خمسة وتسعون عاما مررت على إهداء فلسطين من قبل من لا يملك لمن لا يستحق,خمسة وتسعون عاما تمر ومازال شعبنا يكوى بتلك النيران التي أشعلها هذا الوعد في جسد كل مواطن فلسطيني,خمسة وتسعون عاما ومازال شعبنا إلى اليوم يكافح من أجل أن يكون له وطن فوق أرضه وتحت شمسه ,خمسة وتسعون عاما ومازال نهش الصهاينة وتخريبهم وتدميرهم وسلبهم وطردهم وقتلهم لكل من يمت إلى هذه الأرض بصلة من أجل أن تصدق مقولتهم( أرض بلا شعب لشعب بلا أرض) ,خمسة وتسعون عاما ومازال شعبنا يعيش الأمل ويعمل ويضحي ويقاسي كل أصناف العذاب ,خمسة وتسعون عاما والعالم إلى اليوم لم يعمل على أعادة الحق المسلوب إلى أصحابه ,خمسة وتسعون عاما ولم تتحقق الأحلام الصهيونية بأنه سيموت الكبار وينسى الصغار
في ذكرى مرور خمسة وتسعين سنة على وعد بلفور الذي غدا/ 2/11/2012 “وعد من لا يملك لمن لا يستحق إن مرور 95 سنة على إصدار الوعد المشئوم لم ينسي الشعب الفلسطيني هذه الذكرى الأليمة وارتباطها بنكبة فلسطين، فلقد كرس الوعد الانتداب البريطاني على فلسطين ومهد الطريق لارتكاب المجازر بحق المدنيين الآمنين من الفلسطينيين، واحتلال فلسطين من قبل العصابات الصهيونية، وتشريد أكثر من 900,000 إلف فلسطيني في العام 1948 وصل عددهم إلى أكثر من سبعة ملايين لاجئ في العام 2012، وتسهيل هجرة اليهود إلى فلسطين.
من هنا على الحكومة البريطانية أللاعتذار من الشعب الفلسطيني عموما واللاجئين منهم على وجه الخصوص على الوعد المشئوم، وعما سببه الانتداب البريطاني على فلسطين من معاناة للفلسطينيين طوال عقودا من الزمن. في المقابل يجب على وكالة “الاونروا” بضرورة إدراج مادتي تاريخ وجغرافية فلسطين في مناهجها الدراسية لا العمل على تدريس (الهولوكوست اليهودي)واعتبار(الهولوكوست الفلسطيني )المتمثل في وعد بلفور من المواد الرئيسية للتدريس.
أن قضية اللاجئين الفلسطينيين ستبقى حيوية تناقلها الأجيال حتى يتحقق وعد العودة ويسقط الوعد المشئوم، وجموع الجماهير الفلسطينية اليوم تعرب عن تفاؤلها بان المتغيرات التي تحصل في العالم العربي حتما ستنعكس آجلا على القضية الفلسطينية عموما وقضية اللاجئين وحقهم في العودة على وجه الخصوص، إذ لا قيمة لأي متغير دون قضية فلسطين المركزية.
أن الباطل الذي تمثله الدولة العبرية اليوم في خلال هذا الكيان اللقيط ,ونكران الحق الذي يمثله شعبنا الفلسطيني على الرغم من حالة التنكر من قبل قوى الشر في العالم ليس ألا نتاج مكر ودهاء وتأمر الصهاينة قبل خمسة وتسعون عاما ,حين تمكنوا من الحصول على هذا الوعد المشئوم من وزير خارجية بريطانيا آرثر بلفور
إن من لا يملك أعطى من لا يستحق، وكانت النتيجة أن فلسطين تحولت إلى أكبر قاعدة صهيونية استعمارية استيطانية ، وشعبها تحول إلى مجموعات من اللاجئين بعدما أهدرت حقوقهم وسلبت أرضهم، وأصبح الكيان الصهيوني هو بؤرة الإرهاب والخنجر المسموم الذي قطع أوصال الأمة وفصل مشرقها عن مغربها. هذا الذي يعاني منه شعب فلسطين الآن، ومعه الأمة العربية، هو نتيجة لذلك الوعد الذي أعطاه وزير الخارجية البريطاني آنذاك بإنشاء وطن قومي لليهود على ارض فلسطين، والذي استهدف إزالة شعب وأرض من على وجه الكرة الأرضية.
