أن الوعي بالتاريخ ليس مجرد قراءته هو سلاح من أمضى الأسلحة في صناعة المستقبل ,من هنا تأتي الأهمية بالوعي بمكانة القدس في التاريخ العربي وبمكانتها في العقيدة الإسلامية,فهو السلاح المحرك للملكات والطاقات ,والسبيل لإنعاش الذاكرة بالحق السليب ,حتى يأتي اليوم الذي تجتمع فيه للأمة الإرادة مع الإدارة الذي تعيد لها هذا الحق المسلوب
القدس قضية وطنية بالنسبة إلى 12 مليون فلسطيني وهي قضية قومية عربية بالنسبة لثلاثمائة مليون عربي، هي قضية إسلامية بالنسبة لمليار وستمائة مليون مسلم وأيضا هي قضية إنسانية بالنسبة لكل إنسان على ظهر هذه الأرض يؤمن بالتحرر الوطني ويؤمن بتحرير الأراضي المحتلة والأراضي المستلبة، إذاً القضية قضية القدس قضية مركبة وليس لها بعد واحد وإنما هي جامعة لكل الأبعاد الدينية الوطنية السياسية الشرعية القومية الإسلامية الإنسانية أيضا.
المصالح لا تمشي عارية على أقدامها وإنما تغلف بأيديولوجيات سواء أيديولوجيات عنصرية أيديولوجيات حضارية أيديولوجيات سياسية أو أيديولوجيات دينية
فقد صنع البابا في الحروب الصليبية لهم مفاتيح الجنة المفاتيح البطرسية، قال لهم اذهبوا خلصوا قبر ابن الله -اللي هو المسيح عليه السلام- وخذوا ثروات الشرق التي تعادل خزائن السماء والقدس والأرض التي تدر سمنا وعسلا، هنا كانت الأبعاد الاقتصادية الإمبريالية الاستعمارية تغلفها الأفكار الدينية .
فمنظمة كاهانا الصهيونية قالت القدس يهودية لأن اليهود يصلون للقدس كما أن مكة إسلامية لأن المسلمين يصلون إليه، هل الصلاة إلى مدينة تعني احتلال المدينة واحتكار المدينة؟ فالمسلمون في كل أنحاء العالم يصلون باتجاه مكة هل يحتلونها؟ أيضا كل المسيحيين في العالم يصلون إلى القدس ليس معنى أن يصلي المسيحيون في وفرنسا وأميركا وإنجلترا وكل هذه البلاد يصلون للقدس أن يذهبوا فيحتلوا هذه المدينة، إذاً كون الإنسان يصلي أو أي شريعة تصلي وتتجه نحو مدينة من المدن هذا لا يعني أنهم يحتلون.
اليهود احتلوا القدس الشرقية سنة 1967 في حرب يونيو، منذ ذلك التاريخ إلى الآن قلبوا باطن الأرض في القدس كي يعثروا على حجر أثر لهذا الذي يسمى بالهيكل لم يعثروا على شيء، شحنوا وحشدوا كل علماء الآثار وكل الأجهزة وكل الأدوات وقلبوا الأرض حفروها خنادق وممرات وأنفاق ، لم يجدوا أثرا لهذا الهيكل.
وهنا السؤال هل وجود أي أثر ديني أو معبد أو مقدس في أي بقعة من بقاع الأرض يعني الذهاب إلى هذا المكان وتدمير الحاضر والمستقبل من أجل أثبات خرافة وأسطورة لا وجود لها ألا لتكون وازع احتلالي تدميري عنصري ,والشواهد على وجود أثار للأمم عند بعضها كثيرة فهل يعني وجود الآثار والمساجد الإسلامية في الدول التي وصل أليها العرب والمسلون تعني احتلال هذه البقاع وتدميرها؟
هل وجود الأعمدة والكنائس الرومانية القديمة في كثير من البلدان يعني احتلال وتملك تلك البلاد؟وللقدس تاريخ مع الاحتلال الإسرائيلي ففي العام 1948تم احتلال الجزء الغربي من المدينة ,وتم طرد نحو ثمانين ألف فلسطيني منها,وأتمت احتلالها لجزء الشرقي منها في العام 1967م,وفي هذا العام أعلن الكنيست الإسرائيلي القدس عاصمة موحدة لإسرائيل,لقد كانت مساحة مدينة القدس عشية احتلالها في عام 1967م 44كيلو متر مربع ,ولكن الحكومات الإسرائيلية المتتالية واصلت توسيع حدود المدينة إلى أن وصلت اليوم الى 126كيلو متر مربع ,حيث ضمت أراضي عربية محيطة وأخرجت تجمعات فلسطينية لتحد من الوجود العربي في هذه المدينة ,لقد أقامت إسرائيل 12 مستوطنة على أراضي القدس الشرقية يسكنها اليوم نحو مائتي ألف مستوطن,كما قامت بإقامة شبكة مواصلات لربط بين هذه المستوطنات من أجل تغيير معالم المدينة ,كما قامت بتحويل التجمعات العربية فيها إلى معازل وكنتونات ,كما من الممكن أن تلمس هذه الوحشية اليومية من خلال السيطرة على البيوت العربية ورفع العلم الإسرائيلي عليها تحت حماية الجيش الإسرائيلي,يقدر نسبة السكان العرب اليوم في القدس بنحو 35% في حين اليهود نسبتهم 65% ,وفي العام 1994 عملت إسرائيل على عزل القدس عن محيطها العربي قامت بمنع الفلسطينيين سكان الضفة الغربية وقطاع غزة من دخولها حتى للصلاة ألا وفقا لشروط الإسرائيلية,كما قامت إسرائيل بمصادرة ما أمكن مصادرته من الأرض إضافة إلى منع الفلسطينيين من البناء من أجل تضييق الخناق عليهم وإجبارهم على ترك المدينة ,وفي العام 2001 قامت إسرائيل بإغلاق بيت الشرق الذي كان بمثابة المقر الرسمي للمنظمة التحرير الفلسطينية كما قامت بإغلاق العديد من المؤسسات الفلسطينية في مسعى منها للحد من أي وجود فلسطيني في المدينة ,واليوم نجد إسرائيل تعمل على منع أي نشاط ثقافي عربي فلسطيني في القدس تحت كثير من الحجج والمبررات الكاذبة والقصد الحقيقي هو محاولة أخفاء الوجه الحقيقي للمدينة .
