الصِّنْدِيدُ المَقدسي ، بقلم : مريم سميح سويطي
رجولة السلاح تنتهي بانتهاء مخازن الذخيرة , أما رجولة القلب , لا تنتهي إلا إذا توقف قلبك ” , وكأن الشهيد “عدي التميمي” يصف عمليتيه البطوليتين بهذه الكلمات التي أرفقها عبر حسابه قبل ثلاث سنوات , العبارة تحاكي الموقف الذي عايشه خلال مجابهته للعدو الغاشم , قبل 12 يوماً حمل بندقيته وأطلق النار بمهارة صوب حاجز مخيم “شعفاط ” وانسحب بسلامٍ تاركاً خلفة مجندة قتيلة وآخرون جرحى جراح بعضهم خطيرة, وجنود يدبُ في قلوبهم الرعب ويخيمُ عليهم هاجس الخوف والقلق , ليعود اليوم مجدداً مُقبلاً غير مُدبر شجاعاً لا يهاب الوغى , يقاتل ببسالةٍ غير آبهٍ لزخات الرصاص التي تحيط به من كل صوب وحدب ويشتبك مع العدو بالقرب من مستوطنة ” معاليه ادوميم ” , ويستمر في القتال حتى الرمق الأخير ليرتقي شهيداً ويرتوي تراب الوطن بدمائه .
شاب مقدسي حليق الرأس ابن ال 22 ربيعاً , استطاع أن يُوقفَ الكيان الهش على قدمٍ واحدة , وسلاحه الشريف وضح مدى هشاشة العدو , فأرعب العدو الصهيوني الذي فرض حصاراً مشدداً على مخيم شعفاط , وفشل الاحتلال بعد 11 يوماً من العثور عليه , وباتت العملية النوعية التي نفذها الشهيد “عدي التميمي ” حديث الشارع الفلسطيني مما وجدت حاضنة شعبية فبعد مطاردته من قبل الاحتلال تضامن أبناء مخيم شعفاط في مدينة القدس معه من خلال إزالة شعر الرأس في خطوة لإرباك العدو وتضليله و تعقيد عملية البحث عنه .
وفي ذات الوقت كان “عدي” يبحث عن العدو لينفذ عملية بطولية جديدة ويهز ببندقيته الترسانة الصهيونية والمنظومة الأمنية الإسرائيلية , ليبقى التاسع من أكتوبر راسخاً في مُخيلة كل فلسطيني فما أن أُعلن عن استشهاد المقاوم عدي , حتى خرج مئات الفلسطينيين في مسيرات تجوب جميع أنحاء الضفة الغربية والقدس , وغزة , يصدحون بأعالي صوتهم بالتكبيرات والهتافات حتى وصلت أصدائهم إلى كل المسامع نصرةً وتحيةً لروحه .
“نسمي أبنائنا لأعدائنا” , قد كان من عادات العرب أن يختاروا لأبنائهم أسماءً فيها بأس وشدة، وقوة ورهبة وصلابة ، ويقولون” إنما نسمي أبنائنا لأعدائنا” , لندرك اليوم لماذا سمى والد “عدي” ابنه “عدي” , فالعَديّ هو أول من يبدأ بمهاجمة العدو وقتاله , يطلقون النار عليه فيسقط أرضاً ويعاودُ الوقوف للقتال مجدداً , رصاصةً تلو الأخرى تصيب جسده ويستمر المقدام المغوار ” عدي ” في الوقوف في وجه العدو وظلمه ليصنع من دماءه قنديلاً يضيء درب الحرية , ومن جسده الطاهر جسراً يعبر به نحو العلياء حتى آخر رمق حتى أخر طلقة حتى آخر رعشة في جسده يستمر..