رغم ذلك، فإن الشعب الفلسطيني الذي كان ضحية مؤامرة الدول الغربية عليه، وإن كان لم يتمكن من إفشالها، ورفض الإذعان والتسليم لما أراده الأقوياء والاستعماريون, يذكر أن المؤتمر الصهيوني الأول الذي عقد في بازل عام (1897م ) نقل فكرة الصهيوني من مرحلة التنظير إلى حيّز التنفيذ، فقد حاول “هرتزل” الحصول على وعد من “تركيا” – صاحبة السيادة على “فلسطين” – لإنشاء وطن لليهود فيها، وسعى “هرتزل” إلى مقابلة السلطان “عبد الحميد”، وحاول رشوته بمبلغ عشرين مليون ليرة تركية، مقابل الحصول على فلسطين، ولكن السلطان رفض , ولكن ذلك لم يُثنِ “هرتزل” عن المضي في العمل على تحقيق مشروعه، وبدأ اليهود ينشرون فكرتهم على نطاق واسع في أوروبا، ووجدت الفكرة صدًا وتجاوبًا لها في الغرب لدى عدد من الساسة والزعماء، وكان “آرثر بلفور” – وزير الخارجية البريطاني آنذاك- من أكثر المتحمسين لها، وفي 2 نوفمبر أصدرت خارجية بريطانيا وعدا لليهود بإقامة وطن، وفي عام 1948 تحقق الوعد وقام الكيان الصهيوني
منذ وعد بلفور وحتى الآن، دفع الشعب الفلسطيني ومعه الأمة العربية ثمناً باهظاً جداً لمواجهة مفاعيل المؤامرة والتصدي لها ولتأكيد أن حقاً لا يموت ووراءه مطالب. لقد اثبت الشعب الفلسطيني طوال سنوات نضاله المديد انه الشعب الحي الذي لا يموت، وأنه صاحب الحق الذي لا يساوم عليه، وأنه وحده صاحب الأرض التي لا يملك أحد أن يخضعها للقسمة , وقد صدر “وعد بلفور” عام 1917 وحمل اسم وزير الخارجية البريطاني آنذاك آرثر بلفور، وهو عبارة عن تعهد بريطانيا بتأسيس وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين، وبذل غاية جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية. وفي الوقت نفسه أرسلت “بريطانيا” رسالة إلى “الشريف حسين” شريف مكة، تؤكد فيها أنها لن تسمح بالاستيطان في “فلسطين”. وقد اتخذ اليهود من “وعد بلفور” ذريعة لقيام دولتهم، وأشار إليه إعلان قيام “إسرائيل”
دوافع وعد بلفور:
– دافع أنساني رغبة من وزير خارجية بريطانيا بأن يوجد وطن قومي لليهود
– وهناك يساق دافع ’خر وهو أن هذا الوعد كان مكافأة من وزير خارجية بريطانيا إلى العالم الصهيوني حاييم وايزمان نتيجة للأبحاث الذي قدمها وخدمت بريطانيا
– .وعد الوعود
هذا كله أعطى الوعد قيمة قانونية دولية بغض النظر عن صحتها، وأصبح مرجعا فعالا للاعتراضات اليهودية والصهيونية لكل ما يعتقدون أنه يخالف نص هذا الوعد أو تفسيراته.
مر خمسة وتسعون عاما على وعد بلفور ولا تزال له أهميته، لأن ما سمي بالوطن اليهودي في هذا الوعد لا يزال يتمدد ويأكل من وطن كان للفلسطينيين خاصة أن ردود فعل الدول الكبرى -المؤثرة- على الوعد حين صدوره كانت مفعمة بتأييد واضح لاستبدال اليد العليا العربية في فلسطين باليد العليا لليهود، فوقتها أيدت الوعد فرنسا وإيطاليا وأميركا بطريقة تسمح للبعض بالقول إن وعد بلفور كان وعدا غربيا وليس بريطانيا فحسب، أو أنه تأييد يرقى إلى منزلة “الوعد”، خاصة من أميركا التي تشاركت النفوذ البريطاني في فلسطين في مراحل لاحقة قبل أن ترثه. فالكونغرس الأميركي أصدر عام 1922 قرارا أيد فيه وعد بلفور بإقامة وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين، وقد تقدمت هذه السياسة مع تزايد النفوذ الأميركي في المنطقة حتى أصبح تعهدا إستراتيجيا أميركيا برعاية إسرائيل وحمايتها.
وقد مرت خمسة وتسعون عاما على وعد بلفور ولا تزال له أهميته، لأن ما سمي “بالوطن اليهودي” في هذا “الوعد” لا يزال يتمدد ويأكل من وطن كان للفلسطينيين -وفيه مقدسات للمسلمين- وتسبب في تشريد الملايين فضلا عمن قتل.
وعند كل ذكرى سنوية لوعد بلفور أصبح من الطبيعي أن يحي شعبنا هذه الذكرى المأساة التي يعيشها ,كذالك أصبح من الطبيعي مطالبة بريطانيا الاعتذار عن هذا الجرم كذالك مطالبتها بالعمل على أعادة الحق لأصحابه والوقوف إلى جانب شعبنا من أجل تحقيق أهدافه
تمر هذه الذكرى والقيادة الفلسطينية اليوم تصارع على أكثر من جبهة ,فمنها الداخلية من أجل العمل على أعادة اللحمة للوطن الممزق ,لكي تتمكن من تجميع الجهد الوطني في صراعنا مع القوى التي تعمل على أبقاء شعبنا وقضيتنا بعيدا عن الحل السياسي ,ومن اجل الاستمرار في حالة التنكر لحقوقنا الوطنية ,على الرغم من مئات القرارات الدولية التي تنص على وجوب تحقيق أهدافنا الوطنية وأبرزها القرارين 181/194 ,كذالك مطالبة الأمة العربية والإسلامية للوقوف بشكل جدي مع شعبنا وقيادتنا في هذا التحدي الذي يحتاج مقدرات ومواقف الجميع
والسؤال المطروح ألان من الفلسطينيين والعرب والمسلمين متى يتحقق الوعد الذي أطلقه الرئيس الأمريكي باراك أوباما في (2009) بإقامة دولة لهم وأن أمريكيا لن تدير ظهرها لمعاناتهم ,بالطبع كان هذا محاولة من أول رئيس أسود يدخل البيت الأبيض لتحسين صورة أمريكيا التي ساءت نتيجة الممارسات القذرة في كل من العراق وأفغانستان ,ونتيجة للخدمات الأمنية أو الصمت عن كل الجرم الأمريكي في هاتين الدولتين .فمتى يتحقق هذا الوعد؟؟؟
نبيل عبد الرؤوف البطراوي
2/11/2012