقى من اتفاقيات مع الفلسطينيين أو تعهدات أمام العالم رمادًا تذروه الرياح”.
ويشير إلى أن المتطرف سموتريتش وضع خطة ومرر قانونًا في الكنيست ينص على تخصيص مليار شيكل من أجل تطوير الطرق الاستيطانية على أراضي الفلسطينيين في الضفة وشرقي القدس.