شفا -نظم المركز الثقافي الفلسطيني الفرنسي ندوة دولية تحت عنوان “أريحا .. مدينة عالمية” حضرها هائل الفاهوم سفير فلسطين في فرنسا، وممثلين عن وزارتي الثقافة والخارجية الفرنسية، وممثلي عدد من البلديات الفرنسية، وحشد كبير من المهتمين غصت بهم قاعة المركز الثقافي السويسري في باريس الذي استضاف هذه الندوة.
وافتتحت الندوة أمينة الهمشري العضو المؤسس في المركز الثقافي الفلسطيني الفرنسي التي قدمت لمحة عن المركز الوليد الذي لم يبلغ بعد شهره الثاني، وشرحت اهدافه المتمثلة بتشجيع التعاون الثقافي الفلسطيني الفرنسي وتأطير الطاقات الثقافية والفنية والأكاديمية من البلدين خدمة للثقافة التي اعتبرتها الهمشري حاجة انسانية عليا.
وقامت كاترين سعادة مديرة الانشطة في المركز الثقافي السويسري في باريس بالترحيب بالمركز الثقافي الفلسطيني الفرنسي في أول نشاطاته بعد الإعلان عن تأسيسه الشهر الماضي، وعبرت عن سعادتها وسعادة العاملين في المركز الثقافي السويسري بباريس لاحتضان هذا الحدث الذي يتناول مدينة تعتبر أقدم مدينة مأهولة في العالم. وأبدت استعدادها لاستضافة نشاطات اخرى للمركز الثقافي الفلسطيني الفرنسي.
ثم صدح صوت الشاعر الفلسطيني الكبير الراحل محمود درويش في أرجاء القاعة مصاحباً بموسيقى الثلاثي جبران في القصيدة الرائعة ” لا شيء إلا الضوء”.
ابتدأت أعمال ندوة “أريحا.. مدينة عالمية” بمداخلة تاريخية ـ أركيولوجية هامة قدمها الدكتور حمدان طه وكيل وزارة السياحة والآثار وأحد كبار المتخصصين في أركيولوجيا فلسطين، حول أقدم مدينة مسكونة شهدت أول مجتمع مستقر يعتمد على الزراعة وتدجين الحيوانات بعد انتقال سكانها من مرحلة الصيد والتقاط الثمار، وسرد الدكتور طه، بالصور وبالرسوم الإيضاحية، المراحل التاريخية والحقب الزمنية والحضارات الانسانية التي تعاقبت على مدينة أريحا شارحاً سمات كل مرحلة ومميزاتها الآثارية من خلال الحفريات التي أجرتها فرق بحثية أجنبية وفلسطينية في التلال المحيطة بالمدينة كتل السلطان وتل العلايق. وأشار الباحث في مداخلته إلى تناقض الدلائل الأثرية التي تنتمي لمرحلة دخول يوشع بن نون إلى أريحا مع الروايات التوراتية، وهي النتيجة التي خلصت إليها الباحثة الأركيولوجية البريطانية كاثرين كينون.
وركز الدكتور حمدان طه على مدينة أريحا في فترتي المسيحية والاسلام حيث تشهد الآثار على وجود أكثر من ثلاثين ديراً بعضها ما زال مستمراً حتى الآن، بينما اصبحت أريحا جزءاً من تنظيم جند فلسطين في المرحلة الاسلامية وأصبحت مقراً شتوياً للخلفاء الأمويين حيث بنى الخليفة هشام بن عبد الملك قصر هشام المعروف في أريحا ووجدت تماثيل منها تمثال الخليفة الوليد الثاني. وتحدث د. طه عن الفنون والحرف والزراعة في مدينة أريحا التي عرفت في الكتابات التاريخية الرومانية باسم “مدينة الحدائق”.
الدكتورة آنييس دوبوليه الاستاذة في قسم علم الاجتماع في جامعة باريس الثامنة تحدث برفقة الباحثة المعمارية صوفي روا وانتوان دوبوس المتخصص في هندسة المدن عن رحلتهم البحثية إلى مدينة أريحا بالتعاون مع بلدية المدينة بهدف دراسة مشروع إعادة تأهيل مركز المدينة والساحة الرئيسية فيها المعروفة باسم ساحة فلسطين، حيث تناولت المداخلة الجماعية جوانب معمارية وسوسيولوجية وبيئية تمتاز بها المدينة كما تناولت المشكلات التي تعاني منها المدينة ومجتمعها والطرق المطروحة لحلها.
وعبر تقنية الفيديو كونفرانس من رام الله، تحدثت الفنانة والاستاذة في جامعة بيرزيت السيدة فيرا تماري والمهندس المعماري والمدرس المساعد في جامعة بير زيت يزيد عناني، عن التجربة الفنية التي ساهما بها بعنوان “معرض المدن” والذي تناول في جانب منه مدينة أريحا تحت عنوان “أريحا الأقرب إلى الأرض الأبعد عن السماء”.
وتخلل الندوة عرض فيلمين وثائقيين الأول تناول مشروع المهندس المعماري السويسري بيتر زومثور حول موضوع الحفاظ على اللوحات الفسيفسائية الرائعة الجمال والنادرة في قصر هشام في مدينة أريحا، بينما كان الفيلم الثاني توثيقاً لرحلة فريق بحث إعادة تأهيل مركز مدينة أريحا.
واختتمت أعمال الندوة بعرض مقاطع قصيرة من معرض بعنوان “أريحا .. تعارف” تنظمه بلدينة مدينة فيتري سور سن الفرنسية وسيفتتح في قاعة المجلس البلدي يوم السبت 6 أوكتوبر القادم ويوثق لرحلة قام بها مجموعة من شبان وشابات مدينة فيتري إلى أريحا.