هم ليسوا ثلاثين شخصا!!! بقلم : بقلم : نبيل عمرو
كل يوم، يصحو الوطن مع نبأ يقطر دما..
ان اسواء ما يلوث القيم الإنسانية ان يتحول من يقتلون الى ارقام..
بالأمس واحد وأول امس اثنين والليلة التي انقضت خمسة وهنالك موت بالتقسيط، حيث يفشل الأطباء في انقاذ حياة جريح فتعلن وفاته بعد أسابيع، لتستعد المشافي لاستقبال اعداد جديدة وكذلك السجون والمقابر.
هذه الصورة بكل خلفياتها وابعادها هي صورة حياتنا، بحيث صار الموت جزءا من يومياتنا مثلما هو شرط حياة لمحتلينا.
من الأمور النادرة في تاريخ الاحتلالات والتي أصبحت قانونا ثابتا في إسرائيل ، تحول الدم الفلسطيني المراق الى أصوات تحسم امر من يتطلع الى الفوز وفق مبدأ من يقتل اكثر يستحق السلطة اكثر .
حدث ذلك في مذبحة الأيام الثلاثة التي نفذها تحالف لبيد غانتس في غزة، وها هو يحدث مثلها في الضفة ولكن على مدى اشهر كتبت روزنامتها بأسماء الشهداء.
السكين الإسرائيلي يغوص في الجسد الفلسطيني وحتى العربي، واذا كنا في فلسطين واقعين تحت ظلم موازين قوى في غير صالحنا ونجد شبانا يقدمون ارواحهم على عاتقهم الخاص فلنمد البصر الى محيطنا القريب فماذا نرى يا ترى .
سورية التي لم نندم يوما على وصفها بقلب العروبة النابض، تقصف عاصمتها في عز الظهيرة ولم يحن الوقت المناسب الموعود للرد!!. ولبنان توأمنا في المعاناة من إسرائيل يتأهب لترسيم حدوده البحرية معها بوساطة حاسمة من الشيطان الأكبر، وبمباهاة من حزب الله بأنه هو ولا احد غيره من حقق “هذا الإنجاز التاريخي”، ومنه لما هو أوسع منه فما زال في الامر حدود برية تنتظر الترسيم الذي لا مجال لعزله عن الاعتراف.
اما افضل من يقف معنا ويشعر بألمنا فليس لديه ما يقدم لنا اكثر من تعاطف مقرون برجاء ان يهدي الله إسرائيل وتذهب الى جادة الصواب بالانتقال من حربها الشرسة الى سلام هادئ فيه من الوهم اكثر بكثير مما فيه من الحقيقة.
وحولنا أي حاضنتنا الإقليمية والعربية فهي في حالة تسابق على تطبيع لم يتوقف عند اتفاقيات ابراهام العلنية اذ جاءها تعزيز تركي انتقل فيه خصوم الامس مع إسرائيل الى موقع عشاق اليوم.
وعندما ننظر حولنا ونرى ما نرى نجد انفسنا ملزمين بالنظر في مرآتنا لنرى ما هو افدح وامر :-
انقسام كلما خلنا اننا قطعنا خطوة نحو انهاءه نتقدم خطوات نحو تكريسه، وفصائل تختبئ وراء شبان عرين الأسود تبارك ما يفعلون ولا تصل حد التبني له .
وسلطة توجه رسائلها عبر بريد الى لا عنوان تارة للمجتمع الدولي الذي لا ناقة له ولا جمل في أي صراع او حل على مستوى العالم كله، وتارة للضمير الإنساني كي يرغم أوروبا وامريكا على ان تكف عن الكيل بمكيالين، أي ان يتعامل مع غزة ونابلس كما تتعاملان مع خاركوف وكييف!!
ورسائل لمن يتحدثون في حل الدولتين مناشدة إياهم ان يقرنوا القول السهل بالعمل الصعب ولكن لا حياة لمن تنادي.
الشعب الفلسطيني يتشبث بسلاح لم يخترع بعد السلاح المضاد الذي ينهيه ويلغيه هو سلاح العناد العابر للحسابات وسلاح التحدي الذي تجسده وتجدده مبادرات لم تكن لتخطر على بال الحسابات التقليدية، مهما بلغ تفوق الخصم في الإمكانيات على ما لدى الشعب الفلسطيني، الا انه ينتج عرين الأسود وقبلها عناوين كثيرة بذات المعنى وستكون عناوين اكثر اذا ما تواصل الاحتلال.
وهنا ماذا أقول اكثر مما قالته هآرتس بقلم رونيت مرزان، واقترح عدم الاكتفاء بما اقتبس وان يُقرأ المقال كاملا فقد نشر في القدس امس على الصفحة السابعة بعنوان ” هم ليسوا عرسات وليسوا فقط ثلاثين شخصا”.
“موت الشهداء – والقول لهآرتس- يتحدى النظام الابوي الفلسطيني يجب على الأمهات ان يحبسن الغضب وان يتفاخرن بشجاعة اولادهن وفي بعض الأحيان يتم اعطاؤهن المهدئ وحتى يتم ابعادهن عن جثمان الابن دون التمكن من عناقه قبل دفنه من اجل التأكد من ان الجنازة ستكون استعراضا للقوة والتفاخر والكرامة وليس بكاء هستيريا”
وتختتم هآرتس مقالها بخلاصة عميقة الدلالة تقول بالحرف الواحد ” بدلا من اغلاق التكتوك وبدلا من ان نسميهم “عرسات” وبدلا من ان نعتبرها حفنة تشمل بضعة اشخاص، من الجدير ان تبذل إسرائيل الجهود من اجل إطفاء المواد المشتعلة التي تذكي نار التمرد وربما هنا سنستفيد اكثر من إدارة حرب خاسرة ضد طواحين الهواء.