وهنا لابد من التذكير بأن اليهود في فلسطين في العام 1918 كان عددهم 55 ألف يعني 8% من السكان يملكون نصف مليون دونم يعني 2% من أرض فلسطين، يعني 8% من السكان يملكون 2% من الأرض، في سنة 1948 عند إقامة إسرائيل كان عدد اليهود 646 ألفا يعني 31% – بعد كل ما فعلت بريطانيا أصبح اليهود يملكون مليون وثمانمائة ألف دونم يعني يملكون 6% من أرض فلسطين، قرار التقسيم أعطى لمن يملك 6% من الأرض أعطاه 54% من الأرض وترك للعرب اللي يملكون 94% ترك لهم 45% وبعد هذا احتلوا كل فلسطين.
واليوم في ظل الهجمة المسعورة على القدس أرضا وشعبا وعقيدة وتاريخ ما واجب المسلمين نحوها؟والسؤال ماذا صنع، كتابنا ماذا صنعوا للقدس وماذا كتبوا عن القدس؟ ناشرونا ماذا نشروا من الكتب عن القدس؟ مساجدنا أين مكان القدس على منابرها ودروسها؟ مناهجنا التعليمية أين مكانة القدس في هذه المناهج؟ جوائزنا التي تعطى للإبداعات أين مكانة القدس فيها؟ صحافتنا فضائياتنا أين مكانة القدس فيها؟ أين قصص الأطفال التي تتحدث عن القدس وتاريخ القدس وعروبة القدس؟ أين القصص التي تتحدث عن عمر بن الخطاب الذي دخل القدس فوجد الرومان قد أحالوا أماكنها المقدسة إلى أماكن للنفايات فكان يفرش رداءه ومعه صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أعادوا الطهر والطهارة إلى الأماكن المقدسة في فلسطين وفي القدس، أين هذا من ثقافة المسلمين والعرب؟ أين الكلام عن صلاح الدين؟ صلاح الدين الذي طبق العقيدة الإسلامية فيما يتعلق بالقدس وكتب إلى ريتشار قلب الأسد يقول له، القدس إرثنا عرج نبينا إلى السماء وفي القدس تجتمع الملائكة، لا تفكر بأنه يمكن لنا أن نتخلى عنها كأمة مسلمة، أما بالنسبة للأرض فإن احتلالكم لها كان في فترة فيها السلطة ضعيفة.
واليوم أين أمتنا من هذه المدينة التي اشتاقت لعبق التاريخ اشتاقت لرائحة عمر بن الخطاب وصلاح الدين وجحافل جيوش المسلمين وفي غمرة الانتظار تتساءل أين تذهب فوائضنا النقدية ؟أين تذهب صفقات السلاح الفلكية؟لماذا القواعد العسكرية التي تغطي أرضنا العربية؟ماذا لو وضعت كل المصالح الغربية والأمريكية في كفة وتحرير القدس وفلسطين في كفة ألا يحرج هذا صناع القرار في العالم أمام شعوبهم ؟ألا يجعلهم يفكرون كيف يربطون مصالحهم ببعض الملايين من اليهود ويبتعدون عن مليار ونصف المليار مسلم ؟لماذا لا توضع تلك الأوراق على الطاولة من قبل الحكام العرب والمسلمين ؟ماذا ينتظرون ؟
وهنا حين نتحدث عن القدس لا نتحدث عن مجرد أرض محتلة أو عاصمة مغتصبة ,بل نتحدث عن التاريخ والعقيدة والحضارة العربية الإسلامية الأصيلة والحقيقية لا عن خرافات وخزعبلات وأوهام كاذبة أرادة الحركة الصهيونية أن تجعل من هذا الزيف غطاء ورداء لعورتها النتنة فرفضت في البداية أن تقيم مشروعها الاستعماري في أي مكان من تلك الأماكن التي عرضت عليها من قبل قوى الاستعمار ليس لشيء ولكن لأنهم اعتقدوا بأنه بإمكانهم أن يزوروا التاريخ ويغيروا فيه في لحظة ضعف الأمة وانحطاط الحكام الذي قال فيهم الشاعر العربي الكبير مظفر النواب
أقسمت بتاريخ الجوع
ويوم السغبة
لن يبقى عربي واحد
أن بقيت حالتنا هذي الحالة
بين حكومات الحسبة
****
القدس عروس عروبتكم؟؟
فلماذا أدخلتم كل زناة الليل حجرتها
ووقفتم تسترقون السمع وراء الأبواب لصرخات بكارتها
وسحبتم كل خناجركم, وتنافختم شرفا
وصرختم فيها أن تسكت صونا للعرض؟؟؟
فما أشرفكم!
أولاد أل….. هل تسكت مغتصبة؟؟؟
****
أولاد أل…..
لست خجولا حين أصارحكم بحقيقتكم
أن حظيرة خنزير اطهر من أطهركم
تتحرك دكة غسل الموتى
أما انتم
لا تهتز لكم قصبه!
نبيل عبد الرؤوف البطراوي
9/10/2012