لم تكن تتوقع حركة حماس وفصائل المقاومة في غزة ردة فعل اسرائيلية كبيرة نتيجة تقدير خاطئ في قراءة الموقف الاسرائيلي، وأيضا للمبالغة في حساب تأثيرات الدور العربي وخاصة المصري في لجم النزعات الاسرائيلية.
ووفق المعلومات الراشحة عن حركتي حماس والجهاد، فإن قياداتها فوجئت بردة الفعل الاسرائيلية، وعبرت عن ذلك بما أعلنه ناطقوها الاعلاميون، من أن اسرائيل قامت بعملية تضليل لهم من خلال المعلومات، التي وصلتهم من بعض الاطراف العربية وخاصة المصرية، مما سمح لقيادات حركة حماس بالاطمئنان والتحرك بحرية، مطمئنة لما وصلها من معلومات، بأن اسرائيل ليست بوارد التصعيد، وان لديها الرغبة بتثبيت الهدنة. غير انها (اسرائيل) استغلت ذلك لاغتيال الجعبري ومرافقه الهمص، فضلا عن اصابة العديد من قادة كتائب القسام.
ورغم المفاجأة وشدة الصدمة الاولى، التي اصابت قيادة حماس إلآ ان كتائب القسام وسرايا القدس وكتائب ابو علي مصطفى وكتائب المقاومة الوطنية والوية الناصر صلاح الدين والجماعات الجهادية الاخرى، تمكنت من التقاط انفاسها والرد بما تبقى لديها من صواريخ، لا سيما وان صواريخ الغراد، والصواريخ المصنوعة محليا بعيدة المدى لم تصب باذى. واصابت الصواريخ الفلسطينية قلب تل ابيب لاول مرة، كما وصلت بالامس الى القدس.
واطلقت صفارات الانذار في كل من تل ابيب والقدس وبئر السبع والمستوطنات المحيطة بمحافظات غزة الشمالية والجنوبية والشرقية، وتم ايقاع اربعة قتلى اسرائيليين وعدد آخر من الجرحى.
رد المقاومة بالصواريخ على العمق الاسرائيلي كان بشكل غير مسبوق منذ (21) عاما خلت، أي منذ حرب الخليج الثانية عام 1991، رغم التحليق المكثف للطيران الاسرائيلي الحربي والاستطلاعي المترافق مع شن العشرات لا بل المئات من الغارات الحربية، ووجود اربعة مناطير محملة بكاميرات دقيقة لمراقبة الارض في محافظات غزة .
القيادة الاسرائيلية فوجئت ايضا بوجود صواريخ محلية بعيدة المدى، كما تفاجأت بوصول الصواريخ الى تل ابيب والقدس، وكذلك من ارادة الرد غير المسبوقة.
بالتأكيد موازين القوى تميل لصالح دولة اسرائيل، لا مجال لافتراض غير ذلك، لكن رغم الاختلال الفاضح لموازين القوى لصالح دولة الاحتلال، إلا ان ما حققته الفصائل احدث شكلا من اشكال توازن الرعب.
ما تقدم، لا يعني ان التوازن القائم الان، يمكن ان يستمر طويلا، لا سيما وان امكانيات وقدرات الفصائل التسليحية محدودة قياسا بما لدى جيش العدوان الاسرائيلي، كما ان العديد من مخازن الاسلحة تعرضت للقصف ودمرت، الامر، الذي يفرض حث الخطى لتثبيت هدنة اكثر صمودا من الهدن المجانية السابقة، لحماية ابناء شعبنا في محافظات القطاع. إلا ان المؤشرات المنبعثة من التطورات الجارية، تشير الى ان القيادة الاسرائيلية لا تقبل بأي هدنة، وتظهر فصائل المقاومة وكأنها ند لها. لأن التطورات الجارية على أرض القطاع تملي على القيادة، التي اجتمعت بالامس برئاسة الرئيس ابو مازن، المزيد من التحرك على كل الجبهات والمنابر للضغط على العرب والمسلمين والدول والاقطاب الدولية والامم المتحدة لوقف العدوان وقطع الطريق على أهدافه الاجرامية. وفي السياق تفرض الضرورة إرسال وفد قيادي من اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير واعضاء اللجنة المركزية لحركة فتح لمحافظات القطاع لتحمل المسؤولية الوطنية في ادارة المعركة، ودفع عملية المصالحة للامام، ولعل ما أعلنه الرئيس عباس من ايفاد وزير الخارجية الدكتور رياض المالكي مع عدد من وزراء الخارجية العرب يشكل المدخل الطبيعي للخطوة المشار إليها آنفا. ولقطع الطريق على الحسابات الفئوية لحركة الاخوان المسلمين وانصارها.